٧٨- مفاجأة.

125 16 0
                                    

دخل محمود الصالون بمظهر أنيق للغاية، ورأى تهاني، فانجذبت عيناه إلى احمرار الخجل المطبوع على خديها. فغرق في بحر جمالها. ابتسم وأرسل لها غمزة سريعة متغزلاً بها.

محمود - (لنفسه): "نصبر ساعة يا حبيبتي، وسنبقى معاً!"

اقترب محمود من تهاني وتوجه إلى الحضور.

محمود: "اسمحوا لي، قبل أي شيء، أريد أن أقدم لحبيبتي هدية زواجنا!"

التفت محمود إلى تهاني بحب.

محمود: "هديتي يا حبيبتي هي أغلى شيء كنتِ تودين الحصول عليه وتشعرين بنقصه!"

نهضت تهاني من مكانها، تريد أن تخبره أنه أغلى وأهم هدية كانت تفتقدها في حياتها، لكنها توقفت عن الكلام عندما رأت حلماً يسير أمامها. لم تصدق عينيها عندما رأت والدتها تدخل مع إخوتها وأخواتها.

نظرت تهاني إلى محمود بكل حب وامتنان، وبكت فرحاً بحضور عائلتها في أهم يوم في حياتها. ركضت واحتضنت أمها بقوة بشوق، ووزعت عليها القبلات بغزارة. عانقت إخوتها وأخواتها واحداً تلو الآخر، واقتربت من محمود وهي سعيدة.

محمود: "ما رأيك يا حبيبتي في المفاجأة؟ لقد كنت أجهزها منذ أسبوعين!"

لم تستطع تهاني التعبير عن سعادتها، فتعلقت برقبته واحتضنته من الفرحة. استجاب لاحتضانها وأحاطها بذراعيه بقوة، مؤكداً لها أنه سيكون دائماً أمناً لها وسيسعدها بكل ما يستطيع. لقد كانت لحظة صادقة وبريئة بينهما، لم يستطيعا ترك بعضهما، لكن هناء خجلت من الحاضرين، خافت من أن يعتقدوا أنهما معتادان على احتضان بعضهما، فاقتربت منهما وهما غارقان في الحب، ورأت أن تهاني هي الأسهل لإيقاظها، لأنها تعلم أن شقيقها لا يهتم بأحد، فشددت على ذراعها.

هناء - بارتباك: "توتو، أول شيء دعينا نكتب كتابكما، ثم افعلي ما تريدين!"

ابتعدت تهاني عن محمود وجلست بجانب والدتها واحتضنت يدها من شدة الشوق. جلس المأذون بين محمود وشقيقها عمر، وعندما رأت تهاني محمود يضع يده في يد شقيقها ويبدأ المأذون في عقد قرانهما، لم تستطع تحمل المنظر وانهمرت الدموع من عينيها، ولكن للمرة الأخيرة.

كانت الحفلة صغيرة لكنها مليئة بالحب. اجتمعت قلوبهم بعد فراق طويل.

همس محمود في أذن تهاني.

محمود: "طلبت من عائلتك أن يبقوا هنا شهرين!"

تهاني - بسعادة: "وأهلي وافقوا؟!"

محمود: "بالطبع يا حبيبتي، تعرفين لماذا؟!"

تهاني: "ليستمتعوا بإجازة طويلة!"

محمود: "بالتأكيد، لقد كلفت أحمد بالإشراف على إجازتهم!"

تهاني - باستغراب: "أحمد؟!"

محمود: "لأنك في الشهر الأول ستكونين لي وحدي، وفي الشهر الثاني سأسمح لك برؤية أهلك يوم واحد في الأسبوع!"

ضحكت تهاني لأنها أدركت أنه يمزح معها ولن يمنعها من لقاء أهلها بعد أن أنهك نفسه في ترتيب حضورهم من بلدها.

محمود - بلهفة: "إذاً يا قلبي، دعينا نستعجلهم ليودعونا. سأقوم بطلب إذنهم لنغادر!"

مد يده ليحتضنها وأكمل كلامه في همس.

محمود: "ونغرق في أحضان بعضنا البعض عندما نكون في منزلنا وحدنا!"

شعرت تهاني بالرعب من مسألة وجودها مع محمود تحت سقف واحد، وخافت من حياتها الجديدة. رأتهما هناء من بعيد وفهمت من نظرة تهاني المرعوبة أنها تفكر في العودة إلى عالم الوحدة، ففكرت في إخافتها مرة أخرى وجعلها تنسى رعب الحياة الجديدة. اقتربت منهما.

هناء: "يا محمود، هل تعلم أن تهاني منذ لحظة واحدة كانت تريد الهرب من زواجها منك؟!"

قام محمود - بعصبية: "ماذا؟!"

قامت تهاني - برعب: "لماذا؟!"

خاف محمود أن تستمر تهاني في معاملة نفسها كطفلة بسبب قلة خبرتها في التعامل مع الناس. وفكر أنه إذا ذهبت عائلتها معهما لأخذهما إلى المنزل، فقد تشتاق لهم تهاني وتطلب العودة معهم.

التفت إلى تهاني بغضب وتحدث إلى هناء.

محمود: "هناء، بلغي الجميع أننا لا نريد أحداً يرافقنا، سنذهب وحدنا!"

أمسك يد تهاني بقوة.
محمود - بعصبية: "ستذهبين معي الآن من دون صوت!"

أومأت تهاني برأسها وسارت معه بخطوات سريعة إلى سيارته. فتح لها الباب.

محمود: "هيا، اصعدي بسرعة!"

ركبت تهاني سيارة محمود خائفة من عصبيته. والتفت ونادى أحمد.

محمود: "أحمد، أريدك أن تهتم بالضيوف وتأخذهم إلى مكان إقامتهم وتتأكد من راحتهم!"

أحمد - بابتسامة: "حاضر يا خالي!"

وقبل أن يركب محمود سيارته غمز لهناء، موضحاً أنه فهم طبيعة تهاني. لأنها سبق أن أوضحت له أنها ما زالت متأثرة بظروفها القديمة وستكون خائفة من حياتها الجديدة. ويجب عليه أن يتعامل معها بهدوء حتى تطمئن له وعلى حياتهما المستقبلية، لكنه فكر في هزها بقوة حتى تكبر وتتحمل المسؤولية.

ركب محمود سيارته والتفت إلى تهاني بتعبيرٍ قاسٍ.

محمود: "هل تريدين الهرب مني رغم كل ما أفعله من أجلك؟ ألا يثمر فيك الخير أبداً؟!"

تهاني - بخوف: "أنت لا تفهم أنا...!!"

محمود - مقاطعاً: "هششش، هل تظنين أنه إذا هربت ستكون نهايتك سعيدة مثل قصة سندريلا؟ لا، ستكون ليلتك ولا في الخيال، نهايتك ستكتب على يدي، وأرويها لحالات قسم الكسور وأنت نائمة معهم في عنبر واحد!"

وطبعاً تعرفون كيف مات قلب تهاني من الخوف.

تهاني - (لنفسها): "حتى أنت يا هناء، لماذا تتسببين لي مشكلة بعد أن فهمت أنني أخاف من أي خطوة في حياتي؟ ماذا يعني هذا؟ هل لا يوجد أحد سأتمكن من الثقة به؟!!"

ـــــــــ

 عشقت جميلتيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن