مقبرة الحب الأول

95 5 0
                                    

ذهبت عزة لزيارة شقيقتها الكبرى عزيزة ، شقيقتها الوحيدة والتى تكفلت بتربيتها بعد وفاة أمها وعمرها عشر سنوات ، ومن كانت تهون عليها مصاعب الدنيا ، تدين لها عزة بالفضل فى احتوائها وتعوضيها عن فقد أمها كما تدين لها بالفضل فى تعليمها وتجهيزها قبل أن يصيبها المرض وينهك جسدها النحيل .
استقبلتها عزيزة استقبالا حارا فى حين استقبلها أولادها استقبال الفاتحين ، لم يعد أحد يزورهم بعد وفاة والدهم سوى خالتهم عزة ، حتى أعمامهم جاءوا بعد وفاة والدهم مرتين أو ثلاثة على الأكثر ثم انقطعوا تاركين أولاد شقيقهم اليتامى بلا مصدر رزق سوى معاش بسيط سعت عزة بنفسها حتى حصلوا عليه ، حيث كان زوج عزيزة يعمل فى شركة قطاع خاص لم تؤمن عليه .
عزة : جيبت لك فاكهة وجبنة قريش حلوة من بتاعة زمان زى اللى ماما الله يرحمها كانت بتجيبها ، وجيبت لك خضار وفرخة ، هتعرفى يا بت يا نهلة تعمليها ؟
نهلة : أيوه يا خالتو ، ده أنا لهلوبة ، وأنا اللى بأعمل الأكل كل يوم .
عزة : شاطرة يا حبيبتى .
على : وأنا باجيب العيش والطلبات من برة وعلاج ماما من الاجزخانة ، بس آخر مرة الدكتور ما رضيش يدينى .
عزة : ليه يا حبيبى ؟
عزيزة : اسكت يا على .
عزة : فى إيه يا عزيزة ؟ قول يا حبيبي ما تخافش .
على : قال أما تجيبوا الفلوس اللى عليكوا .
عزيزة : طب والله لاوريك أما أقوم لك .
عزة : خدى يا عزيزة الفلوس دي خليها معاكى
عزيزة : كفاية اللى جيبتيه .
عزة : هما أهل جوزك الله يرحمه مش عارفين انك تعبانة ؟
عزيزة : يا اختي هيعملوا إيه يعني ؟ إذا كان أولادهم لحمهم لما بيتعبوا مابيعبروهمش .
عزة : مش عارفة إيه الناس دي ، مش كفاية كلوا حق العيال اليتامى .
عزيزة : ربنا كبير .
عزة : أنا قايمة ماشية ، عايزه حاجه ؟
عزيزة : ما تقعدى شوية .
عزة : عايزة أروح قبل ما يجى عمر ، لو عوزتى أي حاجه اتصلي عليا .
عزيزة : يا رب ما يحوجك لحد أبدا ، ويديكى الصحه ويهدي لك جوزك .

خرجت عزة من منزل شقيقتها وفى نيتها تنفيذ ما طلبته منها مديحة ، هى على استعداد لعمل أى شي من أجل شقيقتها الكبرى عزيزة ، لا تحتمل أن تراها محتاجة أبدا ، ولن تستطيع أن تطلب من عمر زوجها ، فعلتها مرة واحدة وكان رده جارح فتعهدت بعدم تكرارها .

عاد عبد الرحمن من الخارج مهللا
عبد الرحمن : شوفتى كرم ربنا يا سميرة .
سميرة : خير ؟
عبد الرحمن : جالى مجموعة من طلبة أزهر هاساعدهم فى بعض مواد التفسير والشريعة .
سميرة : بفلوس وإلا زى الكتاب ؟
عبد الرحمن : لا ، بفلوس وهاديهالك .
سميرة : أما أشوف ؟
عبد الرحمن : إيه أما أشوف دى ؟ ما أنا باديكى كل فلوسي .
سميرة : كل فلوسك ؟ ده أنت بتاخد 300 جنبه منهم كل شهر .
عبد الرحمن : يا حبيبتى دول بيخرجوا لله .
سميرة : وهما أخواتك مستحقين ؟ دول واحدة موظفة وجوزها شغال فى الكهربا والتانية جوزها مسافر .
عبد الرحمن : يا حبيبتى دى زيارة بأعملها كل شهر ، وصلة رحم عشان ربنا يكرمنا .
سميرة : وهو لا زم تشيل ؟ ما تروح تزورهم وخلاص طالما زيارة .
عبد الرحمن : وترضيهالى ؟ أدخل عليهم فاضى ؟
سميرة : أنا باقول كدة عشان بنتزنق آخر الشهر ، وأنت رافض تاخد حاجة من فلوسي ، حتى أمك رافض تاخد حاجة من معاشها ، مع أنه كبير وبتفرقه على إخواتك ، مع إن إحنا أولى بيه ، على الأقل إحنا بتاكل وتشرب معانا .
عبد الرحمن : عايزانى أخد منها تمن لقمتها ؟
سميرة : خلاص يا عبده اتفقت هتاخد منهم كام ؟
عبد الرحمن : لسة ما اتفقتش ، بس مش ناوى أضغط عليهم ، الناس غلابة ومضغوطة
سميرة : طب والنبى بلاش قلبك الطيب ده عشان ما تنقطنيش .
عبد الرحمن : يا سميرة ربنا بيعوض والحمد لله كارمنا آخر كرم .

مديحه : خدى يا عزة الفلوس أهى ، إحنا عملناها صغيره عشان تقدري تسديها ، روحي جيبي دقيق وسمنه وعجوة وسمسم واشتغلى على طول ، وأنا هاجيب لك ورقه فيها الطلبات اللي الناس محتاجاها .
عزه : خايفه قوي .
مديحه : يا بنتي اتكلى على الله ، هو انتي بتعملي حاجه غلط ؟
عزة : برضو خايفة ، ربنا يستر .
انتظروا الحلقة القادمة بإذن الله

مقبرة الحب الاولحيث تعيش القصص. اكتشف الآن