مقبرة الحب الأول

167 5 0
                                    

تناولت مريم إفطارها مع عزة وارتدت ملابسها واستعدت للذهاب إلى الكلية انحنت على عزة لتقبلها ، ثم قالت : أنا ماشية يا زوزو ، عايزة حاجة ؟
عزة : اتصلتى بياسر امبارح ؟ أنا ما كنتش رايقة امبارح عشان أسألك .
مريم : لا والله .
عزة : وبتحلفى ليه ؟ هو اتصل بيكى ؟
مريم : برضو لا .
عزة : اسمعى الكلام اللى هاقول لك عليه ، إياكى تتصلى بيه ، وإلا قسما بالله أزعل منك .
مريم : حاضر ، بس كدة هيضيع مني .
عزة : لو ضاع يبقي ما حبكيش وما يستاهلش تبكي عليه .

ذهبت مريم إلى كليتها وبالفعل التزمت بوعدها لعزة ، جن جنون ياسر ، مر ثلاثة أيام وأكثر ومريم لم تتصل به ، اتصل هو بها ، فوجئت مريم باتصاله ، شعرت بارتباك شديد واحتارت ماذا تفعل ، فكرت أن ترد عليه وتعتذر له وتقول له أن الهاتف كان ضائعا منها فى البيت وكان فى الوضع الصامت فلم تستطع الوصول له ، لكنها رأت أن هذه الحجة غير مقنعة ، كان بإمكانها أن تتصل به من أى هاتف آخر ، كما أنها لم تتصل به بعد آخر مشاجرة سوى مرتين وانقطعت عن الاتصال ، وبسرعة اتصلت بعزة .
مريم : الحقينى يا زوزو ياسر بيتصل ، أعمل إيه ؟
عزة : لو اتصل تانى ردى عليه رد بارد ، يقول لك ما بتتصليش ليه قولى له مش فاضية ، ما ردتيش على طول ليه قولى له ما سمعتش ،  يقول لك اتصلت تانى وكنتى مشغول ، قولى له باطلع التليفون لقيته بيرن قلت أرد الاول وبعدين اتصل عليك ، ما اتصلش تانى ما تتصليش ، فاهمة ؟
مريم : كدة هيقول مقصودة .
عزة : خليه يقول مقصودة ، ردك يبقى ناشف .
مريم : حاضر .

نفذت مريم ما نصحتها به عزة ، وأثناء خروجها من باب كليتها وجدته أمامها .
ياسر : ما بترديش ليه عى الموبايل ؟
مريم ببرود رغم اشتياقها الشديد له : انت اتصلت بيا ؟ ما سمعتش .
ياسر : أيوه من نص ساعة ، بعدها على طول كنتى مشغول .
مريم : أنا فعلا رديت على عزة من نص ساعة وما خدتش بالى إنك اتصلت .
ياسر : ماشى يا مريم براحتك ، أنا ماشى .
مريم ببرود مصطنع : مع السلامة . 
ياسر : ده آخر كلام عندك ؟
مريم : واحد بيقول أنا ماشى هأمسك فيه ؟
ياسر : ده فى حد غيرى بقى ؟
مريم : وإيه اللى يمنع ؟ حد بيحترمنى وداخل البيت من بابه .
ياسر : بقى كدة ؟ ألف مبروك .
قال ياسر هذا وانصرف ، فاتصلت مريم بعزة تخبرها بما حدث .
مريم : أنا نفذت كل اللي قلتي لي عليه ، ياسر جالي الكلية ، اتعاملت معاه زي ما قولتي ، اتخانق معايا وسابني ومشي .
عزة : ولا يهمك ، قلت لك لو بيحبك هيرجع ، هيرجع وهو بيحترمك ، ما رجعش يبقي ما بيحبكيش ومع السلامة .

استطاعت عزة أن تحتوى بنتيها بعد انفصالها عن والدهما ، أن تعوضهما غيابه بعض الوقت ، أن تمد جسور الود بينهما وبينه ، إلا أن عبد الرحمن فشل فى ذلك ، رغم حنانه الشديد والتصاقه بأولاده معظم الوقت ، إلا أن غياب أمهم أثر فيهم بشدة خصوصا فى حبيبة ابنته الكبرى ، ربما لكونها أكبرهم سنا وأكثرهم وعيا وقت الطلاق .
أصيبت حبيبة باكتئاب حاد ، جعلها منطوية بحجرتها معظم الوقت ، شاردة حزينة ، تنام كثيرا أحيانا وأحيانا أخرى يجافيها النوم باليومين ، تأكل كثيرا أحيانا وأحيانا أخرى تفقد شهيتها تماما ،  
لاحظ عبد الرحمن ذلك ، اقترب من ابنته حاول إخراجها من هذه الحالة .
عبد الرحمن : مالك يا حبيبة ؟
حبيبة : ما فيش .
عبد الرحمن : ما فيش إزاى ؟ انتى على طول قافلة على نفسك ، ما بقتيش تضحكى ولا تتكلمى مع حد ، مش دى حبيبة اللى أنا أعرفها .
حبيبة : هأخرج أروح فين ؟ وأتكلم مع مين ؟
عبد الرحمن : مالكيش أصحاب ؟
حبيبة : الناس هنا غيرنا ، فى السيدة كانوا شبهنا ، أنا هنا عاملة زى الغريبة .
عبد الرحمن : بلاش أصحاب ، ما بتقعديش ليه ما تيتة ؟ أنتى على طول كنتى معاها ، كانت روحك فيها ما بتفارقيهاش ، تدخل المطبخ تدخلى وراها علمينى ده يا تيتة ، تصلى تصلى زيها ، حتى لما كانت بتقعد في أوضتها كنتى بتقعدى معاه ، فى إيه ؟
حبيبة : ما بقاش ليا نفس لحاجة ، أدرك عبد الرحمن أن ابنته تمر بحالة نفسية سيئة ، وعلى الفور قرر الذهاب بها إلى طبيب نفسى .

عبد الرحمن : حبيبة تعبانة يا أمى ولازم تروح لدكتور .
الأم : ألف سلامة ، مالها ؟ إيه اللى بيوجعها ؟ ما هى كانت الصبح حلوة  .
عبد الرحمن : ما فيش حاجة بتوجعها ، لكن تعبانة نفسيا ، أنا هأسال عن دكتورة نفسية قريبة من هنا تتابع معاها .
الأم : ما تقولش الكلام ده ، البت عاقلة وزى الفل .
عبد الرحمن : مال العقل ومال حالتها النفسية ؟ المرض العقلى حاجة والنفسى حاجة تانية خالص .
الأم : تلاقيها بس محسودة ، أنا هارقيها وأقرا لها أنت سورة البقرة هتبقى كويسة .
عبد الرحمن : البنت على طول بتقرأ قرآن ، وما حدش هنا مركز مع حد عشان يحسده ، يعنى ممكن الجيران يكونوا بيشوفوها وما يعرفوش أنها بنتى ، البنت تايهة ومش مظبوطة لازم تروح لدكتور نفسى .
الأم : أنت هتعمل للبنت سمعة ما تتجوزش ؟
عبد الرحمن : يعنى عشان أعمل حساب الناس أضيع بنتى ، يا أمى أنا بتجى لى مكالمات من شباب كتير تعبان نفسيا ، فى منهم بيبقى على وشك الانتحار ، وفى شباب بتنتحر فعلا ، واللى حبيبة شافته مش شوية ، لازم نلحقها وإلا هتبقى زيهم .
الأم : خلاص يا حبيبى اللى تشوفه منها لله أمها .
عبد الرحمن : خلاص يا أمى الله يبارك لك .

وفي المساء كان
انتظروا الحلقة القادمة بإذن الله

مقبرة الحب الاولحيث تعيش القصص. اكتشف الآن