مقبرة الحب الأول

176 6 0
                                    

فور دخول سميرة إلى عملها صباحا وجدت الجميع يتهامس ، ظنت أنهم يتهامسون فى أمر ما ، لكنها لاحظت أنهم لا يتكلمون إلا بعد رؤيتها ، فأدركت أن الأمر يخصها .
زميلة ١ : إحنا هنقول لها وإلا هنسيبها تعرف من برة ؟
زميلة ٢ : خليها تيجى من غيرنا .
زميلة ٣ : لازم نقول لها عشان تلحق تبلغ هى كمان .
سميرة : فى إيه ؟
زميلة ١ : استاذ عادل اللى الناس مشغلة فلوسها معاه ، بيقولوا خد الفلوس وهرب على برة .
سميرة : أستاذ عادل بتاع الحسابات وإلا واحد تانى ؟ يا نهار أسود .
زميلة ١ : استغفر الله العظيم ، لا هو .
تركت سميرة عملها وذهبت إلى قسم الشرطة لتقدم بلاغا مثل آلاف الضحايا ، بلغ ما أعطته له من أموال أكثر من مليون جنيه ، قيمة مدخراتها والذهب الذى استولت عليه من عبد الرحمن ، ظلت سميرة بقسم الشرطة طوال اليوم ، وعندما عاد عمر ولم يجدها اتصل بها على الفور ، فقد كانت الساعة تقترب من العاشرة مساءا ، فأخبرته بما حدث ، ذهب إليها وعادا معا .

عمر : ما قولتليش إنك مدية فلوس لحد يشغلهالك مع إن ده حصل وانتى على ذمتى مش من قبل كدة .
سميرة بتبجح : هأقول لك الرد اللى قولته قبل كدة ، دى فلوسى ، وبعدين أنا عملت كدة ليه ؟ ما هو عشان أقدر أصرف على البيت .
عمر : مرتبى ومرتبك وحتة عيل واحد ومش عارفة تمشى نفسك .
سميرة : قلت لك أنا واخدة على المصاريف ، كفاية إنى باصرف معاك ، عبد الرحمن ما كانش بيدفعنى مليم .
عمر : وسيبتيه ليه ؟
سميرة : عشان باحبك . 

تأخر حمل مايسة ، لكنها لم تعبأ لهذا الأمر وتركته للوقت ، فقد حملت من قبل ومن زوجها هذا ، أى أن كلاهما ليس لديه مشكلة في الإنجاب ، لكنها شعرت ببعض الألم فقررت زيارة الطبيب ، وهنا كانت الصدمة ، بعد إجراء الفحوصات والتحاليل تبين اصابتها بسرطان الرحم .
عزة : لا حول ولا قوة الا بالله ، الدكتور قال لك هيستأصل الرحم كله والا جزء منه ؟ فى ناس بتشيل جزء وبتقدر تحمل عادى .
مايسة : لا كله .
عزة : ما فيش إلا علاج الا الاستئصال ؟
مايسة : انتى زعلانة ليه يا عزة ؟ ما ربانى إدانى الولد ونزلته عشان كان فى الحرام ، ربنا حرمني منه عشان قتلت روح مالهاش ذنب فى قذارتى .
عزة : معلش ربنا يعوض عليكى ، المهم انتى ، فى ناس كتير ربنا مش رايد لها تخلف ( ويجعل من يشاء عقيما )
مايسة : أنا مش زعلانة يا عزة ، أنا عملت حاجات غلط كتير ، واتمنيت ربنا يخلص اللى عملته منى فى الدنيا ، يمكن التعب ده يكفر عن ذنوبى شوية .
عزة : ربنا غفور رحيم ،  وانتى توبتى ، وبعدين فى أطفال مصابة بالسرطان كانوا عملوا ذنوب إيه ؟
مايسة : أنا هاعمل العملية الاسبوع الجاي ، هأخرج من المستشفى على عندك ، هاقعد مع هند ، انتى فاهمة أنا عايزة أقول إيه ، مش عايزة أتكلم كتير أنا تعبانة .
عزة : بيتى مفتوح لك يا حبيبتى ، بس هو أمين قال لك حاجة ؟
مايسة : مش هاستنى أما يقول ، أنا لازم أبعد ، مش هأستحمل أعيش معاه شفقة .

زادت المشاكل بين عمر وسميرة ، خصوصا عندما علمت من أحد المتصلين أن عبد الرحمن يسكن فى كمبوند كما كانت تحلم  ، حين قال له المتصل أنا جارك فى الكمبوند ، شعرت سميرة بالحسرة الشديدة والندم على تعجلها وتهورها ، ماذا أعطاها عمر بخلاف ما أعطاه لها عبد الرحمن ، سوى ضيق العيش والقلق والخلافات الدائمة ، ماديا خسرت ، كانت لا تتفق مليم فى البيت والآن تضع كل راتبها دون أن تتلقى كلمة شكر واحدة ، وكان هذا واجبها والضريبة المستحقة عليها مقابل ما تأخذه من حب ومشاعر ، عاطفيا ، عمر لم يحبها كما أحبها عبد الرحمن ، عبد الرحمن الذى كان يغار عليها ويحافظ عليها مهما كلفه الأمر ، عبد الرحمن الذى عاملهأ بما يرضى الله ولم يغضبها يوما .

مقبرة الحب الاولحيث تعيش القصص. اكتشف الآن