مقبرة الحب الأول

79 5 0
                                    

انتهت عزة من كل طلبيات اليوم وقامت بتوزيعها ، بعضها حضر أصحابها لتسلمها وبعضها قامت عزة بتوصيله إلى مكان عملها ليتسلمها أصحابها من مديحة ، وقفت هند تنظف الأوانى المستخدمة فى إعداد المخبوزات .
عزة : اغسلى ايدك والبسى وروحى قبل الوقت ما يتأخر .
هند : لسة بدرى .
عزة : امشى يا هند .
صمتت هند وتوقفت عن العمل لكنها ظلت واقفة بمكانها ، مرتبكة حائرة .
عزة : فى إيه يا هند؟ مالك وقفتى كدة زى العيل اللى تاه من أمه .
هند وقد مست الكلمة جرحها ووجيعتها : أنا فعلا تايهة بعد أمى الله يرحمها.
احتضنتها عزة وقالت : يا حبيبتى أنا آسفة ، مش قصدى والله .
هند : هو أنا ينفع أبات هنا ؟
عزة : البيت مفتوح لك فى أى  وقت بس أعرف ليه ، ولو أقتنعت أتصل بوالدك أستأذنه ليقلق عليكى .
هند : اطمنى مش هيقلق .
عزة : برضو لازم نقول له .
هند : صدقينى أنا مش فارقة معاه ، ومش فاضى لى .
عزة : عشان كدة عايزة تباتى هنا ؟ عايزاه يقلق ؟
هند : لا أنا هربانة من مراته ، سايبة كل شغل البيت عليا ، وحارمانى من أى لقمة فى البيت بتقول لى انتى شغالة ، وكله كوم واللى بتعمله بالليل كوم ، مكسوفة أقول لك  بتعمل إيه ، وبتتعمد تسمعنى .
عزة : مش هاقول لك فين ابوكى عشان واضح إنها صغيرة ومأثرة عليه ، مالكيش حد تانى ؟
هند : ليا أخ مراته ما تقلش عن مرات أبويا فى القسوة والجبروت ، وأخت كل ما اروح عندها جوزها يتحرش بيا .
عزة : لا حول ولا قوة الا بالله ، باتى هنا بس لازم نتصل بوالدك نقول له .

أصبحت هند مقيمة مع عزة ، التى اعتبرتها بنتا من بناتها ، تطعمها وتكسوها وتتكفل بكل نفقاتها ، كما قامت بعمل دفتر توفير خاص بها بأحد البنوك كانت تضع لها راتبها به ، والأهم أنها عوضتها كثيرا عن حنان أمها رحمها الله ، واهتمام ورعاية والدها الغائب الحاضر ، فحاولت هند رد الجميل بالتفانى فى عملها .

عاش عمر وسميرة أسعد ايام عشقهما ، فانعكس هذا على سميرة ، فزادها جمالا على جمالها ، وإشراقا على إشراقها ، أما عمر فأصبح كمراهق فى العشرين تفوح رائحة عطره فى كل مكان يذهب إليه ، كان يتصل بسميرة كل ربع ساعة ليقول لها وحشتيني وإذا انشغل عنها أو نسي تتصل هى به لتقول نفس الكلمة ، عمر الذى لم يسمع عزة كلمة واحدة من كلمات الاشتياق  والغزل حتى عندما كان يغيب عنها عاما ، أصبح كشاعر من شعراء الغزل ، يلقى قصائده على معشوقته ليل نهار ، كان يلتصق بسميرة فور عودته من الخارج ويلازمها فى كل مكان ، يدخلان معا المطبخ يعدان الطعام معا ويأكلانه فى أى مكان ، سميرة التى كانت تدخل المطبخ مكرهة أصبحت تقضى فيه أسعد أوقاتها ، وطوال فترة وجودها به عمر بجوارها ، يغازلها أو يتحرش بها يحتضنها ويقبلها ، سميرة التى كانت تهرب من التواجد فى البيت أصبحت تعود مبكرا ملهوفة ، ترفض العمل الإضافى وشيفتات السهر حتى تكون بجوار عمر ، استنفدت إجازاتها فى أول شهور الزواج ، طعامها السئ كان فى فم عمر أشهى من طعام أفضل شيفات الطبخ   .
سميرة : عمر  .....
عمر : عيون عمر ، قلب عمر قال هذا وهو يحتضنها .
سميرة : بصراحة الرز طلع معجون واللحمة مش عايزة تستوى ، عشان حطيت فيها الملح .
عمر وهو يقبل يدها : ولا يهمك يا قلبى ، وماله معجون معجون ، كفاية إنك عملتيه بايدك الحلوة .
سميرة : ما هو طول ما أنت لازق فيا مش بأعرف أركز ، قالت هذا وهى تحاول تخليص نفسه من حضنه .
عمر وهو يعاود ضمها إليه : يا ستى قلت لك عاجبنى ، ما أنا مش مجنون عشان أسيبك تبعدى عن عيونى نص ساعة وإلا ساعة فى المطبخ ، أنا ما صدقت لقيتك .
سميرة : خلاص استحمل بقى .
عمر : هو أنا كنت اشتكيت لك ؟ أنا كنت بأكل أحسن أكل فى الدنيا بس من غير نفس  .
سميرة : إيه رأيك نتصل بمحل من محلات الأكل نجيب أكل جاهز ؟
عمر : اللى تشوفيه يا قلبى .

تكرر الأمر ، وأصبحت وجبة واحدة على الأقل من طعامهما طعاما جاهزا ، بخلاف الإفطار الذى كانا يتناولاه معا فى أى مطعم وهما فى طريقهما للعمل سويا ، كما اعتادا منذ زواجهما ، حيث كان يرافقها ويظل معها حتى تركب سيارة الشركة ، ثم يذهب هو إلى شركته ، حتى لو تأخر وتعرض للانتقاد بسبب تكرر تأخره.

من جديد ذاع صيت عزة في عالم المخبوزات التي كانت تصنعها بعناية فائقة وتغلفها وتضعها بأكياس نظيفة مكتوب عليها مخبوزات عزة ، كانت تقوم بتوزيعها على محلات البقالة القريبة من منزلها ، ولا تأخذ ثمنها الا بعد بيعها ، أقبلت عليها محلات البقالة نظرا لانخفاض سعرها وجودتها العالية ، وإقبال الزبائن عليها ، الغريب أن أحد الأكياس وقع في أحد الأيام في يد عمر وسميرة ، لم تنتبه سميره للأمر ، لكن عمر عرف أن عزة هي من صنعت هذه المخبوزات ، هو يعرف هذا الطعم جيدا ، لكنه لم يعلق ، لم يعد أمرها يهمه في شيء ، لابد أنها لجات إلى العمل مرة أخرى حتى تكفي بيتها وبناتها .

انتظروا الحلقة القادمة بإذن الله

مقبرة الحب الاولحيث تعيش القصص. اكتشف الآن