مقبرة الحب الأول

81 6 0
                                    

أثناء دخول سميرة محطة مصر رأت عمر خارجا منها ، كان فى طريقه لمهمة عمل ، التقت عيونهما ، لأول مرة يراها بعد زواجها ، عرفها رغم تغير ملامحها كثيرا ، حيث زاد وزنها بشكل ملحوظ .
نظر لها ونظرت له وصمتا فترة ، ولا إراديا اتجه كل منهما نحو الآخر ، اشتعلت فى قلبيهما كل براكين الاشتياق والعشق ، ود كل منهما أن يحتضن الاخر ، مدت سميرة يدها لتسلم عليه رغم أن عبد الرحمن منعها من مصافحة الرجال ، احتضنت يده يدها بشدة وظل ممسكا بها لحظات ، وعينيه في عينيها حتى لاحظ بعض المارة ، وعندما تنبهت سميرة سحبت يدها بصعوبة من يد عمر الذى أحكم قبضته عليها ، شعرت سميرة بنار متقدة بجسدها فتصببت عرقا رغم برودة الجو ، نادى المنادى : يقلع الآن قطار رقم 610 المتجه إلى الفيوم ويقف فى محطات ......
لم تنتبه سميرة لصوت المنادى وانصرف القطار ، فقد كانت غارقة فى عالم آخر .
عمر : عاملة إيه يا سميرة ؟ سميرة : باتعذب يا عمر من غيرك ، عايشة ومش عايشة ، بأموت كل يوم ، الله يسامحه أبويا .
عمر : أنا زيك يا سميرة ، ما فيش يوم عدى من غير ما تيجى على بالى .
سميرة : ولحد أمتى يا عمر ؟
عمر : خلاص يا سميرة ما عدش ينفع .
سميرة : ليه يا عمر ؟ أنا مستعدة أطلق حالا وأتجوزك ، أنا هأعيش كام مرة .
عمر : وولادك ؟
سميرة : أبوهم هياخدهم ، عندك استعداد تتجوزني ؟ أنا كنت سلبية وما دافعتش عن حبى وضيعتك من ايدى مرة زمان ، أنا مش ممكن أضيعك تانى ، إحنا ما اتقابلناش صدفة ياعمر ، إحنا اتقابلنا عشان ده قدرنا .
فى العادة يقوم العشيق بتخبيب الزوجة على زوجها وعلى خراب بيتها ، لكن سميرة فعلت العكس ، هى من حرضت عمر على خراب بيته وبيتها ، لم يأخذ عمر منها مجهود فقد جاءت إليه فى أكثر فترات تضايقه وبعده عن عزة .

ألغت سميرة رحلتها إلى الفيوم ، ظلت مع عمر أكثر من ثلاث ساعات ، حكي كل منهما تفاصيل حياته منذ افترقا ، بعدها رجعت إلى بيتها لتنفيذ ما اتفقا عليه ، تفاجئ عبد الرحمن برجوعها .

عبد الرحمن : سميرة ! خير؟ رجعتي ليه ؟ انتى ما لحقتيش تروحى وترجعى .
سميرة : طلقني يا عبد الرحمن .
اقترب عبد الرحمن منها وقال بود : سميرة انتى زعلانة منى فى حاجة ؟ أنا ضايقتك فى حاجة ؟ انتى كنتى رايحة غضبانة ؟
سميرة : من فضلك يا عبد الرحمن طلقنى بهدوء ، مش عايزة أعيش معاك ومتنازلة عن كل حقوقى .
عبد الرحمن : انتى بتكلمى جد ؟
سميرة : أيوه جد ، أحلف لك على مصحف يعنى ، طلقنى وما تحاولش تعمل أو تقول أى كلام لأنى مش هأسمع ومصممة على الطلاق .
عبد الرحمن : ليه بس يا بنت الناس ؟
سميرة : أنا سلمت على رجل غريب بالأيد .
عبد الرحمن ضاحكا : يخرب عقلك يا سميرة ، بقى عشان ما أنا مانعك من السلام بالأيد ، خلاص يا ستى أنا مسامحك ، واستغفرى ربنا .
سميرة : أنا أختليت برجل غريب وقعدت معاه تلات ساعات فى كافيه .
تفاجئ عبد الرحمن من كلامها لكنه تمالك نفسه وسألها : رجل مين ؟
سميرة : رجل كنت أعرفه قبل منك .
عبد الرحمن : انتى اخطأتى فى حق نفسك وحق ربنا ، استغفرى ربنا وأنا مسامحك ، الكافيه مكان عام ، بس يا ريت ما تكرريهاش .
سميرة : الرجل ده أنا كنت بأحبه ، وطول التلات ساعات كنت باصة فى عينه ، أنت مش بتقول النظر فتنة ؟ والعين بتزنى وزناها النظر ، أنا زنيت بعيونى لأنى بصيت له برغبة ، كنت بأتمنى يكون مكانك ، يكون جوزى ،
عبد الرحمن بغضب : اخرسي .
سميرة : عمر الرجل الوحيد اللي حبيته ، وانت وأبويا حرمتونى منه .
عبد الرحمن : خاينة سافلة .
سميرة : أنا لو خاينة كنت فضلت على ذمتك وعلى علاقتى بيه .
عبد الرحمن : يعنى انتى طالبة الطلاق عشانه ؟
سميرة : أيوه ، أنا عمرى ما خونتك ، ولما أتكلمت مع رجل غيرك وعرفت إنى مش هأقدر أكمل معاك طلبت الطلاق .
عبد الرحمن : وانتى لما تعيشى معايا 13 سنة وانتى بتفكرى فى رجل تانى ده يبقى إيه ؟ مش خيانة ؟
سميرة : اديتك اللي أملكه ، جسمى ، قلبى ما اقدرش اتحكم فيه ، ودى حاجة غصب عني ، ما كنتش عايزة أقول لك الكلام ده بس أنت اللي اضطرتنى لكدة ، قلت لك طلقنى بهدوء .
عبد الرحمن : رغم إن اللي انتى قولتيه صعب أى رجل يتحمله بس أنا مستعد أسامحك وأنساه ، ناوية تكملى معايا ومع ولادك يا بنت الناس والا هتتبعى شيطانك للآخر ؟
سميرة : ناوية أمشى ورى قلبى ، أنا مشيت بعقلى 13 سنة ما خدتش غير التعاسة ، ناوية أعيش اللى باقى من عمرى مع الإنسان الوحيد اللي حبيته ، أنا واضحة معاك ومع نفسى .
عبد الرحمن : انتى طلبتى الطلاق أول الجواز ألف مرة كنت بأقول عيلة ومتهورة مش عارفة حاجة ، كنت بأرفض عشان خراب البيوت مش سهل ، وعشان أنا ما عملتش البيت ده بالساهل ، أنا قعدت عشر سنين أكون نفسي ، أتغربت وأتبهدلت عشان اتجوز زى ما الشرع قال ، أدفع لك مهر وما أخليكيش تجيبى حاجة فى الشقة ، جيبت كل حاجة من تعبى وعرقى ، استحملت كتير دلعك ، عشان حبيتك ، ومش هأخجل إني أقول كدة ولا هانكسف ، أيوه حبيتك ، ما انتى أول بختى ، وأول ست فى حياتى ، أصلى ما بأعترفش بالحب والعلاقات الطايشة بين الولد والبنت من غير جواز ، لما حبيت أعمل علاقة كانت علاقة جواز ، العلاقة الوحيدة اللي ربنا محللها ، مش معقول بعد كل ده أسمح لك تهدى البيت اللي تعبت على ما حافظت عليه من طيشك ودلعك ، ما كنتش أعرف أن سبب نفورك ونشوزك وجود رجل تانى فى حياتك ، لو كنت أعرف ما كنتش خليتك على ذمتى لحظة حتى لو روحى فيكى ، وتمسكى بيكى دلوقتى مش عشان حبى لكى بس ، ده عشان ولادك ، وعشان انتى ممكن تكونى واهمة ولسة طايشة ، خايف عليكى من نفسك ومن اللى ناوية تعمليه ، ارتباطك بالرجل اللى يتقولى عليه رغم أنه هيكون فى الحلال لكن ربنا مش هيبارك فيه .
سميرة : أنا مش هأعمل حاجة حرام ، أنا هاطلق على سنة الله ورسوله وهاتجوز على سنة الله ورسوله .
عبد الرحمن : اللي زيك ما تعرفش ربنا ولا رسوله اللى قال لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه ، ودى مش خطوبة ده جواز وتلات عيال .
سميرة : ربنا عالم إنه مش بايدى .
عبد الرحمن : هتسيبى العيال .
سميرة : موافقة ، ومتنازلة عن كل حقوقى بس طلقنى بسرعة .
عبد الرحمن : كل حقوقك هتخديها ، لله الأمر من قبل ومن بعد ، اللهم اجرنى فى مصيبتي واخلفنى خيرا منها .

طلق عبد الرحمن سميرة فى نفس اليوم ، احضر سيارات نقل وضع بها كل منقولات الشقة وسط ذهول أمه التى طلبت منه الا يعطيها شيئا مادامت هى الكارهة ، لكنه لم يستجب لها ، لم يطالب عبد الرحمن سميرة بشئ أعطاه لها حتى الذهب الذى أشتراه لها من عائد بيع أرضه ، غادرت سميرة الشقة تاركة أولادها الثلاث وأصغرعم لا يتجاوز عمرها العامين بعد ، لم تحاول حتى أن تنظر إليهم ، أخذت متعلقاتها الشخصية وانصرفت فأرسل عبد الرحمن منقولاتها خلفها .
عادت سميرة لقريتها بالفيوم تنتظر حتى تنتهى عدتها وتتزوج عمر بعد ان يطلق زوجته .

عاد عمر من لقاء سميرة شخص آخر ، جلس بحجرته يراجع قراره ، ظل يعقد المقارنات بين عزة وسميرة ، وفى كل مقارنة تفوز سميرة صاحبة القوام الغض والبشرة المرمرية والوجه المرسوم كالبدر ، لم يتذكر لعزة سوى السيئ ، رغم قلته ، ونسي أو تناسي تضحياتها معه ، وأخيرا قرر مفاتحتها ، خصوصا بعد تلقيه مكالمة من سميرة تخبره فيها بطلاقها ، لقد فعلتها وحصلت على الطلاق رغم أنها فى حكم زوجها ، أيعجز هو عن الطلاق والأمر لا يكلفه سوى كلمة يقولها ، هكذا حدث نفسه ، أو هذا ما خيل له أنها كلمة سيقولها .
دخل عمر المطبخ كانت حروق عزة قد شفيت تماما ، لكنها تركت بعض الندوب والنتوء وتغيير بسيط فى لون الجلد ، فعادت لعملها ومهامها بالبيت ، نظر عمر إلى عزة التى ابتسمت فور رؤيته .
عمر : سيبى اللى فى إيدك وتعالى يا عزة من فضلك عايزك .
خرجت عزة ورائه سعيدة ظنا أنه سيطلب منها أن تجلس معه يتسامران أو يناقشها فى أمر ما كما كان يفعل ، خرجت ورائه كالشاه الساذجة وهى لا تدرى أنه نوى نحرها بكلمة واحدة ، كلمة من أربعة حروف لكنها تفتح أبواب الجحيم على المكتوى بنارها والغير راغب فيها.
انتظروا الحلقة القادمة بإذن الله

مقبرة الحب الاولحيث تعيش القصص. اكتشف الآن