كان الطارق عمر طليق عزة ، الذى دخل مباشرة فور فتح الباب واتجه نحو عزة ، وما أن رأته عزة حتى هبت واقفة وقالت : عمر ! اتفضل .
عمر : البنات فين ؟ واحشينى قوى ، نفسى أشوفهم .
أشارت له عزة بيدها على حجرتهما فرأى يدها اليسرى وبها دبلة الزواج ، انقبض قلبه بشدة ، ظن أنها تزوجت ، لكنه عاود النظر لها فتأكد أنها الدبلة الخاصة بزواجهما ، شعر ببعض الراحة واتجه إلي حجرة بناته .جلس عمر أمام بنتيه كالصنم ، مر بعض الوقت ، شعر عمر بالخجل ، لم يجد كلاما يقوله ، فبكى بشدة ، التفت حوله بنتيه ، العجيب أن كل منهما تبارت في التسرية عنه ، فطبطب عليهما ثم انصرف ولم ينطق بكلمة واحدة .
عاد عمر إلى منزله يجر أذيال الحسرة ، ها هى عزة التى تركها منكسرة أصبحت قوية ، نجحت ولم تعد فى حاجة إليه ، ها هى تجمع حولها كل محبيها ، يمتلأ بيتها بالحركة والسعادة والحب ، ذكرته رائحة طعامها الشهى بما كانت تعده له فيما سبق ، كان يتبطر عليه أحيانا ويرفض تناوله ، الآن أصبح محروما منه ، لا يأكل إلا طعام سميرة السئ ، شعر بالندم الشديد ، ما أراحه شيئا واحدا فقط ، رؤية دبلته في يد عزة ، لم يكن يعلم أن عزة مازالت تحتفظ بها لتحمى نفسها من المتطفلين وصائدو الفرص ، لم تخلعها من يدها لتسد عليهم باب الدخول إليها .
مسكينة عزة حالها كحال الكثيرات من المطلقات والأرامل ، عليهن مواجهة مجتمع لا يرحم ، رجال بعضهم من النوع القناص الذى يريد اقتناص فرصة زواج لن تكلفه كثيرا ، يسيل لعابه فور سماع كلمة مطلقة ويحتال للوصول إليها حتى لو كان متزوجا ، وبعضهم لا يفكر فى الزواج ويظن أن المطلقة أو الأرملة مباحة وبلا شرف ، حتى النساء إما أن يتجنبنها خوفا على أزواجهن منها أو يخافن منها من الحسد فتخفين تفاصيل حياتهن عنها ، قد تكون عزة محظوظة بصديقاتها اللاتى وقفن معها ودعمنها ، لكن حال المرأة التى بلا رجل عندنا عموما مثير للشفقة ، إذا لم تتزوج تسمع المقولة الشائعة ( هنفرح بيكى امتى) وكأنها دخلت علم الغيب ، أو أتتها الفرصة ولم توافق حبا في لقب عانس ، وإذا تزوجت و'طلقت الجميع يريد أن يعرف سبب الطلاق وعلى المطلقة أن تحكى لكل من تقابله سبب الطلاق ، وتفاصيل كل ما حدث ، لتبدأ مصمصة الشفاه ، والدعاء على الطرف الآخر ، قد تكون الأرملة أكثرهن حظا ، تحظى ببعض الشفقة ، لكنها أيضا لا تسلم من تدخلاتهم لمعرفة تركة المرحوم ومن سيشاركها فيها من أهله ، وكم ترك من الأبناء ، ومعاشها بعده ، وهل يكفيها أم لا ، وهل تفكر في الزواج إلخ .....زيارة عمر لم تمر مرور الكرام على عزة التى أغلقت باب حجرتها عليها وظلت تفكر ، عمر يبدو غير سعيدا ، كان شارد الفكر ، شاحب الوجه ، ليس عمر الذى تعرفه ، حتى ملابسه كانت غير مهندمة ، بعيونه الكثير من الكلام ، تعجبت عزة من حالها عندما رأته ، لم يعد له نفس التأثير عليها ، أيعقل أن تكون تخلصت من حبه ؟ دق قلبها بشدة معلنا الرفض ، أمازلت تحبه أيها القلب البائس المعذب بحب من قتلك ؟ كيف ؟ ألف كيف ؟ كيف تحبه بعد كل ما حدث ؟ اللعنة على كل قلب 'جرح فاستعذب الجرح وظل يدق بحب معذبه ، اللعنة على كل قلب دق لمن لا يستحق ، اللعنة على كل قلب أغلق بابه على حبيبا نافرا لم يشعر يوما به ، اللعنة على كل قلب ترك حبيبه يطعن فيه حتى الموت باسم الحب ، استحضرت عزة كل عذابات السنين ، الغدر ، الحرمان ، القسوة ، البعد ، الخذلان ، ألف جرح وجرح جرحها لها عمر بقصد وبدون قصد ، طعنة قاتلة طعنها لها بدم بارد مازال أثرها بكل كيانها ، مازال الجرح ينزف كثيرا كثيرا ، استحضرت كل هذا كي تستطيع إخراجه من قلبها لكنها فشلت ، لعنت قلبها الذى عذبها أكثر من عذاب حبيبها ، الذى تآمر عليها وتعاطف معه وغفر له كل ما فعل ، بكت كثيرا حتى غلبها النوم .
انتظروا الحلقة القادمة بإذن الله
أنت تقرأ
مقبرة الحب الاول
Literatura Femininaقصة حب لم تنته بين عمر وسميرة تزوج عمر من عزة وظل قلبه معلق بسميرة وتزوجت سميرة من الشيخ عبد الرحمن وظل قلبها معلق بعمر رغم انجاب كل منهما ثلاثة اطفال وفجاة تلتقى سميرة بعمر فتقرر انهاء حياتها الزوجية مضحية بزوجها المحب واولادها الثلاثة من اجل الزوا...