مقبرة الحب الأول

87 4 0
                                    

جاءت كريمة شقيقة عبد الرحمن لزيارة أسرتها ولكى تهنأ حبيبة على النجاح ، وكالعادة وفى كل مرة تأتى ومعها قائمة باسماء بنات وسيدات اختارتهن بعناية ليختار شقيقها عبد الرحمن واحدة منهن .
الأم : ريحى نفسك أنا غلبت فيه ، مش راضى .
كريمة : يعنى هنسيبه كدة ؟
الأم : لسة بيحبها رغم كل اللى عملته .
كريمة : معقولة ؟
الأم : أيوه ، أمال مش عايز يتجوز ليه ؟
كريمة : منها لله ، ربنا يخرب بيتها زى ما خربت بيته .
فتح عبد الرحمن باب الشقة ودخل وهنا تنبهت الأم وقالت بصوت هامس : اسكتى أحسن جه ، ما بيستحملش عليها كلمة .
عبد الرحمن : السلام عليكم ، مش تقولى يا كريمة أنك جاية كنت روحت قابلتك فى المحطة .
كريمة : مش عايزة أتعبك يا أخويا .
عبد الرحمن : اوعى تكونى نسيتى الفطير ؟
كريمة : هو أنا أقدر .
بالطبع كان الفطير من صنع عزة.

لاحظت صديقات عزة أن حياتها لم تختلف كثيرا عن حياتها قبل العمل ، بخلاف تغير طفيف فى ملابسها وبعض الأجهزة الكهربائية  والإصلاحات الطفيفة بالشقة .
مديحة : أنا ملاحظة يا عزة إن حياتك ما اتغيرتش كتير ، يعنى لا لبس غالى ولا حتة دهب ، أنتى بتحوشى ؟ المظهر مهم خلى بالك .
عزة : لا أبدا والله ، ولا باحوش ولا حاجة .
سلوى : أمال بتودى الفلوس فين ؟ إحنا مش بنحسدك ، ربنا يبارك لك ويزيدك ، إحنا بس عايزين نطمن عليكى .
عزة : ده سر .
منى : سر علينا ؟
عزة : سيبوا كل حاجة لوقتها .

كانت عزة تحسب صافى ربحها كل شهر ، تأخذ منه ما يكفيها دون إسراف وتعطى المساعدات  أجورهن ، وجلال أيضا ، وتضع مبلغا بسيطا فى دفترى توفير بناتها ودفاتر اولاد شقيقتها التى قامت بعملها لهما ، والباقى تخرجه كله فى وجوه الخير .

هند ، مريم ، رحمة ، مايسة ، المساعدات الأربع لعزة ، لكل واحدة منهن حكاية ، هند فتاة يتيمة فى العشرين من عمرها ، جميلة ، هادئة ، تزوج والدها بعد وفاة أمها بفتاة تقاربها فى السن ، تفننت فى تعذيبها وإبعاد والدها عنها ، أحبت هند حسن وهو رجل متزوج وعنده طفلين ، تعرفت عليه من أحد برامج التواصل الاجتماعى .

مريم ، طالبة بكلية الحقوق ، مات والدها وعمرها عشر سنوات ، جميلة أيضا لكنها سمراء سمرة خفيفة ، وهذا قلل كثيرا من ثقتها فى نفسها ، تزوجت أمها بعد وفاة والدها مباشرة  وتخلت عنها ، تعمل منذ حصولها على الاعدادية لتنفق على نفسها ، عانت معاناة شديدة من العمل فى المحلات وعيادات الأطباء حتى استقر بها الحال فى العمل عند عزة ، مرتبطة عاطفيا بياسر ضابط شرطة مغرور ، يعاملها باستعلاء شديد ورغم هذا تحبه بجنون .

مايسة ، فى الخامسة والعشرين من عمرها ، جميلة جمالا صارخ ، يتيمة الأبوين ، كثيرة العلاقات العاطفية والتى أحيانا ما تقترن بالتنازلات للأسف ، لم تجد من يوجهها أو يحذرها مما تفعل ، تعيش مع جدتها التى يأست من إصلاحها ، كانت منى متمردة من صغرها ، تعاملت جدتها مع تمردها بقسوة ، ضربتها ضربا مبرحا ، قابلته مايسة بمزيد من التمرد ، فقامت بقص شعرها وأحيانا كى جسدها ، وعندما كبرت مايسة أصبحت تدافع عن نفسها وتدفع القسوة بالقسوة بل وبالضرب أحيانا ، فتوقفت جدتها عن ضربها ، وأسقطتها من حساباتها .

زينب ، هى الوحيدة التى تم استثنائها من شرط اليتم ، وهى فتاة متوسطة الجمال ، فى الثامنة والعشرين من عمرها ، أسرتها فقيرة فقرا شديدا ، والدها كان يعمل بائعا متجولا بالأسواق ، كانت أمها تساعده ، لكن الشقاء وتقدم السن أنهك جسدهما حتى أصبحا غير قادران على العمل فلزما البيت وتكفلت زينب بالإنفاق عليهما ، فى حين تخلى عنهما أشقائها الذكور ، لا تمتلك رفاهية الحب ، مثلها لا تهتم سوى للقمة العيش وانتظار رجلا يريحها من عناء البحث عنها ، لكن طال انتظاره ، فكلما تقدم لها خاطب ذهب بلا رجعة ، عندما علم أنها لا تملك ما تساهم به فى نفقات الزواج ، حتى اقتربت من الثلاثين .

أصبح راتب سميرة لا يكفيها ، فأصبحت تسحب من مدخراتها ومن جمعته من عبد الرحمن ، وهنا اقترحت عليها زميلة بالعمل اقتراحا كارثيا .
الزميلة : بأقول لك إيه يا سميرة أنا عارفة إنك طول عمرك ما كنتيش بتصرفى على البيت ، وإنك ربنا يبارك ويزيد كان عندك فلوس فى البنك ، وسمعتك وانتى بتقولى إنك ابتديتى تسحبى منها ، وده مش صح يا حبيبتى خد من التل يختل .
سميرة : أعمل إيه ؟ مصاريفى كتير وما أقدرش اطلب من عمر .
الزميلة : هو البنك بيديكى فايدة كام ؟
سميرة : ما أعرفش ، ما بأركزش ، بس تقريبا ٧ أو ٨ فى المية .
الزميلة : طب إيه رأيك فى اللى يديكى ٢٠ أو ٢٥ فى المية حسب المبلغ اللى معاكى ، وكدة تعيشى من الربح ومش هتضطرى تسحبى من اصل المبلغ  .
سميرة : ٢٥ فى المية ؟ ده فين ده ؟ ومضمون ؟
الزميلة : طبعا مضمون ، أستاذ عادل اللى فى المرتبات ، عنده معرض أجهزة كهربائية ، وبيبيع بالقسط والموضوع كبر معاه ومحتاج تمويل ، ناس كتير هنا اديته فلوس وبيديهم الربح كل شهر .
سال لعاب سميرة من نسبة الربح التى يعطيها عادل لضحاياه ، كما أن اسمه وعمله كرئيس لقسم الحسابات كفيلان بمنح الثقة فيه ، سحبت سميرة كل مدخراتها من البنك واعطتها له ، لم تنس أن تأخذ الضمانات الكافية ، أعطاها الفائدة شهرا واحدا ، ثم احتال عليها نظرا لكبر المبلغ الذى أعطته له .
عادل : انتى هيطلع لك حوالى ٢٠٠ الف جنيه فى السنة ،  يعنى فوق ال ١٦ ألف جنيه فى الشهر ، تحبى تاخديهم كل شهر ؟ وإلا كل سنة والا تضيفيهم على أصل المبلغ ؟
ولأن النصاب يحتاح إلى طماع مالت سميرة إلى الاقتراح الأخير ، مع السماح لها بأخذ مبلغا بسيطا كل شهر يساعدها على نفقات المعيشة .

زادت شهرة عزة وتوسعت تجارتها وهنا اقترحت عليها سلوى اقتراحا جديدا .
سلوى  : عندي فكره بمليون جنيه  .
يا ترى ايه هى الفكرة
انتظروا الحلقة القادمة بإذن الله

مقبرة الحب الاولحيث تعيش القصص. اكتشف الآن