مقبرة الحب الأول

80 7 0
                                    

بعد انصراف آخر ضيوف العزاء أخذت عزة نهلة وعلى أولاد شقيقتها وعادت لشقتها فاستقبلها عمر استقبالا فاترا .

عمر : ما تخليكى شوية كمان .
نظرت له ولم تنطق ، ودت لو صرخت فى وجهه ، لكنها تمالكت نفسها وأشارت لنهلة .
عزة : خدى أخوكى يا نهلة وادخلي أوضة ولاد خالتك على ما أجى أقول لكوا هاتناموا إزاى .
عمر : هما العيال دى هاتفضل هنا ؟
عزة : هيروحوا فين ؟ أنا بأستسمحك تخليهم معايا على ما أشوف أعمامهم هيعملوا إيه .
عمر : ياريت تتصرفى بسرعة ، إحنا معانا بنات ، ما ينفعش الولد يبقى فى وسطهم .
عزة : الولد صغير .
عمر : اسمه غريب عنهم ، والشقة يا دوب على قدنا ، بصى لقدام .
عزة : حاضر يا عمر ، بس أنت شايف إن ده وقته ؟

انهى عبد الرحمن صلاة العشاء وقراءة ما تيسر له من القرآن وأذكاره اليومية ثم اتجه إلى فراشه ، جلس بجوار عائشة ابنته التى كانت نائمة لكنها تحركت قليلا فأخذت مكانه ، حاول إرجاعها مكانها برفق ، فغضبت سميرة وقالت بضيق : وأما تقلقها بقى هتقعد بيها ؟
عبد الرحمن : وماله تقلق وأنا أقعد ألعب معاها ، بنت الكلب وحشتنى .
سميرة : ما الدنيا واسعة يا عبدو فيها إيه لو نمت على السرير التانى ؟
عبد الرحمن : من السنة وحسن المعاشرة إنى أنام جنبك ، عشان نمنع الشيطان يدخل بينا ، وكمان البعد بيعمل جفا .
لم ترد عليه سميرة وأكملت نومها .
مسكين عبد الرحمن لا يدرى أن الشيطان قابع بجواره ، فى صورة امرأة أحبها بجنون ووهبها كل ما يملك قلبه وعقله وماله .

اتصلت عزة بكل أعمام نهلة وعلى فرفض الجميع استضافتهما ، مر أكثر من شهر ولم تتوصل عزة لحل ، حتى بلغ ضيق عمر منتهاه .
عمر : عاجبك الوضع اللى إحنا فيه ده ؟
عزة : أعمل إيه يا عمر ؟ وبعدين ما البنت بتنام مع البنات ، والولد بينام على كنبة الانتريه .
عمر : فين أهلهم ؟
عزة : ما حدش راضى ياخدهم ، هأرميهم ؟
عمر : وأنا مش مجبر أقبلهم فى بيتى وعندى بنات .
عزة : مؤقتا يا عمر .
عمر: بقالك أكتر من شهر بتقولى كدة .
عزة : خليهم معانا فترة على ما أعود نهلة على الاعتماد على نفسها ، دى طفلة ما ينفعش تعيش لوحدها .
عمر : أتمنى الموضوع ما يطولش ، عايزة أخد حريتى فى بيتى .
عزة بقلة حيلة : حاضر .
وهنا اهتزت قدسية عمر من جديد و سقط سقطة أخرى لا تقل عن سقطة تخليه عنها يوم وفاة شقيقتها .

احتارت عزة ماذا تفعل حتى هجر النوم عينيها فى الساعات القليلة التى كانت تنامها ، نظرات الانكسار فى عينى أولاد شقيقتها تذبحها ، تذكرها بيتمها ، تذكرها بانكسارها بعد وفاة أمها وعمرها أقل من أعمارهم ، يومها لم تتخل عنها شقيقتها ، بل احتضنها رغم ضعفها فقد كانت تكبرها بسنوات قليلة ، أحتوتها رغم احتياجها للإحتواء ، أعطتها حنانا كانت محرومة منه ، ودفئا كما لو كانت أمها الحقيقية ، عملت حتى أثناء دراستها بالمزارع فى جنى الخضر والفاكهة ، وفى المخابز وحتى فى المحلات التجارية لتستطيع الإنفاق عليها ، حتى بعد زواجها لم تتخل عنها ، وظلت تتكفل بكل نفقاتها حتى أنهت عزة دراستها وعملت .
والآن مطلوب منها وبكل سهولة أن تتخلى عن أولاد من كانت حائط صد من ضربات الزمن .
لم تجد عزة أمامها إلا
انتظروا الحلقة القادمة بإذن الله

مقبرة الحب الاولحيث تعيش القصص. اكتشف الآن