وفى يوم جلسة الغسيل الكلوى الأولى لعزيزة حضرت عزة لها مبكرا ، رافقتها حتى المستشفى ، تم وضعها على جهاز الغسيل ، شعرت عزيزة برهبة شديدة وتوتر ، لكن وجود عزة بجوارها وحديثها المريح معها عن قبول قضاء الله وقدره والصبر عليه ذهب بهذه الرهبة ، جلست عزة بجوار عزيزة حتى كادت أن تلتصق بها ، ومن حين لآخر تمسك بيدها وتقبلها وتحوطها بكفاها لتبث فيها الدفء ثم تتركها ، هونت عزة كثيرا على عزيزة ألم الجلسة ، شعرت عزة بوجع كل ألم تتالمه شقيقتها ، ودت لو تحملته عنها .
عزة : وحدى الله .
عزيزة : لا إله إلا الله .
عزة : استغفرى ربنا ، وصلى على النبى كدة .
عزيزة : استغفر الله العظيم عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته .ظلت عزيزة طوال الجلسة تذكر الله وتستغفره ، وفور انتهاء الجلسة استندت عزيزة على عزة التى قتلها القلق والحزن على شقيقتها فقالت لها بلهفة : حاسة بإيه يا حبيبتى ؟
عزيزة : دايخة وتعبانة قوى يا عزة ، حاسة إن اتنين فتوات ضاربينى علقة مكسرين كل جسمى .
عزة : معلش ، ربنا يجعله فى ميران حسناتك .
عزيزة : عضمى واجعنى قوى ، أنا هاستحمل كل التعب ده تلات مرات فى الأسبوع ؟
عزة : ربنا يخلق فى قضاه رحمة .
عزيزة : وهأفضل طول عمرى أغسل كدة ؟ ده أنا عندى 35 سنة .
عزة : معلش يا عزيزة ، الموصوع صعب فى أوله عشان تركيب الخراطيم ، بعد كدة هتتعودى ، ده فى ناس بتغسل بقالها عشرين سنة ، وفى أطفال كمان ، اجمدى كدة .
عزيزة : أنا عارفة نفسى ، أنا مش هاستحمل كدة .
عزة : قولى يا رب قوينى واشفينى ، ياريتنى أقدر أشيله عنك .
عزيزة : ربنا ما يوريكى اللى فيا ولا لحد أبدا.
عزة : والله لو كان ينفع اديكى كليتى ما كنت اتأخرت ، بس أنا فصيلة دمى غيرك .عادت عزيزة لمنزلها ، لم تتركها عزة إلا بعد الاطمئنان عليها ، ظلت تتصل بها كل ساعة تحدثها وتطمئنها ، وفى اليوم التالى لم تحتمل صبرا أن تنتظر حتى عودتها من العمل ، فذهبت للاطمئنان عليها قبل الذهاب لعملها ، أطعمتها بنفسها وأعطتها الدواء وانصرفت ، وفور انتهاء عملها ذهبت إليها محملة بالكثير من الطعام والفاكهة .
تقبلت عزيزة قضاء الله وقدره وانتظمت فى جلسات الغسيل التى هونتها عزة عليها كثيرا ، فكانت نعم الأخت ، ونعم السند ، بل والأم .
عاد عبد الرحمن إلى المنزل مهللا فقد تم نقله للعمل كإمام وخطيب مسجد السيدة عائشة بالقاهرة ، وتم إعطائه شقة بمساكن البساتين ، انتظر سميرة حتى رجعت ليزف إليها الخبر التى قابلته بفتور وسخرية .
سميرة : يعنى لما ربنا يكرمك وتتنقل تروح السيدة عيشة وتسكن فى البساتين ؟
عبد الرحمن : كفاية انى أكون جنب مسجد السيدة زينب ، وضريح الإمام الشافعى .
سميرة : من شبرا للسيدة زينب يا قلبى لا تحزن .
عبد الرحمن : ليه كدة ؟ ده مكان طاهر وكله مساجد ، مسجد السيدة سكينة ، ومسجد السيدة عائشة ، ومسجد السيدة رقية .
سميرة : محسسنى إننا رايحين المدينة المنورة .
عبد الرحمن : كل شي بالصبر يا أم عبد الله .
سميرة : المرة الجاية هيودوك فين؟ مش بعيد يودوك الصعيد .
عبد الرحمن : ماله الصعيد ؟ ياريت ده أنا نفسى أروح للناس البسيطة أعلمهم أمور دينهم ، بس للأسف كل تنقلاتى هتكون فى حدود القاهرة الكبرى .
سميرة بسخرية : أديك رايح لبتوع البساتين أظن ما فيش أبسط من كدة .وفى العمل
زميلة 1 : وماله يا سميرة ؟ البساتين مش وحشة ، وكفاية أنها قريبة صحيح من السيدة عيشة والسيدة زينب .
سميرة : السيدة عيشة والسيدة زينب على راسي ، بس المكان يعتبر منطقة شعبية ، وبعدين إحنا هنسكن فى البساتين و حتى لو سكنا فى السيدة زينب برضو منطقة عشوائية .
زميلة 2 : بكرة ربنا يكرمكوا وتتنقلوا مكان أحسن .
سميرة : طالما ابتدت كدة هنفضل طول عمرنا نتنقل فى الأماكن دى ، بكرة أما يتنقل يروح السلام وإلا حلوان .
زميلة 3 : حبيبك يبلع لك الزلط ، لو كان عمر دلوقتى وقعدك حتى فى الشرقية كان زمانه على قلبك زى العسل .
سميرة : أيوه ، هأنكر ؟ لو كان عمر وعيشنى حتى فى الصحرا ما كنتش أتضايقت ، عشان عمر قلبه كان سكنى ودنيتى .
زميلة ١ : وعبد الرحمن جوزك وأبو عيالك فوقى بقى يا سميرة .
زميلة ٢ : انتى مش قولتى أنا نسيت عمر .
سميرة : أنا فعلا نسيته ، انتى اللى سألتى وقولتى لو كان عمر وأنا جاوبتك بصراحة ، لكن خلاص عمر ما بقاش ليا ، لازم أسلم بكدة ، وراضية والله بنصيبى ، عمر إيه بعد ما بقى معايا تلات عيال ؟انتقل عبد الرحمن وسميرة بالفعل إلى البساتين ، وهناك وضعت طفلتها عائشة ، التى استقبلتها استقبالا فاترا حيث كانت تأمل أن تنجب ذكرا حتى تستطيع التدلل على زوجها أكثر لعلمها أن كل الرجال يحبون إنجاب الذكور ، وعلى العكس تماما فرح عبد الرحمن فرحا شديدا ، ظل يقبل الطفلة ويقول : مرحب بالمؤنسات الغاليات ، مرحب ببنت أبوها وسبب دخوله الجنة .
سميرة : يعنى مش زعلان ؟
عبد الرحمن : أعوذ بالله ، حد يزعل من النعمة ؟ فى ناس مش طايلة ضفر عيل ، ربنا يعطيهم .
أقام عبد الرحمن لابنته سبوعا دينيا حيث قام بذبح شاة عقيقة لها ، حرص على توزيعها بنفسه على فقراء المنطقة ، وفور تعافى سميرة ذهب بها إلى منزل العائلة بالشرقية وذبح شاة أخرى وزعها على أهل بلدته .
مر عام وعزيزة منتظمة فى جلسات الغسيل الكلوى ، عانت معاناة شديدة و'أنهك جسدها بشكل ملحوظ ، وأصبح كالهيكل العظمى ، حيث أصيبت بأنيما حادة وانخفاض مزمن فى ضغط الدم ، جعلها تشعر دائما بالخمول ،
لم يهون عليها مضاعفات مرضها سوى وجود عزة بجوارها .كعادة عزة بعد كل جلسة غسيل كلوى لشقيقتها تذهب إليها فى الصباح لتطمئن عليها قبل الذهاب لعملها ، اشترت طعام الإفطار وبعض اللوازم الأخرى ، طرقت الباب طويلا حتى استيقظت نهلة ابنة شقيقتها وفتحت ، شعرت عزة بانقباض شديد فى قلبها فور دخولها الشقة ، شمت رائحة الموت تملأ المكان ، جرت ملهوفة على حجرة شقيقتها فوجدتها نائمة ، اقتربت منها لتوقظها ، هزتها هزة خفيفة وأمسكت يدها فوجدتها باردة كالثلج ومتخشبة ، صرخت عزة وسقطت مغشيا عليها ، فاقت لتجد نفسها فى سرير شقيقتها ومعلق فى يدها محاليل .
انتظروا الحلقة القادمة بإذن الله
أنت تقرأ
مقبرة الحب الاول
ChickLitقصة حب لم تنته بين عمر وسميرة تزوج عمر من عزة وظل قلبه معلق بسميرة وتزوجت سميرة من الشيخ عبد الرحمن وظل قلبها معلق بعمر رغم انجاب كل منهما ثلاثة اطفال وفجاة تلتقى سميرة بعمر فتقرر انهاء حياتها الزوجية مضحية بزوجها المحب واولادها الثلاثة من اجل الزوا...