مقبرة الحب الأول

124 8 0
                                    

دخلت عزة الحجرة فارتبك عمر وأغلق البرنامج بسرعة ، وفتح ملفا خاص بعمله ، رغم أنه جعل الجهاز فى وضع لا يراه الداخل ورغم أن عزة لا تنظر أبدا إلى ما يفعله ، لكنه يدرك أنه يرتكب خطئا لذا حاول إخفاءه .
عزة : عايز حاجة يا عمر ؟
عمر : لا شكرا .
عزة : وراك حاجة ؟
عمر : شوية شغل هاراجعهم وأجى وراكى على طول .

وقف عبد الرحمن فى المطبخ ينظف الأطباق والأوانى التى تناولوا الطعام فيها ، ومن آن لآخر ينظر إلى الباب بترقب ، حاول إنهاء عمله بسرعة قبل أن تأتى أمه ، لكن خاب مسعاه وحضرت أمه .
الأم : كمان هتغسل المواعين ؟
عبد الرحمن : الحاجات الكبيرة بس ، حبيبة بتغسل الخفيف .
الأم : والمحروسة دخلت نامت ؟
عبد الرحمن : كتر خيرها طول النهار تعبانة .
الأم : والله تعبانة تقعد .
عبد الرحمن : يا أمى انسى إن سميرة مرات ابنك ، اعتبريها بنت من بناتك هترتاحى .
الأم : أنا مرتاحة ونفسى انت اللى ترتاح .
عبد الرحمن : أنا كمان مرتاح ، ما تحمليش همى فى حاجة .
الأم : ربنا يريح قلبك يا ابنى .

ذهبت عزة لفراشها ، ظلت تنتظر عمر ، ومن جديد شردت رغما عنها وتذكرت حاتم ، لكنها فى هذه المرة تداركت الأمر بسرعة ، واستعاذت بالله من الشيطان الرجيم ، ومن جديد لامت نفسها بشدة ولعنت الشيطان الذى لا يريد أن يتركها ، شعرت بالذنب أكثر وهى تتذكر عمر الذى تتخيل أنه لم يخنها أبدا ، المسكينة لا تعلم أن الخيانة ليست بالجسد فقط ، فخيانة المشاعر والقلب والتفكير أشد خطرا ، ها هو معها بجسده لكنه بقلبه وتفكيره مع امرأة أخرى ، امرأة لم يستطع أن يخرجها منه رغم مرور كل هذه السنوات ، مازال يبحث عنها وعن أى خبر منها .

حرصت سميرة على الذهاب للفراش مباشرة وفور وضعها جسدها فى السرير تظاهرت بالنوم .
جاء عبد الرحمن بعد أن صلى بعض النوافل ، جلس بفراشه يختم الصلاة ويقرأ الورد الليلى وأذكار المساء وآيه الكرسى ثم دعا ربه بالهداية لأولاده ولزوجته بصلاح الحال ، وقبل أن ينام سأل سميرة .
عبد الرحمن : صليتى يا سميرة ؟
تظاهرت سميرة بالنوم فلم تجب .
فهزها هزة خفيفة من كتفها قائلا : ام عبد الله صليتى العشا ؟
تظاهرت بأنها كانت تغط فى نوم عميق و قالت بصوت واهن : أيوه صليت ، سيبنى بقى عايزة أنام .
أنهى عبد الرحمن أذكاره ، ومد جسده بجوار سميرة ، حاول احتضانها فتذمرت واستدارت وأعطته ظهرها ، فابتعد عنها قليلا واستسلم للنوم .

ظلت عزة تقرأ بعض سور القرآن القصيرة تحصن بها نفسها ، وعندما طال انتظار عمر ذهبت إليه .
وما ان رآها حتى ثار عليها .
عمر : مش معقول كدة يا عزة ، ما تنامى انتى عاملة زى العيال الصغيرة كدة ليه ؟ أسيب شغلى وأجى عشان أنتى ما بتعرفيش تنامى من غيرى ، ما تقدرى إنى لسة مسافر ، لم تنطق عزة بكلمة واحدة ، خرجت من أمامه مكسورة ، ظنت أنه سيتبعها كما فعل عند تناول الطعام ، لكن يبدو أن ما يشغله كان أهم منها .

عادت عزة إلى فراشها مكسورة ، كانت فى حاجة شديدة إلى وجود عمر معها ، حاجتها إليه اليوم مختلفة ، بكت بشدة ، لأول مرة يجرحها عمر بهذا الشكل ، لم تتعود منه على القسوة ، لذا عذرته وانتظرت أن يعود لتعتذر له ، لابد أنه مشغول حقا ، عليه أن يتابع عمله بالبريد الالكتروني حتى بعد انتهاء أوقات العمل الرسمية ، ظلت تنتظره حتى غلبها الإرهاق والنوم .

دخل عمر الحجرة على أطراف اصابعه حتى لا يوقظ عزة ، دلف إلى فراشه ، وكالعادة وككل ليلة ظل يتقلب ويفكر فى سميرة حبه الأول .
عمر : يا ترى يا سميرة نسيتينى ؟ كم مرة جيت على بالك ؟ تعرفى إن ما فيش يوم عدى من غير ما أفكر فيكى ، عمرى ما قدرت أنساكى ، وما اظنش ده هيحصل طول ما أنا عايش ، وحاسس إنك هترجعى لى ، وهيكون لى معاكى حكاية كبيرة ، أنا كل يوم أحلم بكدة ، أحلم انك مرأتى وفى بيتى ومخلفين كمان ، ضحك عمر وقال بسخرية : حلم ومش هيبقى أكتر من كدة .
عمر : فوق يا عمر سميرة خلاص بقت حلم ، وحلم مستحيل ، عيش الواقع مع الست اللى بتتمنالك الرضا ترضى ، ما تتبطرش على النعمة اللى فى إيدك لتزول منك .
انتظروا الحلقة القادمة بإذن الله

مقبرة الحب الاولحيث تعيش القصص. اكتشف الآن