مقبرة الحب الأول

82 5 0
                                    

، علم عمر بما تخفيه عنه ، 'صدم عندما وجد تاريخ الشراء حديثا ، وما أن وصلت حتى قرر مواجهتها .
عمر : إيه ده يا سميرة ؟
أمسكت سميرة الخطاب ونظرت فيه وقالت : أنت بتتجسس عليا ؟
عمر : أنا لقيته جاى من المحكمة قلقت ليكون حاجة خاصة بطليقك .
سميرة : دى شقة اشتريتها بفلوس ورثى .
عمر : وخبيتى عليا ليه ؟
سميرة : دى بفلوسى ما أخدتش حاجة منك ، وبعدين هى لمين يعنى ؟ أهى لابنك .
عمر : للدرجة دى شايفانى وحش ؟
لم ترد عليه سميرة وتركته ودخلت حجرتها .
لم تحاول أن تصالحه ، ثم تعاملت مع الأمر كأنه لم يحدث شيئا ، هو أيضا تقبل ما حدث ولم يناقشه ثانية ، عليه تقبل الواقع مهما كان مرا ، لقد ضحى بالغالى والنفيس من أجل وجود سميرة معه ، عليه أن يقبل بعيوبها وبشروطها ، عليه تحملها مهما فعلت ، لقد تحدى الجميع من أجلها ، ولن يستطيع مواجهة أحد لو فشل ، تبدلت الأدوار وبدلا من أن تحتمل المرأة من أجل بيتها أصبح هو من يتحمل ، حتى لا يقال هذا ذنب زوجته الأولى .

عمر ليس وحده من يفعل هذا ، الكثير من الرجال بل والنساء ممن افتروا فى تجربة الزواج الأولى ، اصبحوا 'ملزمين بالتحمل فى التجربة الثانية مهما قابلوا من مشاكل ، حتى لا يقال أن سبب الفشل منهم ، أو هذا ذنب الطرف الآخر .

كان جلال قد اتفق مع عزة أن يكون زفافه على زينب ثالت أيام العيد لكنه احتراما لحزن مايسة قرر ان يؤجل الزفاف حتى العيد الكبير ، ترك زينب تخبر عزة بهذا القرار .
زينب : إحنا قررنا نأجل الجواز للعيد الكبير .
عزة : ليه يا حبيبتى ناقصك حاجة ؟
زينب : عشان خاطر مايسة .
مايسة : ما تأجليش فرحك ، أنا فى مكان وانتى فى مكان ، وبعدين جدتى ميتة من تالت يوم رمضان ، يعنى هيكون عدى على موتها يجى شهر .
زينب : لا يا مايسة، وبعدين إحنا استنينا كتير ما جاتش من الشهرين دول .
مايسة : لا يا حبيبتى اتجوزى وافرحى ، كفاية تأخير للفرح ، عايزين نفرح بيكى .
عزة : خلاص نخلى الفرح بعد الأربعين .
مايسة : الفرح هيكون فى ميعاده ، وما تحملوش همى .

أكمل جلال وزينب شوارهما ، أعطتهما عزة مبلغا كبيرا يدبران به أمورهما ويشتريان ما ينقصهما ، كانت شقتهما كالجنة رغم بساطة أثاثها ، قلة الأثاث والأجهزة والأشياء غير المهمة جعلتها واسعة مريحة للعين ، سهلة التنظيف ، انتهى كل شئ واستعدت عزة لزواجهما ، تم عقد القران في قاعة تحفيظ القرآن الملحقة بالمسجد القريب من منزل العروسين ، تم نقل منقولات زينب بالتروسيكل الخاص بجلال ، علق جلال على هذا قائلا : دى أحلى وأغلى حاجة نقلتها .

شاركت البنات جميعا فى ترتيب الشقة التى لم تأخذ مجهودا كبيرا ، تم عمل فراشة صغيرة أمام منزل زينب جلست فيها زينب بجوار جلال مثل وردتين متفتحتين ، والجميع حولهما فرحين ، غنت بنات ونساء الحى أغانى الأفراح الشعبية بمصاحبة بعض الأدوات البسيطة كالطبلة والرق ، تم عمل فراشة مماثلة أمام منزل جلال، جلسا بها مدة مماثلة ، فعل المدعوين نفس الشئ ، بساطة أهل جلال وزينب وطيبتهم منحت الليلة رونقا خاصا ، وعلى أنغام الموسيقى الشعبية الشهيرة تم زفاف جلال وزينب إلى عشهما ليبدءا حياة جديدة يملأها الحب والرضا .

بعد وفاة جدة مايسة بدأت تفيق من غفوتها ، خصوصا بعد أن رأت زينب تزف إلى جلال ، الرجل قد يقيم علاقة عاطفية مع الفتاة لكن عندما يبحث عن زوجة يختار زوجة عفيفة محترمة ، لا يتزوج من عرفها حتى لو كانت علاقته بها نظيفة ، وهى لم تقم علاقات عاطفية فقط بل فعلت ما هو أسوأ وأحقر من هذا ، من سيتزوجها وسيرتها أصبحت تسبق اسمها فى كل مكان ، فى شارعها يلقبونها بمايسة الصايعة ، وأحيانا بألقاب أبشع من هذا اللقب ، ماذا جنت من الطريق الذى سارت فيه غير الندم والتحقير ، آن الآوان أن تتوقف عن السير فى هذا الطريق طريق الخطيئة ، آن الآوان أن تتوب ، الله يفتح بابه لكل تائب ولن تجد أفضل من هذه الأيام المباركة للتوبة فيها .

تخلصت مايسة من كل ملابسها والتى كثيرا ما عاتبتها عليها عزة ، اشترت ملابس جديدة محتشمة ، ارتدت الحجاب وواظبت على الصلاة ، ولأنها لم تصم رمضان منذ أن كانت فى الخامسة عشر من عمرها قررت أن تعوض كل ما فاتها ، كانت تصوم معظم الأيام ، تبكى كثيرا دموع الندم والتوبة ، الليل الذى كانت تقضيه فى المكالمات والعلاقات الآثمة أصبحت تقضيه في الصلاة وقراءة القرآن ، لم يكن حال مايسة خافيا على عزة التى فرحت كثيرا بتغيرها وحمدت الله أنه استجاب لدعائها لها .
طلبت عزة من مايسة أن تأتى لتعيش معها فوافقت على الفور ، وفى أحد الليالى وأثناء جلوسها تقرا القرآن جائتها مكالمة قلبت حياتها رأسا على عقب ، فخرجت مسرعة من حجرتها ، طرقت باب حجرة عزة بشدة ، خرجت عزة مفزوعة .
عزة : فى إيه يا مايسة ؟
مايسة : الحقينى أنا فى مصيبة .
انتظروا الحلقة القادمة بإذن الله

مقبرة الحب الاولحيث تعيش القصص. اكتشف الآن