مقبرة الحب الأول

81 5 0
                                    

كان هشام نبيل الاعلامي المعروف باهتمامه الشديد بالبحث عن فضائح وأوجه تقصير الحكومة يقوم بتصوير إحدي حلقاته في منطقه سوق الجمعة في ميدان السيده عائشه ، كان يصور حلقة عن سكان القبور ، وبعد أن انتهى من تصوير الحلقة شعر بالرغبة في قضاء حاجته ، فذهب إلى المسجد القريب الذي كان يعمل به الشيخ عبد الرحمن ، فاستحي أن يدخل المسجد فقط لقضاء حاجته ، فقرر الوضوء و أداء صلاه العصر خلف الشيخ عبد الرحمن ؛ وبعد أن انتهي من الصلاة و قبل مغادرة المسجد وجد جميع رواد المسجد يلتفون حول الشيخ عبد الرحمن الذي اعتاد أن يعطى كل يوم درسا دينيا بعد أداء صلاه العصر ، شيء ما جذبه لسماع هذا الدرس والذى كان عن تارك الصلاة ، شعر هشام نبيل أن الدرس موجه له ، لم يرهبه الشيخ عبد الرحمن ، ولم يهدر دمه كما يفعل بعض الشيوخ ، بل جعله يحب لقاء الله بشكل جميل ، أوصح أن الصلاة هى لقاء العبد بربه ، ومن منا لا يحب لقاء الله ، ليس مرة واحدة بل خمس مرات فى اليوم ،  بعد سماع الدرس انشرح صدر هشام نبيل إلى الصلاة وأصبح مواظبا عليها .

أخذت سميرة نصيبها فى منزل والدها واشترت به شقة بدون تشطيب فى أطراف القاهرة ، أغراها انخفاض ثمنها وحداثة المبنى ، الغريب أنها أخفت أمرها عن عمر ، هي نفسها لا تدرى لماذا فعلت هذا ، لكن كثرة الخلافات بينهما في الفترة الأخيرة جعلها تحتاط .

اعتاد هشام نبيل من آن لآخر وكلما ضاقت الدنيا به الذهاب إلى هذا المسجد يؤدي فيه الصلاة ، ويستمع الى درس من دروس أو خطبة من خطب الشيخ عبد الرحمن ، والتي غالبا ما كانت تأتي لتجيب عن سؤال يشغل باله أو تمنعه عن فعل شئ معين كان يقلق منه .

نسي عمر بنتيه تماما وانشغل عنهما ، وعندما علم ما وصلت إليه عزة قطع المصروف الذى كان يرسله واكتفى بالاتصال بهما تليفونيا من آن لآخر ، أصبح لا يشغله سوى سميرة وابن سميرة .

اقترب موسم رمضان وكانت القناة التى يعمل بها هشام نبيل تحتاج إلى فقرة دينية ، ظل صاحب القناة يبحث عن فقرات جديده تلبى رغبات المشاهدين خصوصا في الشهر الكريم الذي 'يقبل فيه الناس على سماع البرامج الدينية و برامج البث المباشر ، لكنه وجد كل الوجوه مستهلكة ، وبعضها تحوم حوله الشبهات ، فاقترح هشام نبيل على صاحب القناة التعاقد مع الشيخ عبد الرحمن ، وأخذه ليسمعه بنفسه ، 'أعجب مالك القناة بأسلوب الشيخ عبد الرحمن بمجرد سماعه ،  وبالفعل تم التعاقد معه علي تقديم برنامج ديني كل يوم في رمضان ، يجيب فيه عن أسئلة واستفسارات المشاهدين .

أطل الشيخ عبد الرحمن فى رمضان علي المشاهدين بشكل يومي بوجهه السمح وأسلوبه المحبب ، يوضح سماحه الدين ويسره ، لم يتحدث عن النار بل تحدث عن الجنة وما يقرب منها ، لم يرهب بل رغب وحبب .

زادت نسبه المشاهدة على برنامجه بشكل كبير ، وبعد أن كان عقده شهرا واحدا شهر رمضان ، تم مد مدة العقد تصبح عاما كاملا بمبلغ مالى كبير .

وفي أقل من عام ذاع صيت الشيخ عبد الرحمن وأصبح من أشهر شيوخ الفضائيات تتهافت عليه كل القنوات للتعاقد معه ، لكنه ظل وفيا للقناة التي عمل بها والتي خرج للناس منها لأول مرة .


كانت عزة تحرص من آن لآخر على توزيع وجبات الطعام بنفسها وتأخذ معها بناتها .
لوجى : ما تخلى العمال اللى بيوزعوا الأكل يوزعوه ، هو لازم إحنا نروح ؟
عزة : لازم يا حبيبتى كل شوية  نعمل الخير ده بنفسنا ، عشان نشوف الفرحة فى عيون الناس ، العطاء له فرحة ومتعة كبيرة لو اتعودتى عليه مش هتقدرى تمنعيه أو توقفيه . 

كما كانت تشترى ملابس أطفال جديدة مرتين كل عام ، مرة فى بداية الصيف ومرة فى بداية الشتاء ، بخلاف ملابس العيد ، كانت تقوم بتوزيعها على أطفال الشوارع وأولاد الباعة البسطاء ، كانت تركز على الأطفال لأنها كانت يتيمة وفقيرة وتعلم مدى حاجة الطفل لملابس جديدة ، كانت أيضا توزعها بنفسها وتشتريها بنفسها ، تخشى أن 'توكل بهذه المهمة لأحد فيشترى أقل من الكمية التى ترغبها أو بجودة أقل ، فقد كانت تحرص على أن تشترى من أجود الخامات ، هذه تجارتها مع الله ، لابد أن تكون بضاعتها جيدة .

وفى أحد الأيام كانت توزع الوجبات فى موقف السيارات أثناء زيارة عبد الرحمن لمسقط رأسه مدينة الزقازيق بالشرقية رآها
انتظروا الحلقة القادمة بإذن الله 

مقبرة الحب الاولحيث تعيش القصص. اكتشف الآن