مدوية فتاكة | Ch 7

147 18 3
                                    

وبعد أيام وتحديداً في المساء خرجت الأميرة بعد أن هرب منها الكرى لتمشي قليلاً في الحديقة لعلها تجده هناك . ولكنها لم تتوقع أن تقابل أميرها الذي لا يجرؤ على النظر إليها ولو قليلاً ، سألها بهدوء قائلاً:
-كيف حالكِ أيتها الدمية؟.
-لستُ على ما يرام!.
-لمَ؟.
-إنه سِر ، هل أستطيع طلب شيء مِنك؟.
*سِر؟ هل تتلاعب بي؟*
- اوه بالطبع يمكنكِ طلب أيِّ شيء مهما كان!.
*هذه أول مرة تطلب مني شيئاً فيها! ، إنه تصرف غِرْ ولكني أحس ببهجة عارمة*
-طلبي هو : أن تنظر إليّ عندما تحادثني!!!.
صعق صعقاً شديداً ، فلم يتوقع أنها ستطلب طلباً كهذا ، و أيضاً إنه طلب عسير عليه ذلك الشخص ذا أعلى رتبة في هذه البلاد!.
-أنا آسف.
-أرجوك كُف عن الإعتذار أنت لم تقم بأي شيء آذاني ، أرجوك سموك.
*كما أن الإعتذار لا يليق بك حقاً*
-أنا لم أُحب إصطحابي لكِ لحفل ريكاردو ولم أُحب كيف أنكِ كنت عرضة للخطر ، وحتماً لن أُحب أنكِ حضرت حادثاً خطيراً كذاك!. لذا ...
* لا أجرؤ على النظر حتى إليكِ *

-لكني لم أتأذى!. وقد سامحتك لذا أرجوك توقف عن هذا التصرف.
إكتفى بالصمت واِحمرَّ وجهه بشدة وكان واضحاً بسبب بياض بشرته الناصع ، أمَّا هي فقد سرحت مجدداً وهي تتأمل محياه في حين أنهُ يشعر أنه قد تم مضايقته من فتاة صغيرة!.
••
قد كانت بداية يومٍ هادئة ولم تجد شيئاً لتفعله لذا قررت أن تتجول في القصر فلعلها تتعرف على هذا المكان أكثر وتسد جنون أفكارها الذي أرهقها كان كملحمة لا تتوقف ، كانت قلقة من كل شيء وكل شخص في ذلك القصر ورأتهم كما لو كانوا دُمى ضَارَّة تسعى لقتل ذلك الأمير ، شعرت بألمٍ فضيع وحزن أفضع ، ولم تجد وسيلة لكبحهما ورأت أن غرفتها كانت موضعاً مرهقاً للتفكير فلا هي توقفت عن التفكير ولا هي قادرة على إيجاد حلٍ لتلك الكارثة التي تنساب بصمت . خرجت وأخذت مظلة سُكرية جميلة . كان القصر هادئاً وكل شخصٍ يعمل في موقعه.
وفي أثناء تجولها في القصر لمحت فرساناً إتضح أنهُم فرسان ملكيون من رتبة مرتفعة ، عندما رأوها ألقوا التحية وبادلتهم ونظرات الاستغراب تعلوا أولئك الفرسان حتى أردف أحدهم :
-ولكِن هل أنتِ أنسة نبيلة من عائلة أرستقراطية ما؟
ليستمر الآخر :
-لم يسبق لي رؤية أنسة شابة تتجول في القصر الملكي بحرية.
-أنا أميرة جيمان.
لتعلوهم ملامح الصدمة  ويصرخوا بصوت واضح إو لنقل أنه عالٍ:
-ماذا؟!
ومن ثم بدأوا في الإعتذار واحداً تلو الأخر وهم مرتعبون:

-س-سموكِ نقدم لكِ إعتذارنا الشديد ، لم نكن ندري أنها أنتِ!.
-سامحينا وأعفي عنا ، نرجوكِ.
-ياويلنا سيقوم سموه بتقصيلنا وتعليق رؤوسنا في وسط المدينة!.
-وسيغمرنا الخزي والعار للأبد حتى بعد موتنا!.
-ولن نتزوج أبداً.
تعجبت فيوليت بذلك التصرف تعجباً شديداً ووجدت نفسها تهدئهم وهي تشعر بالذنب ، ولم يخطر ببالها أبداً أن هناك سبباً واضحاً لخوفهم وحرصهم هذا!
-إهدأو يا أيها الفرسان ، لا أستطيع أن أفهم في أي جزء أنتم أهنتموني هدأوا من روعكم وكفاكم أنيناً.
- أنتِ رحيمة جداً أيتها الأميرة!
-نشكركِ حقاً.
-نقدم لكِ جزيل الشكر.
وجدت نفسها تطرح ذلك السؤال العفوي الذي يسعه إظهار كل نواياها قائلة:
-ولكن هل الأمير مخيف لجعل فرسان شجعان مثلكم على هذه الحال؟.
ليجيب أحدهم :
-حسناً إن الأمر هو أنه قد أصبح مخيفاً في الأعوام الأخيرة ، أتذكر أنه حينما عرفته قد كانت الإبتسامة لا تغيب عن ثغره وكان يبدو نقياً مجرداً من الهموم ، ولكنه الآن يبدو كما لو أنه كبر وأصبح أكثر جدية.
ويستمر الآخران :
-نعم قد صدقت القول لقد كان سموه مرحاً جداً حينها.
-لكنه تغير وأصبح عصبياً ومخيفاً الآن.
-متى عرفتموه؟
سألت وبكل وضوح ليجيبوها :
-قبل ثلاثة عشر عاماً
-اوه ، كيف كان يبدو ؟.
-مثل الآن تماماً ولكن كطفل مع إبتسامة تداعب القلوب بدفئها.
-لقد كانت إبتسامته تدفئ الأرواح قبل القلوب.
-يا رباه!.
*أرغب في رؤيته كيف كان ، لا أقدر على قمع فضولي!*
-عجباً ، عمّا تتحدثون هُنا في ساحة التدريب؟ ، وبَل والأميرة متواجدة في مكان خطير كهذا! ، أجننتم أخيراً أم ماذا؟.
قرع ذلك الصوت المعروف طبول أذانهم وأوصل قلوبهم إلى مِعَدهُم ، ومعاني الرجولة والشهامة والفروسية قد حزمت رحالها وسافرت لبلادٍ لم يعرف عنها شيء..!!
*أنت دائماً تظهر من حيث ما لا أعلم*
-أهلاً بك سموك ، معذرة منك فقد كنا نتجاذب أطراف الحديث عن موضوع شيق ما.
أردفت "فيوليت" بجرأة ، ليردف الأمير بسؤال :
-وما هذا الموضوع الشيق؟.
-إنه سر.
-لا! ، إنها تمزح فقط يا سموك فقد كنا نتحدث عن لقائنا بك لأول مرة فقط!.
*يا إلهي ، إنهم خائفون من أن يسيئ فهمهم ويعاقبهم! .*
-نعم ، أرجوك لا تسئ الفهم.
سئل بإستغرابٍ وإستعجاب:
-لمَ أنتم خائفون هكذا؟ .
لتجيبه "فيوليت" بصراحة:
-لأن سموك تخيفهم.
*لا يسعني السكوت عليه أن يصدم بالواقع.*
-أخيفهم؟ ، ماذا ؟ هم الذين يستطيعون إخافة بلدٍ برمتها!! ، أهكذا تدرب الفرسان الملكيون؟ ، ويحكُم كيف تملكون جانباً كهذا تعرضونه علناً للملأ! ، بئس جهدٍ ضائع بذلته معكم .
فيحاول الفرسان مصارحته :
- الأمر هو...
-سموك ، نحن لسنا جبناءاً !.
لم تعجب "فيوليت" بالوضع فأردفت:
-لمَ عليكم أن تستائوا من بعضكم هكذا؟ ، سموك لديهم وجهة نظر فأغلب المقاتلين والفرسان سيخشونك لعصبيتك وقوتك وليس لأنهم جبناء ، ثم أني أرجح بأنهم لم يصلوا لهذا المستوى إلا بشجاعتهم وقدرتهم لذا لا أعتقد أنهم جبناء أو ضعفاء.

وبعدها انصرف الفرسان بعد تحيتهم الحارة لسادتهم ليعم الهدوء ، ويسأل الأمير بابتسامة:
-هل خشيتِ أن نسيئ فهم بعضنا ؟.
-اوه ، أجل .
-ولمَ؟
- رأيت بأنكم تعرفون بعضكم منذ فترة طويلة جداً لذلك حزنت عندما رأيت سوء التفاهم الذي وقع بينكم.
*حتى إنه عندما يمتلك منصباً كهذا ستكون إعتقادات الجميع حوله متذبذبة ، كل ما يفعله وأي تحرك له لن يكون مريحاً إذا فهمه الطرف الآخر بشكل خاطئ ، فتارة يرونه متكبراً وتارة اخرى يرونه طاغياً ، وماذا أيضاً يا تُرى؟ *
-كل شيء بخير الآن بفضلكِ.
-لم أقم بشيء كبير.
وبعد نقاشهما الذي استمر طويلاً عاد كل منهما لمكانه ، وبينما كانت "فيوليت" متوجهة صوب غرفتها صادفت الفرسان مرة أخرى تقدموا نحوها وأدوا التحية ومن ثم يردف أحدهم وقد كان أكحل الشعر والعينين و ذا بشرة حنطية :

آمَالٌ مُتَلأْلِئة | Bright Hopesحيث تعيش القصص. اكتشف الآن