دَأبُ ضَنِيّ | CH 4

73 14 13
                                    

* هناك الكثير مما يجب علي القيام به ، ولكن مالذي سأتمكن من القيام به في هذا الوضع ؟! ، لقد قرأت أكثر من ثلاثين كتاباً وكان ذلك كل ما وجدته في المكتبة الملكية ، وأما عمَّا استخلصته من كل ذلك كان : أن تلك اللعنة تهلك جسده ، أو لنقل : أنها تستغل كونه بشرياً وتؤذيه فإذا هوى ستكون قد نجحت وإن لم يفعل ستغزل له المزيد من الحيل لتطيح به ، لقد كنت اراهم كثيراً في ما يرى النائم ، وكنت أشعر بلمسات أناملهم الوضيعة في أرجاء القصر ، ولكن ما هو ذلك الدرع المنيع الذي يستعمله جلالته ليحمي نفسه منهم ؟

وهل هو يعلم بوجودهم حتى؟. *

وبينما هي مشرَّدة النفس متناسية لكل شيء ومنصبة في التفكير في الأمر ذاته دون الإنشغال بغيره ، في ذلك الممر الفسيح تنعم النظر في تقاسيم النافذة وما خلفها ، لمحت ذا الخصلات الفضية يتدرب بجد وحيداً في الساحة ، هي لم تره منذ ذلك اليوم الذي كان يتصرف فيه بغرابة وسرعان ما قررت الخروج إلى الساحة ، وسرعان ما أبلغت الخادمة وسرعان ما إندفعت إندفاعاً إلى الخارج .

-كيف حالك .
-اوه ، أهلاً بالأميرة الدمية ، أنا بخير فماذا عنكِ؟ .
*دمية؟؟*
-وأنا بالمثل ، يبدو أنك في مزاج جيد اليوم.
-أجل أنا كذلك.
*بعد أن تخلصت من ذلك الرجل بالطبع سأكون كذلك*

-كيف تقضين وقتك؟.

سأل وهو يستدير لبرهة ليتفقد ما الذي خلفه لأنه أحس أن شيئاً ما يضطرب خلفه ، ثم نظر إليها فوجدها تحمل سيفه وتسأل :

-كيف تستطيع حمل هذا الشيء الثقيل طوال الوقت؟.
-ستؤذين نفسكِ إنه ثقيل دعيه!.

ومن ثم رفعه عنها وأعاده لغمده وهي تراقبه ولكنها صعقت عندما رأت من وقف خلفه فجأة ، لم تتخيل أنه قد تراه يوماً ، وبل لم تتخيل أنه كان موجوداً على أرض الواقع حتى! ، أما الآخر فقد استدار نحوه وصار ينظر إليه بنظرات مُلْؤُها الحزن ومُلؤها الكدر بالطبع سيكأب لرؤية ذلك الصبي ذا الخصلات البيْض ، حقيقة: قد كان أبيضاً من رأسه إلى أخمص قدميه ، بالطبع سيكون كذلك لأنه روحٌ وليس بإنس ، لقد كانت وقفته الهزيلة تلك كفيلة بفطر قلب الأمير وإغراقه في أعمق ديجور كآبة لأنه كان يدري كل الدراية ما كان يحمل ذلك الصبي من عبء قبيل مماته ، وكانت كفيلة أيضاً يتجميدها من الخوف و إيصالها إلى أقصى حالاتها من الجزع حتماً ستفعل لأنهُ ذات النفس الغريبة التي كانت تختلف إليها في منامها غير ليلة و تخنقها و تخبرها عن لعنة الأمير! .

تقدم ذلك الخيال متثاقلاً حتى انتهى امام الأمير وانحنى مردفاً:

-أشكرك كل الشكر ، أرجوك دعني أرد لك صنيعك الذي أنقذت به أُمي.
إندفع الأمير بغضب هيستري حوى بين طياته كدراً خفياً وصرخ قائلاً :
-كفاك إزهاقاً لروحك ومُت هذا يكفيك صدقني لا أريدك أن ترد لي المعروف فقط عد وأرح نفسك التي شبعت من الدهر ألماً .
أومئ الآخر إيجاباً وقال بيده صوب الأميرة واردف :
-حسناً ولكني تركت عند هذه الأميرة سراً سيساعدك كثيراً ، آمل أن يرد نصف معروفك يا جلالتك.
-لمَ هي؟.
-لأنها الوحيدة التي ستتمكن من التعامل مع تلك الحقيقة.

واختفى ذلك الخيال وعاد من حيث أتى والأمير تعلوا تقاسيمه بوادر القلق والأميرة تنظر إلى المكان الذي اختفى فيه ذلك الخيال والوعي يتبدد عنها والهلع يغمرها ، لم تتمكن استيعاب الموقف او تمييز ما إذا كان واقعاً أم ضرباً من الوهم كما يتوهم الناس .

التفت الأمير نحوها وسأل بسرعة ووجوم:
-ما هو ذلك الأمر ؟.
علمت بأن إعلامه في هذا الوقت إجراءٌ غير مناسب بالمرة ، سكتت قليلاً ثم أردفت:
-أنا ..
أعدك بأني سأخبرك عندما يحين الوقت الأمثل.
-لكِ ذلك.

إن أصاب تخمينها فقد كانت هذه أول مرة يبدي فيها الأمير تعبيراً مشوشاً كهذا أو حزيناً كذاك ، جلست في شرفتها بهدوء بعد أن إكتست الأرض بستار الليل الأسود ، لم تكن تبحث عن النوم وبل لم تكن تنال حظها الكافي منه طيلة الأيام الماضية ، كانت تصبح وتمسي في قلق فلم يجد النوم حيزاً كافياً بين كل ذلك القلق . أما عن هذه الليلة فقد كانت تملك سبباً أغرب لتفكر فيه وتقلق منه ، كان ذلك الطيف الذي بدا أن الأمير يعرفه قبيل مماته إرتاعت وتسائلت كثيراً وتوترت وقلقت كثيراً ولكنها وصلت إلى قرارٍ واحد سليم ، أنها ستندفع ولن تدع الخوف يتملكها ولو قليلاً ، فلمَ الخوف وهي ابنة الدوق سميث؟ ، ولمَ الخوف وأمير البلاد هو نفسه خطيبها الذي يثق بها أشد الثقة ولا يبدو أنهما سينفصلان بسهولة لو لم ينفصلوا ؟ ، دخلت إلى مضجعها وقررت أن تلتمس الراحة بعد أن قضت ربع الليل أو بعضه وهي تفكر ، وسرعان ما داعب الكرى أجفانها لتغط في نومٍ عميق .

آمَالٌ مُتَلأْلِئة | Bright Hopesحيث تعيش القصص. اكتشف الآن