سأذود مستبسلاً ..CH 9

47 6 60
                                    

وبهدوء ، إلتفت يده الباردة الكبيرة حول يدها ، واستند على كتفها بصمت ، الشمس تغرب بهدوء وتملأ المكتب بسنا الشفق البرتقالي ، والرياح تتلاعب بشعرها والستائر ذهاباً واياباً ، كان النسيم منعشاً ، وهدوءه مهيباً ، كان يبدو مرهقاً حقاً ، بقي بذلك الوضع لبرهة ثم وقف باتزان وقبل جبهتها مردفاً:
-ماذا فعلتِ اليوم؟.
-لاشيء مهم.
-أتلك كذبة؟.
-أنت أدرى.
كانت ضحكاتها تسحره دائماً .. وها هي تضحك ، كان بعدها يرهقه وها هي أمامه. عليه أن يحمي هذه النعمة ، ابتسم بدفء وأردف :
-أوتدرين أني ما كنت لأتمكن من العيش بدونك؟.
-ألا ترى أن هذا كثير؟.
-كلا لا أرى ذلك البتة بل هو قليل.
صمتت قليلاً ، بلعت ريقها ، أردفت في تردد :
-...سيغدو أفضل.
-ما هو ؟ .
-الوضع بالطبع .
أومئ موجباً بإبتسامة رسمها بعنت ، واستمر في التحديق بها بصمت كانت إبتسامته تلك تطرد الخوف من ملامحه الجادة غريبة اللون ، ولكن كسرت فيوليت تلك الهيئة الهادئة التي احاطته عندما قالت وفي نبرتها لفحات تردد:
-ولكن إلى ذلك الحين .. لنبتعد عن بعضنا.
-ماذا؟.
سألها بصوتٍ عالٍ ، لتجيبه بهدوء مردفة:
-بينلوب تقطنني ، إنها فيّ! ، أنا رأيتها!.
ضغط على كتفيها وأردف بجدية:
-كيف؟... اتعنين أنها ..
-أجل ، تريد قتلك عن طريقي يا اليكسيس! .
-لا يهم الآن !.
والصراخ يعلو ..
-كلا بل هو مهم ، أرجوك إبتعد لتنجو!.
-لن أبتعد!.
بعيون واسعة وأسنان تصرّ ، قال تلك الجملة صارخاً بها ، صوته المتأجج تصوت في أرجاء المكتب ، هل سيكون كل شيء بحالٍ أفضل؟! ، هل عليهما أن يفترقا حقاً؟. وماذا لو كانت النهاية؟ ، ماذا لو إنهار كل شيء؟ ، هل سيؤول كل مآل إلى ما هو ملائم؟ ، أم أن قلعة جيمان ستقفل بحجة أن السادة قد ماتوا؟!.
أحس بلذعة تكوي قلبه ، وشيء من "الديجافو" ، رجعت به الذكريات إلى أحضان أمه وابتسامات أبيه وإلى لسعات الثلج الذي كان يعبث به بغض النظر عن عدد المرات الذي أخبره فيه السيد "بيل" الفارس المسؤول عنه أنه يؤذيه ، تذكر أنه قد كان دائماً عنادياً من ناحية رغباته وكان كلما تأذى لا يلقي بالاً لذلك بل يحفل بفوزه في مسابقة العناد وتذكر آخر عبارة تلفظ بها السيد بيل .. شيء عن عناده لما يراه صائباً. وهذا مايحدث هو حقاً يرى عدم الاكتراث بشأن لعنته صائباً! ، ولكن قاطعته نبرة فيوليت التي وضعت كفيها على صدره محاولة دفعه مردفة:
-هذا سيؤذيك ، أليكسيس هل تريد الموت شاباً ؟ ، هل تهذي الآن؟ ، لقد رأيتها في الحلم تتكلم عنك كما لو أنك لعبة بين يديها ، أرجوك ، أي جنون سأصاب به إذا نزفت مرة أخرى بسببي؟!.
-.... ليس كما لو أني سأموت.
-بل ستفعل على هذه الوتيرة ، تذكر أنك خلقت من دم ولحم كما بقية الإنس وكفاك ظنوناً غريبة!.
-ولكن هل هذا حقيقي؟ ، لدي تلك الإصابة منذ أن كنت بالخامسة عشرة فكيف يكون ذلك بسببك؟.
-لقد رأيتها ، بأم عينيّ أرجوك افهمني ، سأذهب للدوقية هذه الفترة حتى نجد حلاً .
*إصابة مزمنة؟*
-ماذا ؟ ، الدوقية؟ فيوليت ما من داعي لتفرطي بالقلق-
وهذه المرة بدلاً من أن تسكته هي أسكته العلق القاني ، أسكته حتى تألم لعله يفقه! ، لعله يفقه أن للإنس قدراتٌ محدودة!.
-ما من داعٍ إذن...
ودون أي رد فعل آخر ، خرجت راكضة ، ركضت ونزلت من على السلالم ، وتركت بروتوكولات النبلاء وقلبها وعقلها خلفها هناك في ذلك المكتب مع رجلٍ عنيد عتيد تحاول حمايته ! .
ولكن من يحمي الآخر؟.
أخذتها أقدامها المتسارعة إلى الشرفة التي تكون في آخر القصر في أعلى طابق ، مكانٌ لن يخطر على باله أبداً.

ظنت أن ذلك الحلم قد يكون بشرى خير لجيمان ولكن حدث مالم تتوقع فقد استمر خيال بينلوب يختلف إليها كل ليلة ، يأتيها ، يخنقها ، ويصرخ بصوت جهوري ، ويحكي عن كرهه لجيمان وحقده على جيمان وبطشه بجيمان ، ورغباتها في قتل أليكسيس ، بسبب حقدها على جده! بدا الأمر كرواية تراجيدية تافهة ولكن مهما كان السبب فهل لأليكسيس علاقة؟.
لقد جثمت على نفسها كما تجثم منذ عهدتها ولكنها صرخت بعلو صوتها ، صرخة تشبه تكسر الزجاج تردد صداها في نفسها الالاف الكرات حتى بلغها معناها :
-اللعنة منا ! ، والأميرة ستكون نصلنا الذي سيشق بدن الأمير!.

*أنا الآن ، سبب أذاه ذاك ، لا أدري لمَ وكيف ، لكن ذلك لايحدث له إلا حينما يقترب مني أنا متأكدة!.
أشعر بشعور غريب ، كما لو أن أحدهم يدمرني ويقطعني إلى أشلاء ، أشعر أن قدرتي على التحمل تشح!*

-حسناً ، لن أبكي .
لن أفعل ، لأن كل شيء سيعود إلى ماكان عليه .
*...أجل لن أبكي
لأني وبعد شهر سأكون قد تخلصت من كل همومي وسأرقص هنا إحتفالاً . لأنه لا بأس ، سيكون بخير ، سيكون بحال أفضل بعد أن أذهب ، أليس كذلك؟*
-لن أبكي ..
تباً ، فليجبني أحد.
*أتمنى أن لا يتبعني أليكسيس لا أريد أن يرى وجهي الآن.*

بقيت هناك حتى حلّ الليل وبعدها عادت إلى غرفتها ، ونامت والدمع على وجنتها ، دخل في صمت ورأى الأميرة النائمة ورأى دمعها وأنها لم تغطي نفسها جيداً ، مسح دموعها وغطاها وقبَّل جبهتها . تباً لقد كان أباً ثانياً قبل كونه حبيباً ، جلس بصمت لدقائق يحدج بها وقد تسللت إليه مشاعر سيئة على حين غرة .. فكما لو أنها آخر مرة سيراها فيها؟. كلا كلا ، لا يجدر به التفكير هكذا ... عاد النزيف ، غطاه بمنديل جيبه ، إنتفض و همَّ خارجاً موصداً الباب بهدوء .

آمَالٌ مُتَلأْلِئة | Bright Hopesحيث تعيش القصص. اكتشف الآن