سأذود مستبسلاً ..CH 7

39 6 18
                                    

-هل كان ما أراده حقيقياً؟
أنتِ أضحوكة .
جعلتِ مني سخرية للجميع ، لستِ أبداً مثل ابني.
كيف تجرؤين على منح قلبكِ للشخص الذي أطمح لقهره أنا التي اعتنت بكِ دائماً؟!.
*انا اختنق*
-حب ؟ وجيمانيّ؟ ، يالكِ من تافهة ، كان عليك الزواج من ابني .
*من هي؟*
-توقفي ، من أنتِ لتفعلي ذلك؟! ، ابتعدي عني الآن!.. ابتعدي ..

فتحت عينيها جافلة ، ما رأته لم يكن عادياً ، ولكن تلك الامرأة بدت مألوفة لها وأنها رأتها كذا مرة ، شردت قليلاً وهي جالسة ثم وقفت ، وإذ بها ترى نفسها على الأرض ، ألم تعد ساقاها تحتملانها ؟ ، هذا ليس دواراً عادياً ، إن عينيها لا تفتحان وهناك أصواتٌ جنونية تتخبط بأذنيها كخبط الأمواج ، تقتلها وتحييها ، كما لو أن هناك حفلاً صاخباً يقيمه أحد ما فوق رأسها وإذ بها لا تفقه شيئاً بعد هذا كله.

أفاقت وإذ بها تلقى أليكسيس قد أرهقه القلق وهو جالسٌ بقربها ، قد حل المساء على ما يبدو وبدأت الشمس بالمغيب ، لكن وجهه لم يكن يبشر بالخير ، لقد كانت الهالات السوداء واضحة على وجهه الناصع ، وكان الكدر مرسوماً على ملامحه.
*هالاته سوداء ، بلا شك أنه قد أرهق نفسه في العمل مجدداً ، هل هو بخير؟ *
-مالذي لم يكن علي فعله..؟

تلفظت بتلك الجملة وجلست تنتشل نفسها من النوم بعسر ، ليردف الآخر بنظرة ملؤها الحزن والغضب الخفي ونبرة هادئة باهتة :
-كيف تشعرين؟.
-لا تقلق أنا ...
-توقفي عن الكذب أنتِ غائبة عن الوعي منذ يوم كامل!!! ، لا تزعمي أنكِ بخير من أجل عدم إقلاقي هذا يزيدني قلقاً! .
قاطعها صارخاً محملقاً ، هذه أول مرة يتحدث بها هكذا ، هو حتى لم يفعل هذا يوم أخبرته عن اللعنة ، إرتعشت و شعرت بالخوف ، ولكنها كانت لا تزال شاردة ، غارقة ، غير مستوعبة ، ذلك الحلم الغريب ، من تلك المرأة ؟! ، هي تعرفها و متأكدة! ، قالت شيئاً ما عن "جيمانيّ" ، كانت تقصد أليكسيس بلا شك!! ، هي تريد إيذاءه وهذا واضح! ، ولكن لمَ ؟ وكيف ؟ .
وكاتماً غضبه الذي لم يعبر عنه كما يريد ، أردف:
-مالذي إعتراك لمَ أنتِ لا تتفوهين ولو بحرف !.
هل هذا وقت مناسب كي يكون غاضباً؟ ، سكب من إبريق الماء الذي على الطاولة المجاورة كأساً ، وعندما كاد أن يمده إليها أردفت متسرعة:
-شعرها قاني ، عيونها ذهبية ، أتلك بينلوب؟ .
حدج بوجوم ، ووقع الكأس من يده ، ابتلع ريقه وأردف بنبرة يعلوها الغضب :
-ألم أتوسلكِ أن لا تتكلمي أو تفكري فيها؟.

- لقد رأيتها ! ، لقد رأيتها ! ، لقد رأيتها في حلمي ، لقد ظهرت لي وهي تؤنبني كما لو كنت ابنتها! ، لستُ من استذكرها صدقني!.

-وثم آلت بكِ الامور إلى ما أنتِ عليه الآن.. توقفي أرجوكِ..

لم ينهي عبارته بصوته المتأجج الغاضب ، حتى رأى ذلك الدم ينسكب من فاه ، ينسكب بهدوء ، ويصطحب ألماً مروعاً في قلبه ، ألماً من الإصابة التي اعترته ، وآخراً من صدمته لقد فوجئ حقاً ، وقد كان الثاني أشد من الأول ، أما الآخرى حدقت في ذهول لتصرخ بهيستيريا منادية اسمه :
-أليكسيس ، مالذي يحدث لك؟ أنت لست بخير البتة !.

أخرج منديله بسرعة ، ولم يرد عليها وما كان يريد ذلك ، ألديه سرٌّ لا تدري عنه ؟ ، لمَ هو غريبٌ جداً اليوم؟.

هل كل ما حل على كلاهما فجأة له تفسير غير أنه حصيلة إجهاد أو توتر؟ ، أهو تدبِير مُدَبِّر؟ .

بلعت ريقها بعنت ونهضت من مضجعها متثاقلة مُتسرعة ، لقد كانت خائفة بما فيه الكفاية كي تدلف عليه وتمسك بكتفيه وتصرخ في وجهه .

-كلا! ، كلا! ، كلا! ، ماهذا الذي إعتراك فجأة أليكسيس يجب أن يراكَ طبيب!.
-أنا بكل خير لا تقلقي ، إنها مجرد إصابة قديمة ترجع أعراضها من حين إلى آخر ، ولكن أشعر أن زوالها قريب... .
-لمَ أنت دائماً تخال أن كُل شيء سيغْدُو يسيراً لو تركناه؟! ، بعض الأمور مقدرة وبعضها حصيلة أخطاءنا وإهمالنا ، عليك أن تنتبه إلى نفسك! .
-ولكن...

لم يستأنف جملته حتى عاد انسكاب العلق من فاهه الشاحب ، ملطخاً تلك الشفاه البيضاء بالدم القاني القبيح ، لون الدم مكروه ، لأنه سيئ في كل الحالات!.

-لمَ تطرَّد النزف؟.

سأل بصوت باهت ووجه جافل ، لتكبت فيوليت البكاء ، بل حاولت بلع تلك الحصى التي تعلق في الحنجرة حين النحيب ولا ترضى تراجعاً وماكانت لترضى غير أن تدلف ولو لم يكن وقتها مناسباً!.

خائفة ومحتارة
كوابيس تصحب أذى واقعياً ، والشخص الوحيد الذي تستمد منه قواها عليل الآن ، كان ذلك السؤال يخط في قلبها مراتٍ وكرات ، كما لو أن أحدهم يخطه على جدران قلبها بقطع زجاج مكسور .
"هل سيكون بخير؟!."
يخط ويخط ، ولا إجابة تريح الضمير وتكف الدمع ، ولا الآخر يريها ولو ابتسامة صغيرة كاذبة ، توحي بأن هناك مخرج من كل هذا الظلام توحي بأن كل شيء سيكون على ما يرام ، لقد تمنت حقاً أن يكذب لعل كذبته تطرد اليأس!.

بدأ في السعال ، فهَمَّت فيوليت منادية الفارس الذي يحرس الباب.
-جوزيف ، الطبيب الملكي الآن!.
-جوزيف كلا !!!.
إنتفض الآخر بعصبية بعد ذلك النداء الغريب الذي ناداه بصوتٍ غلبته حشرجة ، لتسأله فيوليت وهو يقف :
-مالذي تهذي به الآن؟.
-أنا بكامل قواي العقلية ، إنه عرضٌ سريع الزوال ، والآن عليكِ تناول طعامك بشكل صحيح من أجل أن تتعافي ، عمتِ مساءً.

آمَالٌ مُتَلأْلِئة | Bright Hopesحيث تعيش القصص. اكتشف الآن