رفع رأسها وسألها :
-لمَ لم تحضرِ الإفطار؟.
أجابته بصوت باهت وهي تتجنب صنع تواصل بصري معه:
-آسفة ، لم أستطع ذلك .
-هل أنتِ بخير؟.
-أجل أنا كذلك.
كانت صامتة ، لا تجيبه ولا تنظر إليه ، والآخر يحدق بقلق ، حتى ما عاد يتمالك نفسه ، و إستقام في وقفته والكدر ظاهرٌ على محياه وأردف:
-خلت أن عهدكِ بي طال بما يكفي لتضعي فتيلاً من الثقة في قراراتي واختياراتي ، وقد علمت أن الخشية غمرتكِ في حين ، وحسبت أني عملت بما يكفي لأخمد تلك الخشية وقد بتِّ ترتاحين لمحادثتي إثباتاً لما حسبت ،ولكن مالي أراكِ الآن واجمة خائفة لرؤياي؟ ، ألا يمكنكِ أن تخبريني عمَّا ينغصكِ ؟.-جلالتك أطلب منك السموح ، ولكني قد تأثرت بما قد سمعت منذ دهر طويل وتجدد بسبب حديث تلك الامرأة ، قد سمعت قبل سنوات عن مجزرة "مادوي" ، والتي كانت أشنع وأقصر مجازر المملكة ، وقد سمعت حديثاً مفصلاً فأثار الخوف في نفسي ، كما أثار فيها الريبة والكثير منها ، وخشيت سؤالك حيناً ولكنك ادركت كل ذلك على حين غرة ، فلذلك أبيني فألست مفتعلها؟.
-من المؤكد بأني سأنبئكِ بما تريدين دون تردد ، فاسمعيني واعدكِ أن لا أطيل عليكِ ، مادوي كان لئيماً شنيع الصفات والشمائل ، لكن لم يكن ذلك مبرري الوحيد لكل ذلك ، فقد كان كشفي لخطته الغبية التي يغزلها ضدي ولؤمه وكيده بأحد فرساني أسباباً ليلقى حمامه تحت نصلي هو وكل من تواطئ معه ، وكان اراد أن أتخذ أحد بناته زوجاً ، و أن تستغلني وتخرب دعائم المملكة الأساسية ، وكان يشتم ويسيئ الإحترامات وعندما أعلنت الحرب إنتزع فارساً جيمانياً ونحره أمامي وذلك تأويل قتلي لذلك المجنون . فكفاكِ جزعاً وارتاحي فما أظن أني ظلمت ولكن علي أن استمع إلى ما تقولين عن ذلك.
رفعت رأسها في دهشة وذهول ، وفي انبهار وتوتر فلم تتوقع أن هناك تفاصيلاً صغيرة كهذه قد فاتتها ونغصتها وبل جعلتها أحوج من يكون إلى التفسير الدقيق أردفت بصوت باهت:
-هيهات! ، لو كنت أعلم من أمرك لما جعلت لتلك الأفكار سبيلاً ، وما كانت لتتمكن مني . ولكن كيف أطلب منك السموح ، جلالتك؟.-لا تطلبي السموح ، ولا تفخمي الألقاب ، كل ما أريده منكِ أن تعامليني كرجل عادي أصبح خطيبك ، وأن تثقي بي أني لن أؤذيكِ ولن أكون طاغية مختالاً .
-لكَ ذلك.
وبعد أن استمر صمتهما لحين أخذ بيدها واردف:
-إذاً هل ستتناول دميتي الغداء معي ؟.
-حسناً .
أجابته بابتسامة خجولة ، كانت الأفكار مشوشة في ذهنها ولكنها لم تتأكد من أي شيء عدا أنها أخطأت في حقه ، أو ربما أسَاءْت الظن والضن به ، وأحست بحزن وغضب شديد من نفسها ، وهي تخطو متثاقلة مقتادة من قِبَلِه الذي يشبك يدها بيدها ويمضي في ذلك الممر الفسيح غير مبالٍ أو مهتم لما قد يتبادر إلى أذهان الخدم أو موظفي القصر ، وهي تطأطِئ رأسها خجلاً ، وحالما بدأت الوجبة أردف مقهقهاً :
-أتدرين؟.
-ماذا؟ .
-آمركِ باسم جيمان أن تصيبي كل ما في صحنك.
-ما الذي تقوله؟؟.
كان الوضع مضحكاً فلم يتمكن من كتم ضحكته عندما رأى ملامحها المصعوقة لم تصدق أمره الغريب هذا ، بل من هو ولي العهد الذي يأمر الناس بأن يأكلوا أكثر مما يقدرون؟ ، بالطبع هو أليكسيس جيمان أخطر ساديّ في هذه القارة! ، كلا بل هذه مبالغة شديدة ، ولكن بالنسبة إلى فيوليت فهي تراه هكذا الآن!.
أنت تقرأ
آمَالٌ مُتَلأْلِئة | Bright Hopes
Mystery / Thrillerهل كل الواقع حقيقي؟ ، وهل ما تراه حدث حقاً؟ . و عندما يكون عدوك في "نفسك" ما الذي ستقوم به كي تجابهه؟ ، هذه الرواية تجسد معاناة بشرية بطابع فيكتوريّ . "فيوليت" في حين قصير وجدت نفسها خطيبة ولي العهد المكلل بالأسرار والمؤرق بالهموم ، و من ثم تبين أن...