نظرت إلى السيدة ويلسون بوجه مكفهر كما لو أن كل الخطوب والعطوب شملتها وكما لو أن الغضب تغلغل في نفسها فأحالها لنفس أخرى غير تلك الأميرة الحسناء الهادئة التي عهدتها ، ويدخل جلالة الأمير دون أي مقدمات أو ممهدات ويخبط الباب خبطاً حتى يسمع منه صوتٌ منكر كان مزعزعاً للنفس قبل المسمع ، تقدم نحو الأميرة وقال في لهجةٍ ملؤها الغضب وملؤها الحقد والبغضاء مردفاً:
-إلى متى ستسمرين على هذه الشاكلة ، لقد سئمت أقاويلكِ النكراء التي أضنتني ولم توصلني لأي حل!.
لترفع السيدة ويلسون نظارتها وتنزلها وترسم ملامح إستعجاب مزج بعدم تصديق ، لتتقدم فيوليت قاضمة شفتيها رافعة رأسها محملقة بملامحها الرقيقة تلك ، مقابلة وجهها لوجهه ، وويلسون تحدق في ذهول ؛ وتردف :
-أتعي أنك لست الوحيد الذي سئم من الآخر؟ ، وأنا بالمثل قد سئمت من غطرستك هذه وفلتذهب الطبقات الإجتماعية إلى الجحيم فما عدت أخشاك ولا آبه لو أهلكتني تحت نصلك الآن ولكنني أعد بأني سأكيد بك كيداً يعجب له الشيطان!.أخذ خطوات أقرب إليها وحصرها على الجدار بوضعية توحي بالتهديد مسنداً ذراعه الجدار ، وويلسون تحدق في دهشة ، وابتسم إبتسامة لئيمة وأردف :
-وإذن ، ستنالين ما تستحقين إذا حذوتِ هذا الحذو ، لأقصلن الدوق سميث تقصيلاً! .
وبعد أن خرج مسرعاً كما لو أنه ذاهب لقتل أحدٍ ما والأخرى تنظر إليه بإنفعال وتصرخ :
-وأنا أعدك أني سأقتِّلُكَ تقْتِيلاً!.
وويلسون تحدق في شماتة ، بقلبٍ مُلْؤه حقد اصطبغ بالأسود أشد إصطباغ ولم يدع مكاناً لأي عاطفة نقية كما البشر .
لتخرج الأميرة تاركة إياها في تلك البحيرة الضحلة من المشاعر السوداويَّة .وحلَّ المساء ، وقررت السيدة ويلسون أن تلتمس الراحة بعد هذا اليوم الذي انتشى به قلبها المتعفن القذر ، وإذ بباب غرفتها يقرع ، وإذ بها خادمة اُرسلت من قبل الأميرة ، فتهمُّ ذاهبة إليها وكأن فضولها وشماتتها يدفعانها قدماً قبل أن تدفعها قوة جسدها ، لتطرق على بابها وتأذن لها بالدخول ، و حينما أغلقت الباب إندفعت نحوها الأميرة مطأطأة رأسها باكية أو لنقل أن هذا ما تظاهرت به وجثت على الأرض لتجثي معها الأخرى ، مردفة بهيستيريا :
-أرجوكِ أيتها السيدة ويلسون أن تساعديني في الكيد لذلك الأمير اللعين ، وأن أقتله اشد القتل وأخلص هذه المملكة المحزونة من شرِّ أفعَاله.
-سمو الأميرة أعتقد أني أستطيع أن انبِأكِ عن حيلة تشق لكِ سبيلاً لمرادكِ.
-آمركِ باسم الأميرة الملكية المتوجة لو تبقى لي فتيلٌ من السلطة في هذا القصر بأن تنبئيني بما تكنين!.
-سمعاً وطاعة يا شمسنا المستقبلية ، وأني أقول : أن لا سبيل لكِ الآن إلا التراجع والإعتذار فهذا الأمير الهائج لا يقهر بتلك السهولة ، فاكسبيه مجدداً ودُسِّي له السم في حتى يجف علقه ، وهكذا ستكسبين قلب السيد جوداس وتحققين رغبته ويكون تاج ولي العهد لكِ ولا أحد سواكِ!.
كانت ويلسون تحكِ لها هامسة ، وترسم تلك الخطة وتعلوا تقاسيمها كل المشاعر الفضيعة التي يمكن أن تجسد بصوت محشرج يغلبه اللؤم محركة حاجبيها الكثيفين وذقنها بشكل غريب يوحي بأنها متحمسة في خوض هذا الحديث حماساً وأيُّ حماس . وبعد أن أنهت حديثها جلست في مكانها صامتة تنتظر رد الأخرى ، ولكن لم يخطر ببالها لا من قريب ولا من بعيد أن الأمير متخفٍ في الشرفة ، وقد طرقت إلى مسامعه كل تلك المكائد وعلى الأرجح أسوء منها فيظهر في هدوء وخطوات ثابتة ، يمسك بيد فيوليت ويساعدها على الوقوف ، ويبتسم الإثنين ويردف هو :-على نفسها جنت براقش!.
-أصدقتِ حقاً أننا قد نخوض خلافاً غير منطقيٍّ كهذا؟ ، بئس دهرٍ قضيتيه في مراقبتنا!.
جفلت وبقيت جاثية على ركبتيها ولم تتوقع أبداً بأن تخدع بتلك السهولة أو أن يكون كلاهما قادرين على الإيقاع بها ، وأردفت:
-ماذا ؟ ، ولكن أليست الأميرة فيوليت تحت تحكم السيد منذ البداية؟!.
-إن هذا لضرب وهم ، فلا يمكن لذلك الواهي أن ينال منها و لو نسى إيذائي وأزمع على النيل منها! .
أجاب بعد أن وصل غضبه إلى أقصى مراحله ، وكان قد غفل عن نفسه فبقي ممسكاً بيد فيوليت وبل بقوة ، وذهلت السيدة بما طرق مسامعها منه فصرخت بهيستيريا:
-ما هذا الهراء؟!.
-إهدأي ، كيف تجرؤين على إفتعال كل هذه الضجة إضافة إلى جرائمكِ ومحاولاتكِ لتسميم جلالته يا سيدة ويلسون؟.
-رافايل ، جوزيف ، قصلوها!.
-أمرك!.
-جلالتك ، ألن تحقق معها أولاً؟.
-لا أحتاج لذلك وأخشى أني لو أطلت بالمدة سأجد ذلك القميئ قد لقي سبيلاً للنيل منها قبلي.كانت إجابته الهادئة هذه غير كفيلة بإخماد أسئلتا المضرمة ولكنها حاولت تفاهم الوضع على مضض بما أنه يتعامل مع كذا أناس منذ دهر ، أحسَّت ببعض الإطمئنان لبرهة ولكنها إرتاعت بعد أن طرقت تلك الكلمات التي تلفظت بها ويلسون مسامعها .
أنت تقرأ
آمَالٌ مُتَلأْلِئة | Bright Hopes
Gizem / Gerilimهل كل الواقع حقيقي؟ ، وهل ما تراه حدث حقاً؟ . و عندما يكون عدوك في "نفسك" ما الذي ستقوم به كي تجابهه؟ ، هذه الرواية تجسد معاناة بشرية بطابع فيكتوريّ . "فيوليت" في حين قصير وجدت نفسها خطيبة ولي العهد المكلل بالأسرار والمؤرق بالهموم ، و من ثم تبين أن...