دَأبُ ضَنِيّ | CH 9

60 13 11
                                    

وبعد أيام ، قررت الأميرة ترك كل تلك الكتب التي تحدثت عن اللعنات كثيراً ولكن لم تفد شيئاً ، ووجدت أن تغيير ما حولها في غرفتها سيكون أحلى وأكثر انعاشاً لنفسها ، جلست على مكتبها وبدأت في فرز الرسائل بمساعدة الخادمة روز ، وقد تفاجأت أن هناك مرسلاً واحداً لكم هائل من الرسائل ، وسرعان ما تسائلت الأميرة وسرعان ما نطقت روز:
-الأنسة إيبيلينا من ماركيزية رونان تتمنى لقاءكِ وتتحرق إليه أشد تحرق .
-إذا كانت تلك رغبتها فدعونا نحققها ونتخلص من إزعاجها.

وسرعان ما وصلت تلك الرسالة إلى ماركيزية رونان! ، وسرعان ما أتى اليوم الذي حددنه! ، أرادت الأميرة في ذلك اليوم إظهار القوة والفخر والتواضح من خلال فستانها فإتخذت الأزرق القاتم لوناً له وكان ذا تصميم دقيق يغلبه الجمال وأيُّ جمال؟.  وكان متوسط الطول يصل إلى كعبيها فراقت به ضفيرة ضفرت على شكل سنبلة مع مجوهرات جميلة تزينت بها ، دخلت تلك المرأة ذات الشعر الأحمر القاني والعين الحمراوتين والتي كانت قد صاغت لنفسها أسلوباً خاصاً يوحي بلؤمها ولا شيء عدا اللؤم ، جلست مقابلة للأميرة فيوليت وهي تضع مروحتها على وجهه وتنظر من وراءها بتلك العين الوضيعتين ، ألقت التحية بعنت ، وتجاذبتا أطراف الحديث على قدر ما استطعن ، أما الأميرة فقد طفح الكيل بها وبدأت تبدي أشدَّ العلامات برودة وأكثرها جفاءً إتجاه الأُخرى ، وبعد صمت طال للحظات _وكانت الأميرة ستفضل أنه إتصل! _ نبست إبيلينا :

-أاُنبئكِ عن أقصوصة حول جلالة ولي العهد أجفلت الأبدان و طاشت لها الأحبار وأخافت كل إنسان؟.
-وما قد يكون مخيفاً عن جلالته؟! ، ويحكِ إني لأعتقد أنكِ تتبئين الزور .

-يحكى أن هناك ملكاً ضخم الجثة والحلي والذهب من معصمه إلى مرفقه ، ذا بطنٍ ضخمة وطلة لا توحي لأي شيء عدا الجشع وأيُّ جشع!؟ .
-وما شأني بكل هذا؟!

-للحديث تتمة غير سارة ، أتى إلى قصر جيمان الملكي زائراً جلالته عارضاً عليه ألواناً من الإتفاقات والمعاهدات ولكنه قد ارتكب هفوة شنيعة أودت بحياته . ورأى نفسه مطروداً من قصر جيمان ، ووجد أمير جيمان يعلن الحرب دون تأنٍّ أو تعنٍّ ، ورأى جيشه يزحف صوب جيمان وجيش جيمان يزحفون أو لنقل أنهم يدلفون نحوهم ، ورأى جيشه مهزوماً في حربٍ لم تستمر لأسبوع ، ورأى قصره مقتحماً ، ورأى نفسه يهلك تحت نصل ولي العهد الجيمانيّ ، النصل الرفيع الذي لطخ بعلق فرسانه الجبناء هو ذاته الذي شق قلبه وثج منه الدم أُرجوانياً! .
-وأي خطأ ارتكبه الملك؟.

-ومن قد يعلم ؟! ، ولم يكتف ولي العهد بالظفر بالنصر العظيم ، ولكنه أخذ معه رهينة يعتبر بها ، رهينة لم تملك أي معنى أو قيمة عدا أن عروقها إختلطت بدم ذلك الملك الجشع ، رهينة هزيلة ضئيلة ، كانت كبغلٍ مكروه في قصر عائلتها ، وكان ذاك ابناً غير مصرح به لذلك الجشع نال عقوبة جشع والده ضعفين واختتم بأخذه من قبل ولي عهد جيمان ، ولا أحد إلى هذا اليوم يعلم عن أمره شيئاً وأخشى لو أني تعمقت أكثر في سردي لتلك القصة لهرب النوم منكِ لأيامٍ طوال لرقتكِ أيا سمو الأميرة الناعمة.
-ويبدو أنك تنوين إيقاع كلامكِ هذا موضع رعب وهلع في نفسي ، ألا أني أبى أن أتقبل ما تقولين ، فاعزبي وانصرفي فقد سئمت حديثكِ المرّ!.
وبعد يوم منغص وليلة طويلة ، لم تسطع حضور وجبة الإفطار ، وأفطرت في غرفتها بعنت ، وحلت الظهيرة وهي تتعجل الوقت جالسة في الشرفة مطأطأة رأسها جاعلة تلك العيون المكدودة تنظر إلى الأسفل وتنتظر حيناً هي لا تدري متى يحين قامسة في ألعن الأفكار ومنغصة بالقلق ولا شيء غيره ، فقد كان حديث تلك المرأة غير مؤثر فيها و لو حتى شيئاً ضئيلاً ولكنها تذكرت حديث والدها قبل أربعة أعوام ، والذي تحدث يومها عن تلك المعركة بفخر وحماس ولكن حديثه وقع موقع كدر وخشية في نفسها ، فكيف لطاغية مثله أن يحكم البلد ؟ ، وقد نست ذلك حتى يوم أجبرت على القدوم إلى القصر الملكي ، ولكن تلك الذكرى رجعت إلى طيات نفسها بطريقة غير محببة وصورة أشد بشاعة عمَّا كانت ، ولكنها جفلت وما كادت تتمالك نفسها عندما لاقت ذلك الوجه مواجهاً وجهها تماماً ، عابساً ساخطاً مع بعض الرفق والقلق ، رفع رأسها وسألها :

آمَالٌ مُتَلأْلِئة | Bright Hopesحيث تعيش القصص. اكتشف الآن