الفصل الحادي عشر الموسم الثاني

949 27 1
                                    

قُطع حديثهم بدُلوفها بشكلٍ مُباغت لغرفة الاجتماعات ، بنظراتها الواثقة وخطواتها الجامحة كانت تَسير نحوهم والابتسامة تَعلو وجهها ، كان يُناظرها بِتيه غارقًا بما تَرتديه فُستانًا باللون الأسود يَعلو الركبة ومَفتوح الصدر يُظهر مفاتنها بِجرأة واضحة والكعب العالي بالإضافة الى خُصلات شعرها المتمردة ، كان كُل شيء بها يَصرخ أنوثة وإثارة وفتنه ، ثواني معدودة الجميع جَلس على طاولة الاجتماعات حتى من انضموا متأخرًا من بقية الفُروع في الفندق ، سواه هو بات كالغريق التائه بها
- رسلان باشا ؟
استفاق على صوت مدير المالية ليهتزَّ رأسه بخفة يَعود للواقع ، مُدركًا اين هو ..! لحظات وكان يَترأس طاولة الاجتماعات وقَلبه يكتظ بالغضب الذي تَمثل على ملامح وَجهه المُتجهمة يحدق بها مذهولًا.....!
لاحت على شفتيها ابتسامة مُغترة وشُعورها بنشوة النصر لرؤيتها له بهذا الحال فور رؤيتها وهي تشعر بتحديقه بها ، تَعلم ماهية نظراته جيدًا تراه مصدومًا غاضبًا يود لو ينقض عليها الآن بسبب هذه الملابس الجريئة التي أرتدتها اليوم وعلى الرغم من أنها لا تشبهها البتة إلا انها اتخذت القَرار وأي قرارًا هذا الذي اتخذته ؟ قرار صدر من عقل امرأة بقلبٍ مَجروح عانى من طَفرة الخُذلان ، أصبح في داخلها مَدينة مَهجورة من شدة قَسوتها ، في حين كان الجميع يَتبادلون الأحاديث كان قلبها يَنبض بعنف ما زال أسير تلك الكلمات التي تسللت لأذنيها من خَلف الباب قَبل أن تدلف الى هنا
- زمردة بالنسبالي ماضي وراح في حاله انا شلتها من حساباتي من زمان .....!
تَناولت كأس الماء الموضوع أمامها تتصنع الشرب وأخذت عيناها بنظرة خاطفة تنظر إليه وقلبها يخفق نحوه لتلتقي عيناها بِعيناه ....!
كَما انسكاب ماء بارد من دلو على جسده الحار للتو كانت هذه النظرة الخاطفة كفيلة بأن تجعل القَشعريرة تسري بجسده بعدما تَوصل عقله وقَلبه وحدسة لماهية هذه النظرة ، نظرة مُخيفة لا تَنبثق سوى من أعين كارهة تتوعد بمصير مَجهول ، وانتقام بارد لاسِع .
انقضت عدة لحظات وكلاهما يُصارع لأجل تَجاوز الآخر والتركيز على ما يَتداوله اعضاء مجلس الفندق ، حتى قاطعهم صوت رنين هاتف ولم يكن سوى هاتفها
نطقت بلهفة وهي تنهض باستعجال متجاهله ما حولها
- فؤاد ، بابا تعب تاني انا مضطرة امشي حالًا ....
- ايييه ماله ؟ زمردة استني انا جاي معاكي ...
ثم نظر للجميع وهي يقول بنبرة استعجال :-
- نستأذن منكم ظروف عائلية...!
تَوَغَّرَ صَدْرَهُ لظًى تاركًا ما بين يداه يُشير للجالسة بجانبه لإنهاء الاجتماع على الفور ، استقام بمجلسه وتَحرك من مكانه قاصدًا نافذة المكتب وصَدره لَهيبًا يَشتعل غيره وغضب منها وعليها ، ُحدق أمامه بغموض لينكس رأسه فيما بعد قاصدة عيناه باطن كف يده فينظر عميقًا يستذكر يومًا عالِق في أذهانه ......!
عودة الى ما قبل ٤ أعوام من الآن
( صَرخ بقوة آمرًا )
- فادي وقف العربية بسررررعة .
- رسلان باشا مش هينفع لو حد شافك ؟
هتف بنفاذ صبر وهو يتناول القبعة الموضوعة بجانبه
- فادي قولتلك وقف العربية بسررررعة .
فور إيقاف فادي للسيارة تَرجل منها مهرولًا بأقصى سرعة غير مكترثًا للأمطار الغزيرة والأجواء شديدة البرود كُل ما كان يَسعى إليه هو الوصول الى مُبتغاه ، تجمدت قدميه بأعين متسعة وفادي الذي لَحق به تحت تأثير الصدمة
- رسلان باشا امشي نروح من هنا كدة هتورط نفسك ....
صرخ بغضب :-
- انت بتقول ايه ؟ اللي قدامك ده بني آدم .
انحنى بجسده غير مكترثًا بفادي الذي بدأ يُناظر حوله بأعين زائغة ويَرجوه لكي يذهبا من هنا لتفادي تورطهم بمصيبة ، ابتلع ريقه وهو يَضع أصبعه على عنق الرجل من الخلف كان جسد الرجل مقلوبًا وفوق ظهره صفيحة حديدية ، تَفوه وأعينه برقت براحة
- عايش ..النبض لسا شغال يا فادي الراجل ده عايش مش ميت !
تأهب وهو يعدل من قبعته الموضوعة أعلى رأسه ليصدح صوته وهو يُمسك بالصفيحة الحديدية
- شيل معايا .....آآه
- رسلان باشا انت كويس ؟
تنهد بعمق بعدما تَمكن هو وفادي من إبعاد الصفيحة الحديدية عن ظهر الرجل لينطق باستعجال متغافلًا عن كف يده الذي بات ينزف بغزاره وجرحًا كبير يُنصفه
- مش ده المهم يا فادي انا كويس .... اتصل بالاسعاف بسرعة الراجل محتاج مشفى وحالته خطيرة مش عاوزين نضيع وقت ....
انحنى بجسده مرة أخرى نحو الرجل ليتأكد مرة أخرى من نبضه فأحس بوجود حركة بطيئة بجسد الرجل وكأنه يحاول الحركة ، أنقضت ثواني معدود قبل أن يتمكن رسلان من رؤية وجه الرجل لينطق بأعين وقَلب مرتعد :-
- اونكل مدحت .....؟
- رسلان باشا ده صوت عربية الاسعاف احنا لازم نتحرك من هنا ......!
أطلق تَنهيدة حارة مغمضًا عيناه لوهله ثم استفاق من تلك الذكرى التي تنتمي لأحدى الذكريات العالِقة بذاكرته ، قاطعه صوت سونيا وهي تخبره :-
- رسلان باشا عبد الحميد بيه عاوز يشوف حضرتك ...
استدار بجسده وتنفس بعمق قبل أن يواجه عبد الحميد مُدركًا أن هُناك كم هائل من الأسئلة ستحتاج الإجابة بالنسبة لعمه
- خليه يتفضل ......

قيصر العشق  الجزء الاول + الجزء الثاني بقلم عروبة المخطوبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن