الفصل الخامس عشر _الجزء الثاني

680 36 37
                                    

" وَداويني ببعض الحُب وطمأني وصَبرني ""

وَقف خَلف الباب وبدى على ملامحه التردد أيفتح الباب لوالدته ؟ يُمَرر أنامله فوق حاجبيه مُغمضًا جُفونه لوهلة يَتنفس بعمق كل هذا لأجل أن يَتهيأ لمواجهتها ، ما زال يَذكر آخر مشهد بينهما حينما وقف امامها وأخبرها بعدم مسامحته لها امام الجميع بعد عودة عافيتها ثم انسحب ، انهيارها ودموعها لم يَتسنى له الفُرصة حتى للنظر إليها وإخبارها بأنني مُجبر يا امي ولستِ بحاجة للصفح مني ، نظر لفادي
- اختفي من الوسط مينفعش امي تشوفك .
ليومأ الأخير برأسه مُترجلًا في غُرفة ما
وما إن اتخذ القرار وفَتح الباب احتضنته بقوة ولهفة أمومية ودمعها يُذرف من مُقلتيها
- واحشتني يا ابني .
ابتعدت عنه توزع نظراته الى انحاء جسده تَتحسس وجهه وذراعيه وصدره تَبتغي التأكد انه بِخير ، هتفت بعتاب :-
- بتعمل كدة في امك ليه يا حبيبي ، كدة تحرمني منك يا ابني انت فين كل ده مش كفاية عليك حارمني منك كل السنين دي كلها تروح تقول لعمك مينفعش حد يقرب منك في جوازة نورهان ، بتعمل ده كله ليه يا ابني .
ابتلع رِيقه بألم بسبب ضَغطة والدته على ذراعه بغير قَصد ، حاول ابعاد يدها دونما لفت انتباهها وهو يقول
- طب اهدي الاول وكفاية عياط بتعيطي ليه يا امي .
أجابتهُ بلوعة :-
- انت السبب سايبني كل ده ولا كأنه وراك عيلة واهل تسأل عنهم .
سحبها بهدوء لِتَجلس على الأريكة في غرفة المعيشة :-
- اهدي بقى تعالِي ااقعدي وسيبينا نتكلم .
أضاف بتنهيدة :-
- انا كنت فاكرك هاتبقي زعلانة مني ومش عاوزة تبصي في وشي .
لَمحت في نبرته الغَصة ورأت بِعيناه الهُروب من النظر إليها، التقطت كَفه تَضعه على رُكبتها في حين رفعت ذراعها الأخرى تُتحسس وجنته لتقول بصوتٍ مُتحشرج وفؤادها يَلتاع حَسرة على المسافات الشائكة بينها وبين فلذة كبدها لن تَكف يومًا عن لَوم نَفسها فهي من وَضعت ورسمت هذه المسافة وأوجعت كبد ولدها مرارًا وتكرارًا :-
- ليه مش هعوز ابص في وشك يا حبيبي انا امك يا رسلان مش حد غريب عنك انا عُمري ما هزعل منك ولا اكرر الغلط اللي عملته معاك زمان ، فاكرني هصدقك لما توقف قدامي وتقول كلمتين من ورا قلبك ؟
ايوا مش من قلبك اومال فاكر امك لما ابنها يقف كدة قدامها ويقولها انا بكرهك ومش مسامحك والدمعه في عينيه كدة اصدق ؟ انا اول ما بصيت في عينيك اللي عمرها ما تكدب عرفت ان ابني رسلان شايل حمل كبير فوق ضهره ومش عاوز حد يعرفه .
تحولت نبرتها وكلماتها لاستنكار وعتاب
- ليه يا ابني وجع القلب ده كله تسيبنا وتمشي ؟ هو ده الحل بالنسبالك ؟ من ايمته الهروب من مشاكل الحياة اللي تواجهنا هو الحل الأنسب ؟
- مش كدة خالص عمرها ما كانت بالسهولة دي يا امي انا مهربتش المرادي كان كله غَصب عني .
- طب ما تقول وتفضفض لامك يا حبيبي ومين البنت اللي جبتها معاك في حفلة جواز نورهان قالولي دي تبقى السكرتيرة بتاعت مراتك ، ليه كدة يا ابني ايه اللي بتخططله وناوي عليه ليه كدة توجع قلب زمردة مش دي حبيبتك ومراتك ؟ البنت دي مسكينة اوي وشالت فوق طاقتها ويا عالم ربنا استحملت ايه ولا ايه من اللي حواليها ...
حَرك رأسه بنفي ناطقًا بنبرة مُندفعة :-
- انا مَخُنتهاش يا امي اللي حصل كان خارج إرادتي .
- انتَ جاي تقولي انك مخنتهاش ؟ هو انا مش هعرف انك عمرك ما هتفكر تعمل كدة او تأذيها انا عارفة ده يا حبيبي ، يا ابني انا كل اللي عاوزة اعرفه واللي حارق قلبي ، ليه كل ده ؟ قولي وريح بالي عشان خاطري لو ليا خاطر عندك يا ابني ايه اللي حصل معاك وبتعمل كل ده عشان مين ؟ إياك تقول بعدين او مينفعش يتقال لأ انتَ هتقولي وانا مش هامشي من هنا غير لما اعرف انت عملت كدة ليه وغايب الفترة دي كلها فين ؟
مَسح وجهه بكفيه لينال عَقله ثَواني من التَفكير قَبل أن يُصرح :-
- هاشم ، هاشم الزيناتي يا امي ...
ذِكر اسم هذا الرجل كَفيل بِجعل اطرافها تَرتجف لا خَوفًا بل حقدًا :-
- هاشم ؟
لَفظ أنفاسه الثقيلة قبل ان يَقف ناطقًا بجملتهِ المَحشورة في حَلقه :-
- ايوا هاشم الزيناتي طليقك يا امي ...!

قيصر العشق  الجزء الاول + الجزء الثاني بقلم عروبة المخطوبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن