الفصل الرابع عشر _الجزء الثاني

484 16 4
                                    

" تمنحك الحياة سرها متأخراً حين لا تكون قادراً على العودة للخلف ""
- حكمة من حكيم
انقادت بِجانبه وهي تُناظر بأعين مُرتابة ما يَدور حولها لقد كانت على حق حينما أطلقت على هذا المكان بالمَلهى الليلي والمَشبوه إنه حقًا كذلك قَطع وَصلة تفكيرها المَذعور وقوف أحدهم امامهم وتوجيه كلامه لمن خَلفها :-
- البوليس وصل يا باشا وكله تحت السيطرة .
ثم نَظر إليها يُشير بيده الى إحدى السيارات
- اتفضلي يا مدام نوصلك البيت المكان هنا مش آمن .
قَطبت جبينها بتعجب وأحسَّت أن من يقف أمامها صوته مألوف بالنسبة لها ، هتفت بنبرة حانقة
- مدام ايه ؟ انت تعرف ان انا مدام منين ؟ وبعدين متشكرين انا هروح بنفسي .
أشار رسلان برأسه بنفي له أي لاتستمع لكلامها ، اومأ فادي رأسه لرسلان بشكلٍ فاضح أمامها مما أثار حفيظتها
- مش هينفع يا فندم .
لوت شفتيها بغيظ وغضب من تَبادلهم الايماءات المثيرة للتوجس وعلى الرغم من تأكدها بأنهم ينتمون لرجال الاستخبارات بسبب تلك الشعارات المُعلقة على سُتراتهم
إلا أنها فضلت الانسحاب سريعًا
- آه دراعي .
نطقت بتأوه وألم وهي ترتد للخلف جراء قَبضة مفاجأة على ذراعها أوقفتها عن الذهاب ، هتفت بصياح وغضب وهي تنزع ذراعها من بين قبضاته
- انت ازاي تَسمح لنفسك تمسك ايدي بالشكل ده .؟
تدخل فادي على الفور بتوضيح
- يا فندم المكان هنا مش آمن وانتِ بقيتي من مسؤوليتنا عشان كدة لازم نوصلك للمكان اللي تعوزيه وو.....
قاطعته بنبرة غاضبة وشك وهي تَنقل بصرها الى ذاك الصامت دون أن ينبس بحرفٍ واحد منذ انقاذه لها في الداخل
- هو الباشا بتاعك أخرس ولا ايه ؟
نظر فادي لرسلان بطرف عيناه ليُشير له الأخير فَرد بجوابًا كان مُباغت لها
- ايوا اخرس يا فندم مبيتكلمش .
رفعت حاجبيها بتعجب وراحت تتأمله لتتأكد لكنها لم تستطع رؤية اي ملامح بسبب ظُلمة الليل ولكن هُناك خَفقة قوية تَنبثق من فؤادها تُثير شكوكها والتباسها أيعقل أن يكون الحبيب بِقرب الفؤاد ولا تَشعر به ؟ أيعقل ان تكون رائحة هذا الرجل هي نفسها رائحة رسلان ؟ ابتلعت ريقها بتوتر وعبق عطره لا يُغادر حواسها ، أسبلت عينيها تَأبى مغادرة المكان إلا ان تزيح هذه الشكوك :-
- ده بجد بقى ؟
ثم هَتفت بتحدي وهي تَجلس على حافة السور :-
- طب ايه رأيكم بقى انا قاعدة هنا .
اقترب فادي من رسلان بعدما أخبره أحد الرجال بخبر هام ، يَميل بالقُرب من أذنيه هامسًا :-
- المدام لازم تمشي حالًا سليمان ورجالته في سكتهم على هنا .
بالكاد أنهى فادي تَحذيره
- آه .
انتفض جسده بعدما اخترقت ذِراعه رصاصةً مُباغته هَزَّت الوسط ، لتُعلن حالة نَفير في مُهمة مُشتركة بين رجال الشرطة والاستخبارات للإيقاع بسليمان ورجاله بعدما تم استدراجهم للمكان ، تَهاوت أرضًا تَجلس كالقرفصاء وجسدها يَرتجف رُعبًا واهتياجًا ، تُحيط بذراعيها حول رأسها تُنكسه دونما تَرفعه ، لا تَبتغي رؤية اي شيء حولها في حين لم يَستطع فادي السيطرة على نَفسه فإذ به يصيح بقلق يَسحبه نحو الحائط صارخًا بلهفة
- رسلان باشا .
جَزَّ على أسنانه بغيظ وهو يسحب سلاحه من خصره وعيناه تُراقبها يَراها بكامل حواسها تنظر اليه مشدوهة
- الله يخربيتك فضحتنا .
تَنبه فادي لنفسه ليقول باعتذار وهو ينظر لزمردة التي تنظر اليهم بصدمة وارتعاد
- حقك عليا يا باشا .
رَكض إليها يَتهاوى أرضًا مُستندًا على السور لحمايتها من اي رصاصة تُصيبها على الرغم من تكفل رجال الشرطة بالمهمة في التصدي ، أطالت النظر اليه وقَلبها يَخفق بشدة وإرتياع تَجول عينيها حول جسده ، وذراعه النازف وتَربص عيناه في اتجاه آخر ، إنه هو ليس فقط رائحته الدليل بل خَفقة قَلبها المُتألمة ولهفته صوبها في حمايتها منذ اللحظة الأولى وانقيادها معه والشعور الأول الذي أحست به وهي ترى به الخلاص من هذا المأزق ، هَمست بنبرة مُرتجفة
- رسلان ؟
- زمردة لازم تمشي من هنا ، فادي .
شَحب وجهها وجَفَ حلقها وصوته الذي يَنهج الممزوج بصوتٍ آمر يَخترق مَسامعها ، لم تَقوى على استيعاب ما هو مُتورط به او حتى الموقف الذي يَجمعهما الآن فإذ بها تَصرخ بجنون وهي تَقف مُتناسية ما يَجول حولهم :-
- انا مش فاهمة حاجة ايه اللي بيحصل هنا ؟ رسلان ؟
قَبض على معصمها يُجلسها بجانبه يصيح برجاء :-
- زمردة ابوس ايدك امشي من هنا وبعد كدة هابقى اقولك عن كل حاجة امشي مش وقته .
ثم نظر خلفه لفادي :-
- فادي خدها من هنا .
صاحت بخوف وهي تَتشبث بذراعه والمآقي تُذرف من مُقلتيها بِلا امتناع :-
- مش ماشية دراعك بتنزف رسلان والنبي كفاية اللي بتعمله ده انا مبقيتش مستحملة اللي بتعمله بينا كفاية بقى .
تَساقط العرق على جبهته والحَراره تَنبعث من وجهه الهواء حوله وعلى الرغم من برودته إلا إنه بالنسبه له كَما النيران المُتسعرَّة ، فادي بنبرة راجيه وهو يحاول سحبها لتسير معه :-
- اهدي يا مدام الباشا كويس إصابة سطحية يا ريت تمشي معايا حياتك كدة في خطر .
صرخت بفادي بقوة واتهام وهي تكفكف دموعها باكمام قميصها :-
- بقولك غور من وشي مش هاسيبه ليكم فاهم ؟
ضغط فادي على السماعة المُندسة بأذنه وهو يقول بعدما شعر باليأس منها ولاحظ تَطور أعراض التعب على رسلان :-
- الباشا تصاوب إصابة مباشرة تغطية بسرعة .
اقتربت منه بفَزع تحاول لمس مكان الدم :-
-اااااا دراعك بتنزف .
- فادي خد زمردة من هنا وانا هغطي عليكم .
أجابت وهي تقف بجانبه بالقرب منه تتشبث به كالطفل الصغير تهمس وهي تحدق بعيناه المخفية وراء القناع :-
- مش هسيبك .
- فادي .
هتفت بنبرة مغتاظة وحنق من إصراره وعدم مبالاته بنفسه :-
- رسلان دراعك بتنزف انت اللي لازم تمشي من هنا .
مآل إصابته لم تَمنعه من الاستمتاع بخوفها ولهفتها وارتجافها عليه انها كما هي تُحبه بجنون ومُعلق قَلبها به وكل مرة يتأكد من عِشقها له
- زمردة اهدي مفيش حاجة كفاية عياط وزعيق بقى لو حد شافك حياتك اااا
صاحت به باغتياظ :-
- حياتي ؟ اهو انا عايشة اجواء الاكشن والخطر بفضل سيادتك يا باشا هو في اجمد ولا اجمل من كدة ؟
- خلاص احنا خدنا عبد الجليل ورجالته الانسحاب افضل حل يا باشا .
لوت شفتيها بحنق :-
- الباشا بتاعك مش هيجاوب اصل هو أخرس مبيتكلمش خدها مني بقى وبقولك ايوا الانسحاب افضل حل يلا بينا .
وأخيرًا استسلم وراح معها بعد تأمين فادي الطريق لهما لينسحبوا جميعًا .
《بعد انقضاء نصف ساعة 》
وبعد إصرار عَجيب منها على المجيء معه ليوافق أخيرًا ، هتفت وهي تُطالع ذراعه بِهلع :-
- المفروض اننا دلوقتي في المشفى مش هنا يا حضرة الباشا .
نَطق بتعب وهو يَخطو الى الأريكة :-
- زمردة ؟
قضمت شفتيها بندم :-
- خلاص مش هفتح بؤي في حاجة بس هتطلب الدكتور والأفضل أنك تستريح في اوضتك مش هنا .
- الدكتور على وصول يا مدام .
هَتفت بحيرة ونبرة جادة متسائلة وهي تلتقط سترته بين يديها تتأملها :-
- ممكن اعرف ايه اللي بيحصل ؟ وايه اللي لابسه ده ؟ وايه اجواء المافيا اللي انتَ حاطط نفسك فيها دي؟
صمتت قليلًا ثم أردفت القول بشك تُشير الى الشعار المُلتصق بالسترة :-
- هو انتَ بجد كدة ولا ايه الحكاية ؟ متكونش كنت تشتغل كدة من ورايا اومال وانا هستغرب ليه ما طول عمرك رسلان العطار الغامض اللي محدش يعرفلك سكة .
استقام بجلسته يرنو إليها بتعابير هادئة :-
- هعرفك كل حاجة بس لما يجي وقته انما دلوقتي لأ .
- رسلان باشا لازم يرتاح.
رمقت فادي بحنق تُحمله مسؤولية ما جرى وتُلقي عليه الاتهام وكيف لا وهي على علم مُسبق بأعماله وارتباطاته :-
- انت تسكت خالص اكيد كل اللي بيحصل ده بسببك انت يا عالم ربنا اتورط في ايه تاني بسببكم .
أشار برأسه :-
- معلش يا فادي سيبنا لوحدنا .
وقف قبالتها يَنطق بغيرة وغَضب مكبوت
- اللي محتاج اجابة عن أسئلته مش انا انما انتِ يا هانم اللي رايحة *** في نصاص الليالي مع ال*****
احمرت وجنتيها قَهرًا لِتُجيب وصدرها يَستشيط غيظًا
- رسلان مسمحلكش تتكلم بالاسلوب ده معايا انت نسيت ان انا مبقيتش من مسؤوليتك ولا حتى مراتك ؟
ليقابلها بنفس النبرة :-
- انتِ يا هانم نسيتِ ان انا مبقيتش جوزك برضو ؟
رمقتهُ بغرور رافعه رأسها بكبرياء تَلفظ أنفاسها الثائرة المَخنوقة في صدرها :-
- تصدق ان انا اللي غلطانة اللي جاية اسأل عنك بعد كل اللي عملته .
قاطعهم دلوف فادي بعدما طرق ع الباب :-
- الدكتور وصل .
《بعد مرور عدة دقائق في غرفة نومه 》
قَطب جبينه بتوتر وهو يرى الطبيب يُمسك بالمقص ، ليقول باندفاع
- انت بتعمل ايه ؟
- هقطعلك التيشيرت يا فندم اكيد مش هشيلك الرصاصة كدة !
انحنت بِجانبه هامسة وهي تنظر اليه بمداعبة فاجأته
- مكسوف مني ولا ايه يا باشا ده انا كنت مراتك في يوم
جحظها مَصدومًا من حركتها امام الطبيب وفادي ، أشار اليها بعيناه بتحذير واستنكار لتتراجع للخلف وهي ترنو اليه بنظراتٍ لا يُجيد الكَشف عن أغوارها ، ثم نظر للطبيب وهو يتحسس عنقه
- كفاية في الحتة بتاعت الجرح .
اومأ الطبيب رأسه ليباشر في إخراج الرصاصة وتطهير الجرح ، خَنعت رغمًا عنها وبكل صدقٍ بجانبه تمسك يداه تُهون عليه الآمه تُلامس خصلات شعره الى حين غفوته وذهابه في سبات عميق ومغادرة فادي والطبيب ، لم يَبقى سواهما بَقيت طوال الليل بجانبه تَصنع له الكمادات تتجرع من الألم أضعاف ما يُعانيه وذِكرى تلك الليلة لاتكف عن مُلاحقتها تَقف بالمرصاد امام مَشاعر الخوف والقلق عليه وحنينها إليه ، هَمست بقهر وهي تنحني تُقبل جَبينه ، قُبلة امتزجت بدموعٍ تَأبى الغُفران
- انتَ كَسرتني اوي يا رسلان عمري ما هسامحك .
فَتح عيناهُ بوهن وعبقها يتخلل لأنفه لتَراه يَرنو اليها ، أزاحت خُصلات شعرها بتوتر وهي تقول باضطراب :-
- موجوع ؟
حرك رأسه بنفي:-
- لأ
ثم أضاف بتساؤل صادق وهو يحاول تعديل جلسته :-
- مش كُنتِ ماشية ؟ ايه اللي حصل ؟
أجابت باندفاع وعفوية :-
- مقدرش امشي واسيبك .
- ليه ؟
- هو كدة يعني .
مطَّ شفتيه بتعجب اهو فاقد للذاكرة ام ماذا ؟ يتأمل ما ترتديه ؟ فرك ما بين عينيه بإجهاد وهو منذ ليلة أمس تجعله يعيش في مشاعر مضطربة تارة غاضبة وتارة تتقرب منه نطق بتعجب :-
- ايه اللي لابساه ده ؟
لاحت على شفتيها ابتسامه لم تستطع مواراتها عنه لقد نجحت في إثارة انتباهه ، أجابت وهي تَقترب منه :-
- مالها الهدوم دي ؟ الجو حر اوي هنا قلت افضل بالتيشيرت اللي تحت فيها ايه دي يعني مش فاهمة ؟
أضافت تهمس بالقرب من أذنه وأناملها تمررها على لحيته :-
- ايه مش جاية على مزاجك ولا ايه ؟
أطبق على جُفونه يتنهد بضيق من جهة يقاوم قُربها الشديد منه وهمساتها المُثيرة لرجولته مُستغلة أنوثتها الصارخة ومن جهة يرى أن ما تفعلهُ غريبًا يتطلب منه الحذر :-
- انا اللي شايفه قدامي ان زمردة اللي حبيتها بقت ...
لامس أصبعها شفتيه تقتطع كلماته تُناظره بهيام وشوق ، في حين كانت أناملها الأخرى تداعب صدره هَمست بخفوت زَلزل جسده وسرى في أطرافه تأثيره
- رسلان انتَ واحشني اوي اوي .
صوتها أنساه الآمه قُربها رَحيقها أنفاسها الممزوجة بأنفاسه كل شيء يُثير سُخونة جَسده ويوقظ مشاعرَ الحنين والعِشق الذي يُخبأه منذ سنين لها ، ولكن مهلًا ما الذي يحدث ؟ هناك لبس في الأمر إنه لا يستطيع التصديق او استيعاب انها تُصارحه بمشاعر عِشقها وبقاؤها عليه بعد كل ما اقترفه بحقها حتى وإن كان عنوة عنه ، ازدرد ريقه بتوتر يحاول بذراعه السليمة ابعادها قليلًا عنه لتفاجأه بدفعها له على السرير بهدوء ليجلس هتف بقلق وتوجس :-
- زمردة مالك ؟ انتِ شاربة حاجة ؟
أجابته باغتياظ وهي تجلس بجانبه :-
- قهوة هشرب ايه يعني ؟ وبعدين ده رد يترد على اللي قولتهولك ؟
زمت شفتيها بحزن هامسة بصوت متحشرج :-
- انتَ باين فعلًا مبقيتش تحبني .
نهضت من جانبه لتنوي المغادرة
- زمردة ...آه .
تأوه من ذراعه وهو ينهض من على السرير يحاول إيقافها ليقول بنبرة صادقة :-
- انا عمري ما وقفت عن حُبي ليكي انتِ متعرفيش قد ايه انا حبيتك يا زمردة واللي حصل صدقيني هايجي اليوم اللي هتفهميني وتعرفي ان لو اي حد غيري اتحط في نفس الموقف هيعمل ...
وضعت كفها أمام ثغره مرة أخرى وكأنها تزجره عن التبرير لنفسه او حتى توضيح اي شيء هي تخشى الافصاح عنه لئلا تقاطع حديثه لامست بأناملها لحيته تتحسسها وهي تَهمس
- مش عاوزة اسمع حاجة انا كل اللي عاوزاه دلوقتي افضل جنبك انتَ واحشني اوي اوي .
تَنطق كلماتها بالقُرب منه بخُفوت مُثير يُلامس أوصاله ويُعيث في نَبضات قَلبه اضطرابًا ، لم يَستطع تحمل قُربه منها الى هذا الحد ومواراة مشاعره عنها فَليذهب كل المنطق في مهب الريح ، ليُنحني نحوها لاثمًا شفتيها بلهفه يُغدقها بسحر رُجولته وَرفق يتلحف به أيسره بشوق مكبوت منذ سنين ، لم يَستطع فؤاده اخفاء تلك النَبضة المُرتبكة المُنبعثه من جوفه تُنبأه بضرورة الحذر للمرة الثانية على التوالي يدحر هذا الشعور ، مُتغافلًا عن كل شيء وأي محبوبًا هذا الذي يَقوى على السيطرة على إغداق محبوبته في التعبير عن عشقه الجارف لها ولَهيب عِشقه وحُنو جسده لجسدها ؟ إن تَلامسا فَلتطلب الرحمة كانت مُستسلمه له ، قَبل عُنقها هامسًا
- زمردة لو تجاوزت حدودي انااااا
- انا كُلي ليك يا حبيبي ....
تَسارعت نَبضات قلبه أعاد رأسه للخلف ليتأمل ملامحها يُحاول الوصول الى مَساعيها لقد تأكد الآن من شُكوكه إنها تَفعل شيء تُخطط لشيء يا الله ما الذي يحدث ؟
دَفن رأسه في عُنقها ودمعة قهر تُواريها عيناه عنها تأبى الأ يُطلق سراحها ، ابتلع ريقه بغصه لقد فهم كل شيء انها تنوي الانتقام منه .
إنها تُحاول إعادة كبرياؤها المجروح المُنكسر منه بنفس طريقته ، تثأر لتلك الليلة التي جمعتهم واستسلمت لعشقه ، انها تسعى لمداواة جرحه لها ولكنها استعجلت السعي والطُموح ،، تَضاعف أنين ألم ذراعه واهتاجت أنفاسه المُحترقة بألم جسدي ممزوجًا بنفسي ، دَحر الآمه جسدية كانت او نفسية وقرر تَنفيذ وَعده بمساندتها في الثأر منه ليَفعل ما تَشاء .
《 الساعة السادسة صباحًا 》
فَتح عَينيه بوهن باحثًا عنها مكانها فارغ ، لم يتعجب بالطبع أسبل جُفونه بألم يَتحسس ذِراعه المصابة وما حدث ليلة البارحة يلوح امام عينيه ، في ظل تنفيذه لذاك الوعد الذي قَطعه على نفسه في الثأر لأجلها حتى وإن كان على حساب كرامته امامها ، إنها تُريد كَسر كبرياءه ليَشعر بنبذها له كُرهها له وأنه هو من يَحتاجها وليس العكس وتحقق مبتغاها رَفضته في النهاية ابتعدت عنه وعلى الرغم من عِلمه بمخططها ومساعدته لها على تنفيذه إلا أنه حينما شَرع في التطبيق تألم كَثيرًا ولَجم رُجولته سوط الإهانه والتعذيب له كرجل ليس بالهين ما حدث بينهما وبعد كُل التقارب الذي حدث بينهما هَمس والجفاف يجتزَّ من حلقه :-
- زمردة .
هل حقًا يُنادي عليها وهو على يقين بأنها تركته وذهبت ؟
أمسك بذراعه المصابة والألم يَنهش في جسده ورأسه يحاول النهوض وجسده يَسري في أوصاله خدر ، تراجع عما يفعل مُلقيًا برأسه للخلف على السرير
- رسلان باشا انتَ كويس ؟
تَسلل صوت فادي الذي أتى قبل قليل ليسأله
- فين زمردة مشوفتهاش ؟
- ايوا يا باشا اول ما جيت سابتلك المغلف ده ومشيت.
سؤال بباله طرحه لينتظر الاجابة بترقب :-
- كانت عاملة ازاي ؟ زعلانة ؟
- والله يا رسلان باشا انا عن نفسي استغربت من حالة المدام دي كانت مبسوطة اوي وبتديني المغلف بلا مؤاخذة وهي......
- خلاص المعلومة وصلت يا فادي .
فَتح الظَرف وحنى نظراته يقرأ ما خطته يداها في محتواه
"" تفتكر واحدة زيي تقدر تسامح واحد زيك انت من زمان مبقيتش راجل بالنسبالي يا رسلان ؟ ده جزء بسيط من اللي هتشوفه مني يا ابن العطار صدقني مش هتوانى لحظة في أنك تعيش مرارة اللحظة اللي سبتني فيها ، بس هاتبقى أضعاف اللي انت عملته ان كنت انت سبتني بعد اما خدت مني كل حاجة ، انا هسيبك تموت الف موته ولا تطول مني حاجة ، شُفت
ازاي سبتك في عز حاجتك ليا ولعلمك بقى انا حسيت بقرف اوي وانا قريبة منك بس جيت على نفسي عشان انفذ الخطة بتاعتي تعيش وتاكل غيرها .
أسبل عيناهُ وهو يطوي الورقة واضعًا إياها على المنضدة ببرود ينظر لفادي باستفسار :-
- عملتوا ايه مع عبد الجليل ؟
- خلاص يا باشا عبد الجليل وقع ومحدش سمى عليه البضاعة اللي اتمسك فيها كفيلة تخليه في الحبس مدى العمر .
عَصف برأسه دوار كاد ان يسقطه مرة أخرى على السرير وهو ينهض لولا تفادي واندفاعه نحوه مُمسكًا به
- باشا انت كويس ؟ تحب اطلب الدكتور ؟
- ملهاش لازمة يا فادي انا كويس اهو وهنرجع الشغل تاني مش بحب القعدة دي بتخنقني .
قاطع حوارهم صوت جرس الباب ، نطق رسلان وهو يُخرج ملابس من الدولاب
- تلاقيه معتز مفيش غيره يعرف مكان الشقة ، هخش آخد دش خليه يستنى .
ليستمع لصوت فادي الذي أتاه من الخارج بعدما القى نظرة من عين الباب
- الست الوالدة يا باشا .
بتعجب :-
- ماما ؟ عرفت مكاني منين ؟
تأفف بضيق
- اكيد معتز .
تَناول سترة ليرتديها لكي يُداري على جَرحه فإذ به
يتحسس رقبته يبحث عن ما يبقى حولها دومًا ، دار بعيناهُ بحثًا حوله عنها وهو يَخشى فقدانها
- السلسلة بتاعتي فين ؟ ....

قيصر العشق  الجزء الاول + الجزء الثاني بقلم عروبة المخطوبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن