الفصل الثامن عشر _الجزء الثاني

687 35 45
                                    

" إن أردت امرأة قوية وأحببتها بصدق عليكَ أن تُقدم لها وتُعافر لإظهار حُبك لها دون يأس وتميزها عن باقي نساء العالم وحينها فقط ستفوز بها ""

"" داخل الفندق ""

جَثت على ركبيتها بتَعب بعدما فَرغت غضبها منه بأثاث الجناح التابع للفندق ، رمقتهُ باستهجان ، وقلبها كاره هدوءه واغتراره بأفعاله وتبريره لأخطاءه نهضت مجددًا مُتجهة نحوه تمسك بتلابيبه تحدق به وصرخت بقوة أجفلت شريان الحياة لديه :-
- قولي ان الفيديو ده متفبرك وبابا مبيشتغلش في الهباب ده .....
ليرد عليها بهدوء وأيسره يخفق بألم تزامنًا مع نغزات ذراعه الذي لم تسنح لهُ فرصة الشفاء
- عملها مرة ومن غير قصد بس الفيديو ده اتسجل ليه ...
ابتعدت عنه بتوجس :-
- اتسجل ليه ازاي ؟
- انا آسف بس كان لازم اعمل كدة عشان ترجعيلي ...
يبدو انها توقعت رده أصابها تبلد من ناحية الصدمات والذهول بأفعاله ، ففي الساعات المنصرمة قد تَلقت منه ما يكفي لوصولها لهذه المرحلة ، بالنسبة له كان على أتم الاستعداد لموجة غضب جديدة منها وعتاب ، ولكنه تفاجئ بما جعل خافقه يتوقف عن النبض ، ألقت رأسها على صدره وذراعيها تُحيط بظهره تتشبث به بقوة تهذي بنحيب ورجاء :-
- ابوس ايدك يا رسلان لو بتحبني بجد متأذيش بابا ده مليش غيره هو وماما هعمل اللي انتَ عايزه عايزني ارجعلك هرجعلك وهفضل عايشة معاك تحت سقف واحد حتى لو مُت في اليوم الف موته معلش بس بابا لأ لأ ....
جفَ حلقه وغارت الغصة فيه ، هنا راوده شعور خسارتها ورسم الحواجز بينهم بأفعاله ، هو يتوق لقُربها وأن تبقى بجانبه ولكن ليس في هذه الطريقة كلماتها تؤكد فقدانها الثقة به بشكلٍ كلي فهو استباح المحظور لِتبقى له فتردد صدى هذه الجملة كما اجراس الكنائس في أذنيه :-
- وهفضل عايشة معاك تحت سقف واحد حتى لو مُت في اليوم الف موته معلش بس بابا لأ لأ ....
صدى هذه الكلمات لن يَبرح ذاكرته وربما سيراوده في الأيام المقبلة ليَجعله مطلعًا على حقيقة الطريق التي يخطوها ، ربت على شعرها بخفة وحنو :-
- زمردة حبيبتي ... كفاييية متعمليش فيا كدة بترجاكي ارحميني ....
ما زالت بين أحضانه تهذي بتكرار :-
- بابا لأ ...... هعملك اللي انتَ عاوزه بس متأذيهمش ....
ابعدها عنه ليرى وجهها المحتقن بالحمرة والمنتفخ من كثرة بكاؤها ، همس بلوعة ورجاء :-
- بقولك كفاية فوقي لنفسك ....ابوكي مش هأذيه ولا عمري افكر أأذيه .....ارحميني انا عملت كدة عشان تفضلي معايا انا بحبك .....
بصوتٍ مُرتجف ترنو إليه بنظرات لا تُنسى
- انتَ قتلتني .
جملة حروفها اخترقت صدره فَنفذت لأيسره واتفجرت في مسامعه

****************

""مبنى العيادات ""

- مستحيل اخويا عماد يعمل كدة ! استحالة يا وائل مش مصدقة ....! انا ازاي مخدتش بالي ! اخويا هو اللي يبقى ورا كل اللي حصل معايا
نطقت رشا كلماتها واضعه كفها على ثغرها بذهول بعدما شاهدت صور أخيها
- اهدي يا رشا واسمعيني انا فكرت اوي قبل اما اجيلك واقولك ، في البداية الشكر لربنا اللي الكاميرا دي موقعتش تحت ايد البوليس لما خدووا كل الكاميرات من هنا والقضية شغالة ، ولا كان عماد راح في ستين داهية بصي اللي فهمته ان في راجل هدد عماد ، الحقير استغل ان عماد لسا شاب مراهق وقام استغله اخوكي تاه ما بين الاتنين اما يسلم الورق او عيلته واخته يبقوا في خطر ، والافضل إنك متعرفيش عماد إنك عرفتي باللي عمله .
صاحت ببكاء :-
- لييييه مجاليش وقالي ليييه .
رفع حاجبيه بنهي ورجاء :-
- عشان خاطري بلاش عياط تلاقيه خاف ومكانش عاوز تتحطي في دائرة الخطر وافتكر ان لو عمل حاجة زي دي تعدي والسلام مش هيحصل حاجة .
- وكدة عدت ؟ ده بوظ كل حاجة وهدم كل اللي بنيته .
همس بنبرة صادقة وثبات وهو يقف قابلتها يُطالعها بحب وحنو :-
- اللي اتهدم يتبني تاني انا جنبك يا رشا ، الحاجة الوحيدة اللي لازم تعرفيها دلوقتي ان انا هفضل ورا اللي هدد عماد لحد اما اجيبه ....
صاحت بنبرة مغتاظة :-
- انا هاكله بسناني وربنا مش هسيبه
- مين؟ تقصدي اللي هدد ولا اللي اتهدد .....
- انت بتهزر حتى في موقف زي ده يا وائل طبعا اقصد اللي هدد اخويا ....
- بس انا مش هسمحلك تقربي منه ..
- اشمعنا ؟
ليصدمها برده وابتسامته الخاطفة لقلبها :-
- عشان لو شاف الجمال ده مش هيقدر يستحمل وهوووب واقع من طوله وانا مش عايز ده يحصل
- بعيدًا عن الغزل الجزئية دي هعديهالك انما الجزئية التانية مش فايته دماغي انت مش عايز يوقع من طوله ليه خير خايف عليه ؟
- ايوا لو مات ازاي هيتربى على ايدي ونرجع حقك ؟
كماء بارد إنْصَبَّ على نيران مُشتعلة كان حال كلماته وصدرها ، لكنها آثرت المضي و عدم ابداء إعجابها به وقالت:-
- حد قالك قبل كدة ان دمك تقيل يا حضرت الدكتور ؟
قطب جبينه بغرور :-
- انا ؟ ده البنات هتموت وتطول مني حتة ...
ضحكت على ايماءات وجهه وكلامه العفوي لتقول بابتسامة وهي تشعر براحة في الاسترسال بالحديث معه :-
- تطول منك حته ؟ ليه بقى كنت معكرونة بالبشاميل ولا حلة محشي ...
-هو انا اطول المعكرونة بالبشاميل ولا حلة المحشي ع العموم مقبولة منك يا دكتورة رشا .
- هو انت زعلت ولا ايه ؟ انا بهزر .
ليرد عليها بضحكة ونظرات عاشق تجعل من يراهُ يلوذ بالفرار بحثًا عن الحُب ليرى مثل هذه النظرات في أعين محبوبه :-
- ده انا ازعل من الدنيا كلها ولا ازعل منك ، دي ليكي بس مجاتش الفرصة اللي اديهالك ودلوقتي جت .
- ايه دي؟
- افتحيها
- حلق ؟
- ايوا مستغربة ليه ؟ تفتكري عيد ميلادك يعدي والدكتور وائل تعدي عليه مناسبة زي دي ؟ ومش اي حلق ده مصنوع من حجر الزركون الأخضر عارفة يعني ايه ؟
ردت عليه بفضول وابتسامة :-
- يعني ايه ؟
- قولتلك قبل كدة ان انا بحب الطبيعة وبآمن في الحاجات الروحانية الحجر ده رمز للبدايات الجديدة ويديكي الحماية والسعادة اتمنى تفضلي لابساه ....
ولأول مرة تشعر بوجوده وقلبها طَفح بالحُب والتأثر بكلماته ونظراته لتقول مغيبة مستسلمة لمشاعرها التي حاولت اخفاؤها مرارًا وتكرارًا منذ لقاءها مع وائل إعجابهما ببعضهما كان من النظرة الأولى والاندفاعة الأولى التي كانت من قبل وائل صاحب المبنى الذي تتواجد فيه عيادة رشا كان تعرفه عليها عن طريق الصدفة حينما تورطت بقضية تسريب معلومات شخصية عن مريض عندها للصحافة والذي تطلب وجود صاحب المبنى وشهادته ومنذ تلك اللحظة ووائل يحاول في كل لحظة تجمعه مع رشا البقاء بجانبها والتعبير عن حُبه لها
- انا مبقيتش عارفة ااقول ايه ، انتَ بجد جنتل اوي يا وائل وبحب تفكيرك انتَ بجد شاب مميز .
يَكاد قلبه من فرط السعادة ينبثق من مكانه :-
- باعتبار كدة انك بتتغزلي بيا مش كدة ؟ اومال الوش الناشف اللي ورجيتهولي بقالك ايام وانتِ مش جاهزة ومعرفش ايه ليه ؟
- لا خد بالك انا بقول كدة عشان انتَ فعلًا كدة ...انا آسفة اوي يا وائل بس بجد تفكيري كان متشتت اوي وتايهة بسبب اللي حصل بس انتَ كنت واقف جنبي بجد شكرًا ليك
- لو عايزة تشكري اشكريني بس مش دلوقتي لما نرجع حقك تاني وشغلانتك ترجعلك .
نظر للحلق بيدها :-
- المهم دلوقتي هتعرفي تلبسيه ولا البسهولك ؟حابب اشوفه عليكي .
- هعرف اكيد ...
لترد وهي تُخرجه من العلبه تحاول ارتداؤه ، ليقول باستعجال واندفاع نحوها
- لازمتها ايه المعاناه دي خلاص انا هلبسهولك ...
رمشت جفونها بذهول من قُربه المفاجئ منها وبدأه في تلبيسها الحلق ، وبتيه راحت تتأمل لحيته وملامحه وما إن تحرك للأذن الثانية ونظرته الخاطفة إليها أغمضت عينيها تُداري ارتجافتها المواتية لخفقات فؤادها السريعة ، اما بالنسبه له ليتَ عقارب الساعة تتوقف في اللحظة ولا ينتهي استمتاعه بقُربها
- شكلهم حلو اوي عليكي الزركون اتخلق ليكي ....
استفاقت من حالة الهُيام التي كانت غارِقة فيها على صوته ، لتقول بابتسامة وهي ما زالت تشعر بحرارة قُربه وعبق عطره
- ميرسي ليك يا وائل ..
- يلا بينا اوصلك بنفسي يا حضرت الدكتورة
- عربيتي تحت
- معلش نبقى نتصرف ونجيبهالك لحد بيتك ، انما دلوقتي عايز اروحك بنفسي .....يلا بينا .....
لم تَقوى على الاعتراض كانت مخدرة بالكامل حنيته ووقوفه بجانبها وكلماته المحفزة لها دومًا جعلتها ساكنه لا تبتغي سوى وجوده .........

قيصر العشق  الجزء الاول + الجزء الثاني بقلم عروبة المخطوبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن