٣١

62 5 7
                                    


" انا مصعب ياسر الدليمي الذي تبرء منه والديه وتم طرده من منزله وتخلت عنه زوجته .. بالنسبة لي، أستطيع أن أتفهم أي شيء يمكن أن يفعله هؤلاء الناس الذين تدعونهم بالدواعش وانا منهم ، فقد كان الجيش يفتك بنا قائلاً إنه يقاتل وحوشاً، حتى أصبحنا وحوشاً حقاً. تفكَّكَ المجتمع العراقي لأن العائلات تفرّقت. اجمع أي عائلة الآن على طاولة واحدة، وستجد حتماً أربعة أو خمسة كراسٍ فارغة!

في النهاية وبعد كل ما شاهدت من مشاهد بشعة بام عيني فانا لا استطيع ان اعود الى انسانيتي ، انا الان ك الوحش الذي لا يملك أملاً في أن يعودَ إلى إنسانيته مرة أخرى، ويعيشَ كغيره من البشر.

كوني مقاتل في تنظيم الدولة الاسلامية لا يعني بأنني مرتاح البال او الضمير فما اعيشه هو كابوس بكل معنى الكلمة، أو فيلم رعب تحول إلى حقيقة. لا يمكن أن أصف شعور الخوف الذي كان ينتابني، كما أصبت بأمراض جسدية بسبب التوتر والضغط، وأعاني كل من شتى أمراض الهضم والاكتئاب الحاد فلم أعد أستطيع النوم بلا أصوات القصف والرصاص والغارات الاميركية فبدونها كأن شيئاً ما ينقصنا
كوني داعشي لا يعني بانني بلا قلب فعندما كان يموت أحدهم كنا نقول: علينا أن نكمل، علينا أن نستمرّ... لكن ما الذي علينا أن نكمله؟ أمامنا طريق مسدود. رأيت العديد من أصدقائي يموتون أمامي، بعضهم مات في المواجهات وجميعهم في ريعان شبابهم. أحدهم كنتُ أتحدث إليه، وكان حلمه الوحيد حينها أن يسمع صوت أمه مجدداً. لم تكن لدينا أي وسيلة للاتصال، ومات قبل أن يحدثها !
هذا ما يحصل عندما تفقد إنسانيتك. كنتُ أفتحُ جهات الاتصال المسجلة في هاتفي وأتأمل الأسماء، واحدٌ أو اثنان ما يزالان على قيد الحياة. قيل لنا: «إذا مات أحدهم لا تمسح رقمه، فقط غيّر اسمه إلى «شهيد». فإن وصلتك رسالة من رقمه ستعرف أن أحداً ما أخذ رقمه، ويحاول خداعك والإيقاع بك». قائمة الأسماء في هاتفي عبارة عن: شهيد، شهيد، شهيد..
انا واخوتي جربنا العيش تحت القصف ومشاهدة أشلاء الموتى متناثرة حقاً ليس على الناس مشاهدة كل ذلك الموتُ لكنني فعلت ! بل وقتلت عدداً كبيراً بيدي الاثنتين "

يأبى الجرح أن يندملحيث تعيش القصص. اكتشف الآن