يأبى الجرح أن يندمل

٥٣

الحب غير قابل للاختزال في تعريف مادي بسيط.. الحب عصي على التعريف والشرح والتفسير، هو ليس تفاعلا كيميائيا، وليس قصيدة تكتبها بعد منتصف الليل وأنت محبط، الحب هو ما جعل هذا العالم يستمر طيلة قرون، وكلما غاب حل محله الخراب والدمار، وتحولت كلمات العشاق لقنابل تهدم البيوت، وتبدلت الورود لقبور تلتهم جثث الأطفال في نهم. هناك قاسم مشترك بين الحب والحرب، فعندما يختفي الحب بين البشر في رقعة جغرافية ما يحل محله شبح الحرب !

اليوم، كثيرة هي الدماء التي تراق تحت مظلة صراعات دينية وحروب عقائدية تعمي البصيرة، فهل اختلاف عقيدة الآخر عن عقيدتك وإلهه عن إلهك يعني أن هناك بينكما جدارا من الإسمنت المسلح يمنع تبادل الحب والعطف؟ أليس الدين رسالة محبة وسلام، أم أن هذه الرسالة ضاعت في كتب الأولين وأصبحت تحدد لنا من يمكن أن نحب ونجالس، ومن يجوز أن نشرب معه فنجان قهوة ونشاهد مباراة كرة قدم بجواره ونعانقه كلما سجل فريقنا المفضل؟

عاد بعد ذلك مصعب الى منزله الساعة الرابعة صباحًا ودخل إلى حجرة نومه، حيث كانت زوجته غارقة في نومها العميق .. حدق بها لمدة دقيقة وهي نائمة فشعر بالضيق من وجودها فجاة فقام بسحب وسادته من على السرير واتجه الى الصالة نحو الاريكة لينام بعيدًا عنها وبينما كان مستلقيا على الأريكة يضع وسادة تحت رأسه تذكرها وتذكر تفاصيل يومه معها ، بكاءها ، خوفها على طفلتها ، ابتسامتها ، احتضانها له
كيف يحبها الى هذا الحد !؟ أشياء عديدة مجنونة بها قلبه وروحه وعقله وعيونه وهو بذات نفسه