PART 43

1.3K 33 0
                                    

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

‏وين أنت ياللي تقدر ترجّع لعمري ساعتين
‏وأعطيك من باقي حياتي ما يسرّك حالها

‏رغم إنهزامي مع دنوّ الليل وابداي الكنين
‏إلّا إنّي أحفظ قيمة العبرة على منزالها

‏ليلٍ سرى في ظلمته وحشه وفي صدري حنين
‏وأحداث حربٍ في معاركها تموت أبطالها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــPART 43.
ــــــــــــــــوتين.
فتحت الرساله لتقرأ مُحتواها "بتفتحي باب الغرفة ولا كيف ؟".
اعتلت ضحكاتِها الهستيريه الساخره منه ومن ما يكتب، ومع عدم تصدِيقها لرسالته إلى انها توجهت للباب وفتحته وهي تتثاءب من شدة رغبتِها في النوم ونُعاسها، لكن فتحت عينيها بصدمه وهي ترا شريان يقف امام باب الغُرفة مُسنِداً احدى يديه على طرف الباب باريحيه ! هتفت فيه بصدمه بعد ان شهقت : وش تسوي هنا ؟.
لم تدعهُ يُجيبها بل اخرجت رأسها وهي تتلفت في أرجا المنزل باحِثه عن اي اعين قد تُسجل ذلك المشهد الذي قد يوقها في متاعب، وما إن تأكدت من خلو المكان حتى جرته إلى داخل الغُرفة بسرعة واغلقت الباب بإحكام وهي تقول بغضب وارتباك : انجنيت ؟ والله ان شافك ابوي هنا لـ ..، قُطِع كلامِها عندما وضع كفته اليسرى وهو يقول لِيُسكِتها : ما احد شافني ولا احد درا بس لو قعدتي تبربرين واجد بيدرون .. اسكتي.
تأففت وهي تقول بعد ابتعدت عنه بسرعة وهي تشعر بتوتر : اف منك شريان ! .. طيب كيف دخلت البيت ؟.
اجابها بجمود وثقه : سر المهنه.
نطقت وهي تنظر إلى هاتِفِها المُلقى على السرير باهمال : قلت ذا يمزح .. يبي يخوفني بس ما توقعت !.
جلس على كُرسِيها وهو يتأمل الغُرفة، فتارةً تعلو ملامِحُه التَعجُب وتارةً ملامِحُ التساؤل غرفة ليست كما توقع لم تكن ورديه بالكامل على العكس كانت درجات اللون البُني هي الاكثر تواجد في اثاثها.
جلست على طرف السرير وهي تنظر إليه مُنتظره منه تبرير قُدومِه إليها في هذه الساعة ! ولكن كما يبدو لها ان صمتهُ سيطول فسألته : وش جايبك ؟.
ضل ينظر إلى ملامِحِها بهدوء وكأنهُ هو الاخر لا يعلم سبب قُدومِه إلى بابِها : فيصل الي بيوصلك الشمال.
نطقت وهي تهز رأسها بالايجاب : ايوه .. طيب ؟.
اجاب وهو يدور بعينيه في ارجأ الغُرفة الواسِعه، ذات الديكور البُني بتمعن : يعني ما راح نلتقي الا في الشركه ..، اردف بنبره استوطنت اعماقِها : بتفتكين مني.
صمتت قليلاً ولم تخلو نظراتِها من التعجُب : حلو .. يعني هذا الي بيصير.
وقف مُتوجهاً إلى احد زوايا الغُرفة والتي وُضِع عليها ستار ابيض اللون، وكأن خلفها شيء مُخبا ! نطق وهو يفتح الستار وينظر إلى وتين بسخريه : مخزن ؟.
عقدت حاجبيها وهي تبتلع ريقها وتقول بتردد : لا.
نظر إلى ما ورا الستار فاندهش من ما رأتهُ عينيه .. تُحف تُذهل الناظِر صور رُسِمت باتقان داخل زُجاجات مليئة بالرمل الملون، رسمت اشخاص لهم اجنحه بيضاء وكأنها تشبههم بالملائكة وبقيتِها عباره عن مناظِر طبيعيه جعلته يتأملها وهو يقول بانبِهار : انتِ الي رسمتيها؟.
اجابته بابتسامه ممزوجه بتوتر من ان يتمادى بالتدخل في ما لا يعنيه : ايوه .. حلوه، صح؟.
لم يُجِبها فقد وقعت عينيه على طرف الزُجاجه التي وضع عليها غطاء اسود اللون، لفتهُ ذلك الشيء المُغطاء فتمردت يدهُ لتنتشل ذلك الغطاء بعد ان اطلقت وتين صرخه ناهيه عن فِعله لذلك : لاا.
لم تكُن زجاجه واحده بل زُجاجتان ! احتار في امر الاثنتين فالاولى توحي بانها كانت رسمه لرجل ولكن تم تخرِبُها عمداً ! اما الثانيه فهي ليست لبشرٍ ولا منظراً خلاباً كبقيه الرسومات .. الملامح ملامح رجل، اما الجسد فهو جسد ذِئب او وحش ! لم تكن الرسمه مألوفه وكأن خلفها قصة ليسأل : ليه مغطيتها ؟.
نطقت بحده بانت على ملامِحها الحاده، وكأنهُ انتهك لخصوصيتِها : قلت لك لا تلمس شيء مو لك، ما تفهم.
ازاحته واخرجته عن الرُكنُ المحظور، الرُكن الذي اُتِيحت لها الفُرصه في تفرِيغِ غضَبِها وحُزنِها بداخِله، لم يتجرأ احداً من افراد عائلتِها على فتح ذلك الستار احتراماً لـ مشاعِرِها .  لطالما اعتادوا جميعاً على ان لا يسترق احداً منهم النظر إلى ما ورا ذلك الستار دون إذنٍ منها، اما هو ؟ فقد تجرأ على التدخل في ما لا يعنيه بالرغم من زجرِها ومحاوله منعِه.
نطق وقد انتابهُ شُعُور غريب عندما رأ دموع عالقه بين اهدابها ! : لهدرجه فضولي جرحك ؟.
نطقت بصوت يملأه النوم والقهر وهي تُغلق الستار : ايه ..، اردفت وهي تجلس على طرف السرير مُحاوله إخفاء تأثُرِها من تصرفه ومُحاوله تغييرها لمجرى الحديث : تصدق ؟.
تنهد وهو يقول في نفسه بعد ان جلس -انا وش يخليني اجي لها في هالوقت ! وش الي يخليني اتسحب في اخر الليل كأني حرامي ! كل ذا عشان اشوفها ؟-.
نطق وهو ينظر إليها : ايش ؟.
وتين بتفكير : توقعتك تغيرت.
قطب جبينهُ بتساؤل وهو يقول : وش الي توقعتيه تغير بالضبط؟.
رفعت عينيها لتنظر إليه وهي تقول بنبره يكسوها القليل من التهكُم والسخريه من ذاتِها : خلك من التغير .. بالنهايه انا توقعت وما صدق توقعي.
نطق بإلحاح واصرار لمعرفه ما الذي لُحِظَ عليه من تغير : لا قولي وش توقعتي.
اخذت نفس عميق ونطقت دون تردد : اليوم يوم شفتك عند باب الغُرفة واقف، توقعتك بتتغير وتصير طيّب .. وتحترم غيرك حسبتك بتتوب من افعالك الوحشه، بس طلع العكس ما تغير فيك شيء.
صمت قليلاً ليعود ويسألها باستغراب : كل ذا عشان فتحت هالستاره ؟.
اجابته وهي تنظر لعينيه وتهز رأسها : لا .. هالكلام في داخلي وكان ودي اقوله لك.
سألها عن ما إذا كانت ترغب في ان تراهُا شخصاً اخر ؟ ان ترا اللين مِنه فاجابته : ايه ياليت تتغير .. صح اني شخص مُهمش في حياتك ومو مهم ويمكن تكرهني واكرهك، بس صدقني تمنيت لو اني قابلتك في وقت ومكان وحدث غير .. يمكن كان ..، صمتت ولم تُكمل جُمتُها فاستدرجها بِسؤاله : كان ايش ؟.
نظرت إليه وقالت وهي تبتلع ريقها بارتباك : يمكن .. يمكن كان ما كرهتك .. بالنسبه لي احياناً اقول لو اني ما عرفتك ابداً افضل من اني عرفتك بذي الطريقه .. بس ارجع واقول من الاساس ليتني ما عرفتك، مافي اي احد يبي يكون قريب من شخص زيك، انت سيئ وظالم .. متحكم تجرح بدون ما تحس ..، اردفت وهي تدور بعينيها في ارجلا الغرفة تتحاشى النظر له : ووجودك في غرفتي ماله اي مُبرر غير انك تبي تثبت لي جبروتك وسلطتك علي .. بس يا شريان يمديكـ .. يمديك تتغير وكل مشكله له حل، صدقني الحياة باقي معطيتك فرصه انك تتغيـ ..، قاطعها ببرود كاذب .  كذبت نظرات الا مُبالاه فقد فجرت كلِماتُها تلك براكينً أُخمِدت مُنذُ اعوام : بس انا ما ابي اتغير.
صرخت فيه لتضرب بالحقائق في وجهه : احسن .. صدقني ما هميتني، ليه اهتم بواحد قذر زيك، صدقني كل يوم راح اشوف فيه وجهك راح اتمنى يعدي باسرع وقت عشان ما اتعود عليك، ماني مستعده اغرق في ظلامك وقذاراتك، ما ابي ينطبق علي كلام من عاشر قوم اربعين يوم صار منهم .. انا مستحيل اشبهك انا مو زيك احنا مختلفين بشكل كبير ..، اردفت باستياء : وافعالك وكل شيء سيئ رجاءً خله بعيد عني لاني تعبت منك ومن تصرفاتك .. تمام لا تتغير اخر همي ليه تتغير اساساً ؟ هذي فطرتك وما احد مجبور يغير احد.
نزلت كلِماتُها كالسِهام على صدرِه ! اخترقت كيانَه زلزلت شيئاً ما بداخِله، وصلت كلِماتُها إلى اعمق نُقطه في ذِهنُهُ وفي قلبِه لِتُرجع ذكرياتُها وماضيه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــعوده للماضي.
ركضت إيلام لترتمي بين احضانِ والِده المُقعد على كُرسي مُتحرك والعاجز عن السير وهي تقول بتمثيل الخوف والهرب من شريان : بابا .. بـابا قول له يبي يضربني.
ضحكت والِدُها وهو يقول لشريان الذي لم يتجاوز سِن التاسعه : لـه لـه، تبي تضرب حبيبه ابوها ؟.
جلس شريان وهو يقول بتذمر بعد مُحاوله تهجم : بس انها خربت كتابي حق المدرسه ! ..، اردف وهو يوجه كلماتِه لاخته : معليه معليه تخبي والله امسكك.
هُنا بدأت مُحاضره التأديب وإعطى الدروس لابنه الاكبر كالعاده قائلاً : مهما سوت هي اختك وما يصير تضربها، والرجال الكفو ما يضرب بنت، صح ولا لا ؟.
وبرغم علامات الاستياء التي على وجهه إلى انهُ هز رأسه مُوافِقاً على كلام والِده.
فاردف والِدُه قائلاً : انا يمكن ما ادوم لك واخواتك كثير لكن ان صار و متت فخلك عون لهم وكن ليّن وطيّب معهم، تتوقع ليه ؟.
شريان دون تردد اجاب من كثره ترداد والِده تلك الكلمات عليه : لان الرجال مو الي يستقوي على الي اضعف منه، الرجال هو الي يدافع عن الضعفاء .. بس هم مـ ..، اسكتهُ والِدُه قائلاً : بدون بس .. انا اعرفك زين، انت تشبهني واكيد بتكبر وتكون رجال شهم ومسوؤل طيّب مو ظالم، راح يحبوك كل الي عرفوك.
ابتسم شريان عندما را ابتسامه والِدِه وهو يفتح ذراعيه لِيُعانِقهُ وكان ذلك العِناق اخر عِناق لشريان مع والِدهُ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــعوده للحاضر.
تنهد شريان بقل حيله امام كلماتِها وكأن الكون يعصِفُ بِه والقهر يستوطنه: هذا انا شريان الظالم الجبار المتسلط .. وخليك بعيد عني يا ملاك الرحمه.
صدرت منها ضحكه من مُسمى "ملاك الرحمه" لتلفظ بعد تأنيب ضمير : والله ؟ اكون بعيده عنك ؟ ..، اردفت بقهر وهي تُشيح النظر عنه : عمرنا ما كنا قريبين من بعض عشان نبتعد.
ابتلع غصتِه وهو يقول : افضل.
وقف ليخرج ولكن لم يتوقع منها ذلك فقد امسكت بذراعِه بشده مُحاوله منعه من الخروج بعد ان وقفت لِتجُره إليها وهي تقول بعد ان التفت لها وقصُرت المسافه بينهُما ! والتقت تلك العيون المُتكلمه عيون اغرقتها المشاعر والمُكابِره .. كِلاهُما ليس في وعيِه فهي ينتابُها النُعاس وليست مُدرِكة لما تفعل وتقول وهو تزلز كيانِه وروُحُه من كلامها الحاد معه.
نطقت بخفوت : بس انا ما بسمح لك.
نطقت عينيه قبل لسانِه ليقول : في ايش ؟.
اجابته بنبره يكسوها الرجاء وهي تشد على يده وقُربه هذا يلخبط ضربات قلبها : مقدر اسمح لك تدمر نفسك كذا.
نطق بجمود وتساؤل واستجواب .. لهفه لكُل كلمه تقولُها : بـاي حق ؟ توك كنتِ تقولي لا تتغير ومدري  ايش ! متناقضة !.

"أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ"

نحن لا نليق بالحُب ياسيّدي . . .حيث تعيش القصص. اكتشف الآن