50

498 55 7
                                    


اخبروا تلك الفتاة التي تبكي كل ليلة على فراشها بأن العالم لم ينتهي بعد ، باب التوبة لم يغلق بعد ، أخبروها ان لا شيء توقف لأجل بكاها فالزهور ما زالت تتفتح كل يوم !
أخبروها بأن قلبها ما زال يضخ الدم ولم يتوقف بعد وان رئتيها تتنفس ذات الهواء ، العالم ما زال كبيراً وأنها لم ترَ شيئاً منه بعد فلماذا تنهي رحلة عمرها التي قد تمتد ٨٠ عاماً للأمام !

كانت شهد في اسوء حالاتها في تلك اللحظة التي خرج فيها علاء من الغرفة بل وحتى من المنزل فقد رقدت في فراشها تنظر الى السقف كجثة هامدة تبكي وشفتيها زرقاء ووجهها باهت وكأن الموت سيقبض روحها الان ، تضع يدها على فمها تكبح صرخاتها الذبيحة من الخروج ، ولكنه الحزن يا عزيزتي يقتلع القلوب من صدورنا ويزهق الأرواح اكثر حتى من المرض

تجاهلت المكالمات الواردة من امها ، تكررت الاتصالات ، لم تكن تلك عادة شهد ان تتجاهل مكالمات والدتها التي تجاوزت ال ١٠ مكالمات ، وصلت إليها رسالة نصية من امها تقول فيها " بنتي وينچ الله يخليج ظل بالي يمچ ، جاوبيني ترة اذا ما جاوبتيني رح اجي عليچ للبيت "

أجابت امها برسالة قصيرة اختصرت فيها ، لانها لم تعد قادرة على الشرح والخوض في التفاصيل فقد سئمت من كل شيء
" ما بية شي لا تجين گاعدة بالبيت عادي "

رمت هاتفها على الارض ثم قامت من على سريرها واخذت تنظر في المرآة الى وجهها ، هل هذا الوجه هو وجهها هل هذا هو ذات الوجه الذي اعتادت على رؤيته في المرآة في كل مرة ، لا يمكنها التصديق فما تراها الان في المرآة ما هي الا أمرآة ضعيفة منكسرة تحاول ان تخفي تلك الدموع والكدمات على وجهها !

لم تجد ما تخفي به حزنها في ذلك اليوم فبدلاً من البكاء على الوسادة ذهبت الى الحمام وتوضأت وقررت ان تصلي وان تسجد سجدة اطول من العادة تشكو فيها بثها وحزنها الى الله ، تدعو ان يمنحها الخلاص من تلك الحياة البائسة وان يمنحها فوق صبرها صبراً فهي لم تعد قادرة على التحمل !

في ذلك اليوم ، قضت شهد الليل لوحدها تتنقل في ارجاء المنزل ، تبكي تارة وتنظر الى المرآة تارة اخرى ، لا تعرف ماذا تفعل ولا تعرف لماذا لم تتصل بعائلتها حتى ، فقد جلست على أريكة الصالة وفتحت التلفاز ثم عادت فأغلقته وغطت في النوم

مرت ساعات حتى أزاحت «شهد » جفونها الثقيلة، فغزا عينيها ضياء ساطع تخالطه ألوان مموّهة، وبعد لحظة بدت الأشياء أكثر وضوحًا، فتبيّنت أنها قد غفت على الأريكة كل هذا الوقت ، ولا تعرف ما سبب استيقاظها ربما لانها سمعت صوت الباب الخارجي ، فقد قامت من على الأريكة واخذت تنظر من نافذة الصالة واذا بها تجد علاء قد عاد مخمورا الى المنزل تتعثر أقدامه فى خطواته وهو يغني ويترنح

دمُ العراقِ يراقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن