45

513 56 10
                                    


ما هذه الأوطان التي تصلح للدفن ولا تصلح للعيش ، وما هذه العلاقة مع الوطن ، التي لا تعيش الا على الحنين ، ولا تسنح باللقاء الا عبر الموت ؟ ولمَ في كل حب شيء من الموت ، وفي حب الوطن لا شيء الا الموت

اخذ سعد يفقد توازنه ثم سقط على الارض يتخبّط  من شدّة الألم، وهو يعض يده الاخرى ويصرخ واخرج مافي جوفه على الارض وهو يئن من شدة الوجع ، رصاصة قناص تخترق جسده رباه وحدك العالم كم هي مؤلمة ، شعر بالفعل بأن روحه تفارق جسده ، شعر بأصدقاءه يحملونه ويركضون ويصرخون ورصاص الشغب وقنابلهم الدخانية لا تزال تلاحقهم ، وفي اثناء صراعه داخل دوامة الالم تلك ، لا يتذكر شيئا من الأحداث التي تلت هذا الموقف، إذ فقد وعيه تماما من شدة الألم الذي كان يشعر به. لا يتذكر أنهم حملوه على نقالة، وارتحلوا به مسافة كبيرة خارج التحرير حتى وجدوا سيارة اسعاف ، تم نقله في الإسعاف وهو ينزف ، لقد نزف كثيراً من الدماء حتى اعتقد أصدقاؤه بإنه لن ينجو !

لقد مرت ساعات عديدة حتى كاد اليوم ان ينتهي وهو لا يزال في تلك المستشفى ، اجرى له الأطباء العملية ونجحوا في إيقاف النزيف وتعقيم مكان الرصاصة وهم ينتظرون لطف الخالق ورحمته ، لقد نزف الكثير من الدماء وكان الامر اشبه بالمعجزة حتى بالنسبة لرفاقه الذين رفضوا الرحيل بعيداً عنه وجلسوا بجانبه اما كي يستقبلونه بالحياة مرة ثانية ، او كي يودعونه وهو في طريقه الى الحياة الاخرى !

كان علي وانس ومحمد جالسين في الخارج بأنتظار الطبيب وبعد مرور عدة ساعات خرج الطبيب اليهم وهو يبتسم

انس : ها دكتور بشر شلون صار ؟؟

الدكتور : ما بيه غير العافية ان شاء الله ، هسة انطيناه منوم خلوه هسة يرتاح وباچر تعالوا عليه ، احسن ألة والكم وبالنسبة للفلوس

دمُ العراقِ يراقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن