جلس سعد في الحديقة المطلة على شاطئ نهر دجلة ، اخذ يتذكر حبيبته شهد وكم تمنى ان تكون زوجته ، كان الجو غائماً حينها يساعده على التأمل ، لطالما خطط الكثير معها في هذا المكان ، رسم مستقبله وحياته بجانبها ، يتذكر الأيام الحلوة التي أمضاها معها. ويسأل نفسه: كيف يمكن لامرأة أحبت بالشكل الذي أحبته هي به أن تنساه، وأن تبتعد عنه، ولا تتصل به وتتزوج بغيره وتعتاد الحياة معه ! ؟كان ينفث دخان سيجارته خارج منخاره في الم ومرارة ، يراقب سحاب دخانه بشرود وقد شعر بأنه كان حزيناً الى ابعد الحدود ، والدموع تقف عند طرف أجفانه يمسح دموعه وهو يغطي وجهه بيده بسرعة حتى لا يروه الناس لان دموع الرجال يمنع نزولها في هذه البلاد !
كانت لحظات حتى سمع صوتاً ينادي بأسمه فشعر وكأن كهرباء تنطلق من جسده إلى جسدها، وخيل إليه أنه سمع صوتها، الذي اخترق سمعه كشرارة من نار ألهبت روحه ، لا يمكن ان يكون ذلك حقيقياً فقد بدأ عقله يخترع اشياءاً غير حقيقية ، لا يمكن للصدفة ان تلعب دورها الى ذلك الحد كلا من المستحيل ان تكون صدفة ، فما هي الا تدبير الهي او شيئاً من هذا القبيل شيئاً لا يستطيع هو ان يفهمه فقد بدا الامر اشبه بالأفلام الخيالية !
شهد : سعد ! ، سعد انت دتبچي ؟
عرف صوتها فاضطربت أصابعه وارتعشت مقلتا عينيه وبدون أن يلتفت قال بصوت تملؤه نبرة البكاء
سعد : مشتاگ شيسكتني اذا ما تنزل دموعي !؟
اختلطت الأسطر أمام عينيها، واضطرب بصرها، لكنها كانت تعرف من هو الشخص الذي يقف أمامها ، لا بد ان يكون هو !
اقتربت شهد من سعد ثم وقفت كالتمثال مشدوهة مما تراه ، لقد كان هو ، فعلاً هو ، لم تجد ما تقوله واخذت تتابع بعينيها فقط جميع حركاته ... جذب «سعد » نفسا عميقا، وارتعشت شفتاه لرؤيتها ، لقد صدق المثل القائل " الصدفة تسير أحياناً بتوقيت القلوب "