48

545 56 9
                                    


لعل السعد في وجه الايام متخبّي ، لعل دجلة سيغدو نهراً كجمال الشهد في عينيها !

كان سعد متمدداً على الأريكة في منتصف الصالة مسترخيا، يرتدي فانيلة قطنية وبنطلون خاكي بعد عودته الى المنزل وبجواره لوحة شطرنج على الطاولة وصحناً من أشهى الفواكه ، والدته تجلس على الارض بجانبه وأخواته من حوله وهو يتابع اخبار ثورة اكتوبر بشغف ، يتابع احداث الايام التي لم يستطع المشاركة بها بسبب إصابته !

سعد : حوبة العراقيين والشهداء والأمهات الي لحد الان تبجي وتون على ولدها وحوبة الأرملة وأم وابو المخطوف والطفل اللي چان يگعد بحضن ابوه ويتريگون سوة وحرموه من هالگعدة ، كلها ماراح تروح بلاش وطالعة بيهم واحد واحد وعار علينا ومو زلم احنا اذا يوم ٢٥ ما رجعنا حقهم بيدينا من عادل زوية !

فاطمة : يمة انت ما مجبور تروح بعد انت رحت وتصوبت ومردتلي گلبي وسويت اللي عليك يمة ما احد يلومك بعد شتريد تسوي يعني ، تروح وتموت !؟ اشو يمة اني وخواتك ندري كلش زين الخيمة من تفگد عمود ، الريح تتونس عليها

سعد : انتي ما شفتي شي ، ما شفتي شلون شباب جوعانة تطيح لان متعطشين للحياة ، دمهم يسيل عبالك مو بشر ، يمة بلديش هذا اللي اذا اطلع نص ساعة تدگيلي ٢٠ مرة ، حياتچ عايشة على چيس أدوية وأطباء وانتي عمرچ ٥٠ سنة ، شوفي اللي بعمرچ بدولة ثانية وين وانتي وين ، بلديش اللي الشي الوحيد اللي يفرحنا بيه هو المنتخب !؟ ، يمة ترة هاي اشياء تنحسب نقط من بين الاشياء اللي جاي نعيشها اذا انا ما اطلع منو اللي يطلع لعد ابن المسؤول !؟

استمر الحديث الحاد بين سعد ووالدته حتى قاطعهم صوت جرس الباب !

سعد : سجاوي شوفي منو ، اول شي سألي من ورة الباب اذا ولد صيحيني

غادرت سجى لمدة قد تزيد عن خمس دقائق ثم عادت ولم تدّخر جهداً في إبداء استيائها من الشخص الطارق

سجى : جايين عليك ضيوف

سعد : منو !!

كانت مجرد لحظات حتى دخلت شهد بخجل للمنزل، وهي تطرق رأسها باتجاه الأرض ثم قالت بصوت يرتجف خجلاً

شهد : السلام عليكم !

هل ما حدث للتو حقيقة ، ام هو مجرد وهم من أوهامه !؟ ، ابتلع ريقه وهو ينظر اليها بذهول تام ، وشعر بسخونة تجري في شرايينه ، وشعر بحرارة عالية من قوة ضخ الادرينالين في جسده ليدفع الدم بقوة داخل عروقه الموصلة للمخ !

دمُ العراقِ يراقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن