"أجل! ماذا، لا!! كيف تتوقع مني معرفة مكاني و أنا داخل غرفة فارغة تماما، لا نافذة لها و بابها حديدي موصد بالسلاسل؟! أخبرتك أن آخر ما أذكره هو موقف سيارات فارغ قرب جسر ضخم! "
صوت همس تسلل لأذني يوداليت، فهزه من سباته و أيقظه... و كانت آلآلام الشديدة أول من تستقبله بضربات كالمطرقة على رأسه.
"ما الذي تقصده ب'انتظري'؟؟ كيف لي أن أنتظر أكثر و أنا عالقة في غرفة غريبة مع جثة؟!! "
بعدما استيقظ استطاع تمييز الهمس أخيرا، لقد كان صوت فتاة، كانت منفعلة جدا و غاضبة... لكن ذلك لم يهمّه بقدر ما أفزعه فتحه لعينيه و استقبال الظلام له مجددا... عيناه مفتوحتان هو متأكد، لكن الظلام الحالك يحيطه و يمنعه من تمييز أيا كان ما يوجد حوله.
'مهلا... لا يعقل أنني أُصِبت بالعمى صحيح؟ ' الفكرة أرعبته، لكن و بشكل أذهله شخصيا، فقد نجح في السيطرة على أعصابه.
إن أسوء كوابيسه منذ الطفولة كانت انعدام الرؤية الواضحة، أن يعلق وسط الظلام أو أن تتشوش رؤيته... فهو دائما قادر على الدفاع عن نفسه و كسب اليد العليا أمام خصمه، إلا في الحالتين السابقين حيث يفقد رؤيته.
أثناء محاولتِه الحفاظ على تنفسه مستقرا و السيطرة على انفعالاته، حاول النهوض و ذلك بوضع يديه على الأرضية و دفع جسده نحو الأعلى، مهسهسا خلال ذلك بعدما اعتصر الألم كافة رأسه...
الفتاة التي كانت تهمس بعيدا عنه، في طرف الغرفة أمام الباب الحديدي تتفحصه، كانت تحمل بيدها هاتفا، تتحدث عبره لشخص ما...
أثناء انشغالها بالبحث عن نقطة ضعف للباب، سمعت صوت حركة خلفها، فالتفتت مسرعة تتفقد الأمر. فإذا بها تطلق صرخة مفزوعة، مفجرة طبلة أذن من بالطرف الآخر من المكالمة.
"يا الهيي الجثة تتحرك!! " صرخت و نتيجة لتوترها انزلق الهاتف من يدها و ارتطم بالأرضية الصلبة .
صوت انكساره جعلها تشهق مصدومة، فنزلت مسرعة لاحقة بهاتفها... بين يديها أخذته و حاولت تلمُّسه، فبسبب الظلمة الحالكة لم يكن بمقدورها الاعتماد على بصرها، فاستعملت اللمس بدلا عن ذلك.
و كما كان متوقعا، شاشة هاتفها انكسرت و إطاره تحطم، فصار يرفض الاشتغال من جديد.
"ما هذه الصناعة الرخيصة... أهذه هي هواتف نيوسايبورغ المملكة المتطورة؟ نصَّابون! " رمت بقايا الهاتف و نهضت قاصدة يوداليت.
أنت تقرأ
أيها السحرة! احذروا الفرسان
Fantasyحتى بعدما أغرق الطوفان أرضهم، لم يستسلم البشر و عزموا على إقامة حضارة جديدة ، و حتى بعدما مُسخت الحيوانات، و زَحَفَت جُثَتُ ضحايا الطوفان من أعماق البحر، مبعوثين للحياة من جديد على شكل هياكل عظمية، متلهفين لسفك الدماء و إسقاط الأرواح، إلا أن البشر ل...