الفصل الثالث والتسعون: اركض -2-

2.9K 308 637
                                    

الشاشات الضخمة المعلّقة كانت تنقل خبرا مباشرا عن حادثة سير كبيرة حصلت على الجسر الرابط بين الضفتين الحضرية والطبيعية للعاصمة. شاحنة تنقل مُرَكَّبَات كيميائية اصطدمت بحافلتي نقل مدرسية، على متنها ما مجموعه مئة طفل تتراوح أعمارهم بين الخمس إلى العشر سنوات، والاصطدام أدى إلى سقوط الشاحنة والحافلتين معا في النهر.

إضافة لعمليات الإنقاذ والبحث عن المفقودين، فالعاصمة انقلب عاليها سافلها بسبب المركَّبات السّامة التي تسربت مع مياه النهر، وكل مذيع وخبير على الشاشة استمر يحذّر السكان من انقطاع المياه عن العاصمة ريثما تحلّ المشكلة.

"...فوضى"، تنهّد يوداليت أثناء استمراره السير على قارعة الطريق، أحداث كهذه نادرة جدا لامتلاك كل أنواع مركبات نيوسايبورغ نظام حماية ضد الحوادث، إن لم يقصد السائق القيام بحادثة سير، فمن النادر أن تخرج مركبة عن مسارها خطأ أو صدفة.

إضافة لذلك، يوداليت كان لديه تساؤل آخر، "ما الذي تفعله مركبة نقل مدرسية على الجسر؟ لماذا سيأخذ أحدهم أطفالا إلى الضفة الطبيعية".

ذاك النهر خطير، والضفة الطبيعية بدورها خطيرة... لربما العاصمة آمنة صباحا، لكن لا أحد يستطيع دحض خطر ظهور رالين فجأة! لأجل ذلك لا يعبر الجسر سوى من حصل على تصريح قبلا، أو من يسوق نوعا مميزا من المراكب المزوّدة بحماية ضد الرالين.

وفي كل الأحوال، يوداليت شعر بالأنس بعد اكتشافه أنه ليس الشخص الوحيد الذي يعيش يوما سيئا. ماريا لا زالت لم تتصل به، سينا كذلك، والرقم الوحيد الذي ما يزال بحوزته ولم يجرب الاتصال به بعد هو رقم ويليام، لم يعد يملك من المال ما يكفي لركوب حافلة، وهناك احتمال أنه ما يزال ملاحقا.

التفت خلفه وتأكد أنه ليس مراقبا أو ملاحقا للمرة الألف، والآن بعدما هدأ وفكّر بالأمر؛ وجد أن عدم ركضهم وراءه أمر أغرب من محاولتهم تخديره وأخذه لمكان غريب فجأة!

لم يجعلوه يرتدي الطوق فقط، بل استدرجوه لزقاق ضيّق وحاولوا تقييده بأسلاك ثمينة الحصول عليها يتطلب إذنا خاصا في نيوسايبورغ! كل هذه الجلبة والإعدادات ليتركوه في حاله ببساطة بعدما هرب؟

'هل... خافوا وتراجعوا عن استهدافي؟'، خمّن يوداليت أنهم اعتقدوا أنه طلب المساعدة بالفعل وفَضَحَ هُوِّيَاتِهم، وأنهم الآن بدل اللحاق به؛ فقد سارعوا بالهرب والاختباء.

يبقى هذا مجرد تخمين، لكنه الأكثر منطقية. وللمرة التي لا يعلم كم، نظر مجددا إلى هاتفه يتفحّص الرسائل أو المكالمات الواردة. علبته فارغة إلا من اتصالات قديمة، ومع ذلك استمر يحدّق بها منتظرا ظهور رسالة أو توصّله بمكالمة..

"إنها المرّة الأخيرة لي بالخروج من المنزل دون شحن تعبئة اتصال.."، صار يحدث نفسه من فرط إحباطه. في الواقع؛ كان ليمكنه شحن رصيده بسهولة ودون الحاجة للمال لو أنه أحضر معه سواره.

أيها السحرة! احذروا الفرسانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن