الفصل الثاني والخمسون : القاطفون

3.7K 353 635
                                    

السّقف الحجري لايذكِّره بشيء، لكنه فقط لايستطيع نزع عينيه عنه. اخضرار النباتات المتسلقة بين شقوق الأحجار العتيقة يريح بصره، لكنه لا يساعده بتاتا على تصفية أفكاره... بين الحين و الآخر يتنهّد تنهيدات متفاوتة الطول، مرة مسموعة و مرة صامتة. هذه كانت حال يوداليت بعدما وصلوا المنزل المقصود.


مظاهر المنازل كانت مرآة لباطنها، كذلك مخرّبة وعتيقة و غير صالحة بتاتاً للعيش. الأثاث لم تكن إلا بعض الأغطية الأرضية من فراء الرالين، على سرير حجري مفردة وفوقها ينام شيخ مريض.


توسلاته الباكية لڤال بالرحيل كانت تخترق سمع يوداليت، إنها لاتذكّره بذكريات محدّدة لكنّه فقط لا يحبّها بسبب التوتّر الذي تضفيه على الأجواء.


"ارجوك بني، فقط ارحل أنت و ميلين و اتركاني. إن المرض أهلك بدني ولا أظن أنني سأصمد طويلا"

كان شيخا قمحي البشرة، أخذ منه الزمن نظارة بشرته و قوة بدنه والأمل بالعيش أيضا على ما يبدوا. كان مستسلما لما كتبه عليه القدر، لكن ڤال لم يكن يخطط لمنحه ما يرغب به، إذ برز الانزعاج على ملامحه  واضطر للتوقف عما يفعله فقط لينهض ويقف أمام الشيخ، "بالله عليك أيها الجد العجوز! إنه مجرد زكام مجرد زكام ! لي ، أرجوك أخبريه بذلك!  "

جيانغ لي قرب السرير الحجري كانت جالسة، على العجوز تستعمل سحر الشفاء خاصتها وتبتسم أثناء ذلك ، "لا تقلق أيها الجد، إنه مجرد زكام حقا. بعد أن أنتهي من مساعدتك على تخطّيه ستصبح بخير"


طمأنته وهي تضحك، قبل أن تتسمّر مكانها فجأة مستوعبة 'مهلا لحظة..لما اقوم بعلاج شخص بدل تنفيذ مهمتي ؟'


ملامحها أظلمت وعن استعمال سحرها توقفت، أخيرا صارت تستذكر الاحداث السابقة وكيف انتهى بها المطاف تلحق بڤال..'هل يُعقل أنني خُدعت؟'


مشاعر مختلطة بين الغضب والخوف و القلق تدفّقت عبر عروقها فنهضت ثائرة وعلى ڤال صاحت، "قلتَ أنك على علاقة وطيدة بالأمير وستساعدني في مهمتي !! لما أحضرتني إلى هذا المكان بدلا ؟ أيعقل أنك كنت تكذب علي ؟؟"


من الهالة المتفجرة حولها فزع ڤال وسريعا ما حاول انقاذ حياته بالانكار ، "ابدا !! لم أقم بخداعك ابدا !! لقد كان اتفاقنا أن أساعدك مقابل أن تعالجي الجد العجوز! "


"كفّ عن مناداتي بالعجوز ياولد! " 


وبذلك انضم الشيخ لهما في الجدال أيضا فقامت الفوضى داخل المنزل، وذلك كان منظرا مملا جدا بالنسبة ليوداليت، أكثر مللا من التحديق بالسقف حتى. 

أيها السحرة! احذروا الفرسانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن