الفصل الخامس والستون: رقصة الأفعى.

2.7K 319 524
                                    

'ما خطبي... ؟'

يمكن لويليام سماع الصيّاح خلفه، الهسهسة أمامه، والجلبة حوله. يعي كل ذلك... لكنه ليس قادرا لا على النهوض أو حتى رفع رأسه.

'...هذا ليس الشخص الذي من المفترض أنني أكونه.. '


بدوره مصدوم يحدق بكفّيه المهتزّتين من ارتجافهما الشديد.  إنه لا يفهم ما يصيبه، يشعر بكل عضو من أعضاء جسده يرجُف وأسنانه تصطك، والأنكى أنه ليس قادرا على السيطرة على ذلك أو حتى تنظيم أنفاسه.


وهذا لشعور يأخذه لأوقاته الغير المفضّلة من الماضي، عندما واجه وحشا أول مرة بعدما أصيب باللعنة...ثم ما تلى ذلك من مواجهات طُبِعت بفشله لسنوات.

سنوات من الجحيم، تساءل فيها عن حنان الأهل، فوجدهم باعوا وفاءه. ثم شهد جموع الصّحب يتركون إيخاءه، وبريق اسمه يخمد وسط الهِجاء. أيّام ضاق به الكون بوسعه فصار لحدا بظلامه غَشَّاه.

إلى حالٍ ماضية هرولت ذكرياته تأخذه، تتراجع به إلى الوراء موشكة على بلوغ اللحظة الأشد شجنا. وهو العاجز عن إسكاتها صاح في نفسه عسى يوقف تدفقها، 'لا لا لا، إلا ذاك!! '.


....صوته لم يصلها ورغبته المستميتة في إيقاف ذكرياته هذه انعكست سلبا، فبدل أن تصدّ عنه أقبح صدماته عرضها عقله أمامه بوضوح كأن به جِنّة.

بين أنياب ملكة الأفاعي المتعاظمة، جسد والدته كان متدلّيا... شعرها داكن الزّرقة يتمايل كلما تَرَنَّح رأسها الذي لم يعد يربطه بالعنق سوى قطع قليلة من اللحم.

الدماء كأنها مطر قرمزي مستمر بالهطول، على الأرض كوّنت بِرَكا، والبرك وَلَّدت جداولا، والجداول انتشرت وسقت أرجاء ساحة القصر..

زمنه توقّف والمنظر من الماضي نصب عينيه تَعلَّق، ارتعاش جسده توقّف وعُوِّض بخمول تام.  بدى كأنه في الفراغ يحدّق مسودّ الملامح، والواقع أنه بين طيّات شجون الذكريات علق ولم يجد له مخرجاً.


"ويليام!!!"

صيحة كسّرت جمود وقته وأيقظته على باطنٍ أسودِ اللون تحيط فُوّهته أنيابٌ شائكة! 

للاستيعاب لم يكن لديه وقت حتى! فكيف له أن ينجح في التفادي و فاهُ المفترس صار أمامه؟؟


فإذا بأطراف شعر وملابس الأمير المتسمّر مكانه ترجُفُ إثر الرياح العنيفة التي ولّدَتها صخرة ضخمة قُذِفت بجانبه ودخلت حلق الأفعى!!

فحيحها الهدّار ملأ السّاحة أثناء تراجعها في سخط!  في شموخ استقامت ملكة الأفاعي وأطبقت فكّيها مفتّتة الصخرة بين أنيابها أثناء تحديقها بمن قاطعها..


ومن غيره أليكس الذي استلّ خنجره وأمر أميرة كالتريس بجانبه، "سأُلهِيها وأستدرِجها لمكان بعيد، فخذي ويليام وذلك الأبله معك عبر المخرج! "


أيها السحرة! احذروا الفرسانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن