الفصل الخامس والثمانون: حدود عاطفية.

2.7K 312 376
                                    

الغرفة كانت مخزنا قديما تحت الأرض في الماضي، عُدِّلت فصارت مُهيّئة للمكوث فيها. ضوءُها الوحيد لمبة قديمة معلّقة وسط السقف، بضوء لا تكاد تضيء به سوى نفسها كانت مطالبة بإضاءة كل ركن من أركان الغرفة، الشيء الذي فشِلتْ في تحقيقه.

الغرفة لم تحوي سوى كنبة قديمة، عليها أغطية. طاولة متوسطة الحجم، كرسي بجانبها. وخزانة قديمة، بعض الكتب البالية مرصوصة على رفوفها. ثم أرضية قديمة من المعدن البارد، ڤال اختار الجلوس عليها، والاستلقاء برأسه للخلف فوق الكنبة.

طرق خفيف على الباب قاطع انغماسه في أفكاره، والطارق لم ينتظر إذنا، بل دخل عنوة بصحن من الطعام في يده.

إلى من دخلت نظر ڤال، تتبعها تضع الصّحن على الطاولة، ثم ابتسم، "أرى أن طُرُقنا متشابهة، كلانا ننتهي داخل الجماعات المشبوهة في النهاية".

التي كانت أمامه فتاة انطفأت شعلة سنين المراهقة من عينيها، الهم والحزن سكنا تعابير وجهها فغدت تبدو أكبر من عمرها. تفحّصت ڤال من الأسفل للأعلى وأمعنت النظر في حالته، وعندما تأكّدت أن رفيق دربهما المشترك هو الغم والشقاء، جلست على الكنبة بجانبه وشاركته الحديث.

"أتذكُر اسمي؟"، سألته وهي تعلم أنه يريد الكلام، فقد سبق لها وأن عبرت من خلال المرحلة التي يعيشها هو الآن.

"ايليز بالطبع... كيف انتهيتِ هنا؟"

"جئتُ بقدماي، وأنتَ؟"

"جئتُ بقدماي أيضا.."

نظرت إليه ايليز مستغربة، ثم استفسرته أكثر، "أحد الأعضاء من أعطاني عنوان المقر، ذلك لأنهم يجنِّدون اليتامى وضحايا ظلم الطبقات العليا. وجودهم سريّ جدا، فكيف وصلتَ إلى هنا؟".

تنهد ڤال، يمكنه أن يرى أن أعضاء هذه المنظمة لا يثقون به، ولأجل ذلك بعثوا له إيليز، الوحيدة التي على معرفة مسبقة به، وذلك لأجل استنطاقه وجر لسانه. وهو لم يكن لديه ما يخفيه، فلم يتردد بإخبارها كل الحقيقة.

"لا شيء يخفى عن القاطفين، الرئيس امتلك عيونا في كل ركن من المملكة، لقد كنا نعلم عن كل تجمع مشبوه وغير مشبوه استعدادا لغزو نيوسايبورغ... أملك ذاكرة قوية، وفي هذا الرأس معلومات قيِمة أنا مستعد لمشاركتها والبوح بها طالما يتم استعمالها في اغتيال الملك الظالم".

استغرقت ايليز في الصمت بعد كلامه، الذين أرسلوها للحديث إليه قدموا لها حوارا لتتبعه، لكنها قررت الخروج عنه والحديث بما في صدرها من كلمات، "إنهم لا يثقون بك... الجميع يعلم أنك الأخ الأصغر للفارس العظيم، واحد من الأفراد المهمين بالطبقة النبيلة".

أنزل ڤال رأسه، لقد كان غاضبا فيما مضى على كلاي، لكنه الآن بعدما هدأ، لم يعد غاضبا جدا.. فبعد كل شيء عدوّه ليس كلاي، إنما الملك.

أيها السحرة! احذروا الفرسانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن