الفصل السابع والستون: خدم الأمير.

3.5K 343 660
                                    

ثلاثة أيام انقضت، و شمس صباح اليوم الرابع أشرقت وبدفئها تباهت كأنها ليست في سماء الشتاء قابعة. خيوطها الذّهبية طلّت على زهور حديقة المنزل المتألّقة، وسطها مقعد عليه يوداليت جالس.

للزهور حوله عبق حَسَن، وللشجرة الشامخة خلفه ضِلٌّ عن الشّمس يظلّلُه. تارة ما تهب رياح شرقية باردة فتحرّك خصلات شعره، بينما صوت اصطدام الأنصال وضحكاتٍ بجانبه مستمر... ورغم كل ذلك هو يعتبر كل ما سبق هدوءاً موحشا.

إنها أصوات هادئة ولطيفة، والأجواء بأيام هنيئة في أولدروين تذكّره، لكنه يفتقر لأهم شيء...لقدرته على سماع ألحان الحياة.

عالم خال من ألحان الحياة مهما كان صاخبا هو سيعتبره موحش الهدوء ، فلا عجب أن العبوس لم يزل عن وجهه منذ استيقظ.

"تريد القليل؟"

أمام أنظاره ظهرت يدٌ تحمل بين قبضتها شطيرة، و إلى صاحبة هذه اليد نقل يوداليت نظراته مستاءً.

سَحَر بجانبه على المقعد الطويل تملأ فمها بقضمة ضخمة، شطيرة في يدها اليمنى؛ و واحدة أخرى في يُسْراها وهي التي تريد التبرّع بها ليوداليت.

"أرجوكِ اتركيه في حاله، حلقه لازال لم يشفى تماما وإن تدهورت حالته فيا ويلكم واحدا واحدا" ، على مقعد مريح بالخلف براين كان مستلقيا.  خلف نظّاراته الشمسية السوداء يغمض عينيه مستمتعا بالنّسيم العليل... غرضه كان الخروج للاستجمام في الحديقة وما أراد إلا أن ينعم بصباح لطيف في يوم عطلته النادرة. لكن كل مخططاته تخرّبت! والمدانون بتخريبها هم كل ساكنة هذا المنزل!

"لا تريدها إذن؟"، سألت سّحّر فاختار يوداليت أن يتجاهلها ويعود للنظر أمامه. وبالطبع الفتاة لم تكترث وقررت البحث عن شخص آخر لتتصدّقّ عليه، واختيارها لم يقع إلا على الفتاة الجالسة بجانبها،" لينا، تريدين شطيرة ؟"

ومجددا لم تحصل على إجابة، ليس لأنه تم تجاهلها، بل لأن لينا الجالسة بجانبها كانت ميَتَّمة بما تراه أمام عينيها المتلألئتين إعجابا. الفتاة لم تكن ترمش حتى؛ خشية أن تفوّت لحظة.

ولم تكن الوحيدة المركِّزَة ، بل ميلين الواقفة بجانبها كذلك كانت تقف من الحماس. تارة تارة تصفع رأس ڤال بجانبها لتتأكد من أنه يرى ما تراه، "ڤال! ڤال!! انظر إلى قوة أخيك! أوليس مذهلا؟!"

كم ملّ الشاب بجانبها من صفعِها المستمرّ له، حتى أنّها أفسدت عليه متعة المشاهدة، "أجل أجل، واو مذهل..."

مخبّئا الانزعاج في أعماقه كان يسايرها فقط، ساخطا يرى كيف أنها أصبحت معجبة خارقة لأخيه الأكبر وتخلّت عنه هو ببساطة.

إن أمام أنظارهم داخل ساحة التدريب، كلاي و ويليام كانا يُبارِزان بعضهما البعض بسيوف حقيقية.

كلاي طوال الوقت يبتسم فخرا بالتطوّر ملحوظ لتلميذه، بينما ويليام بجدّ يقاتله. يصدٌ هجماته بإتقان ثم يهجم في الوقت المناسب واللحظة المناسبة!

أيها السحرة! احذروا الفرسانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن