الفصل الثمانون: لقاء وفراق.

3K 293 257
                                    

يوداليت كان يعيش أسوأ صباح له منذ فترة طويلة.

على حافة الطاولة أمامه ألصق جبهته، ثم فرق بين شفتيه باعثا تنهيدة يائسة من أعماقه... المدرسة كانت مملة، لكنها صارت جحيما الآن.

لأنه النصف الثاني من السنة الدراسية، ولأن المدرسة تعرضت لانتقاذات لاذعة وخسرت الكثير من طلابها وموظفيها، فقد قرر المدير أنه حان الوقت لبدئ صفحة جديدة. فغيّر النظام والفصول والقوانين، والأهم أنه أعاد توزيع الطلاب بأعداد دقيقة على الأساتذة الذين ما يزالون مخلصين للمدرسة الغربية.

وهذا الجزء الذي يزعج يوداليت كثيرا... يوداليت اعتاد على كاميليا، وكاميليا ما تزال موجودة ولم تغادر المدرسة.. وهنا تكمن المشكلة.

كاميليا موجودة، لكن يوداليت هذه المرة لم يكن واحدا من طلابها. بل ومن سخرية الأقدار، صار طالبا في فصل تحت مسؤولية أكثر أستاذة لا تطيقه، وقد اتّضح مدى كراهيتها المطلقة له أثناء الرحلة المدرسية... ومن غيرها؟ أستاذة اللغة آناليا.

صارت المسؤولة عن فصله، وهذا كان الشيء الذي أثر كثيرا على أدائه الأكاديمي.

سابقا كاميليا كانت تحمي درجاته وتعامله بإنصاف وعدل، تسمع أسبابه وتوبخه بقسوة، لكنها أبدا لاتأخذ الأمور على محمل شخصي.. لكن آناليا العكس، آناليا كأنها وجدت في ملف يوداليت الأكاديمي لوحة زاهية، فأخذت عهدا على نفسها أن تبدع فيه بأصفارها وملاحظاتها السلبية.

وصحيح أن يوداليت لا ينوي فعل شيء بحياته المدرسية، ولا تحقيق مستقبل يشمل التوظيف في عمل قار، ولا البقاء في نيوسايبورغ أصلا، إلا أنه كان يغتاظ!!

تلك النقاط لم يبذل فيها جهدا جبارا، لكنها تبقى نتائجه الشخصية التي بذل فيها مجهودا! قرأ وحمل القلم وشغّل عقله وحرك عضلات يده ليكتب إجابات! من هي لتسلب منه ثمار مجهوده هذا!!

"أنت بخير؟"

صوت قاطع اكتئابه، فرفع رأسه عن الطاولة ونظر لذات الشعر الأزرق الواقفة أمامه... إن الشيء الحسن الوحيد في حياته المدرسية حاليا، هو أن سينا ما تزال في نفس الصف معه.

وكما العادة، استغل فرصة قدومها للتعبير عن مدى إحباطه وكرهه للمدرسة، "أنا في كل شيء حاليا إلا الخير، وكله بسبب تلك السّامة آناليا! الشيء الجيد الوحيد في صفوفها أنها تنتهي!"

استمرت سينا تنظر إليه بنوع من الشفقة، هي تتفهم غضبه، آناليا قسمت كل نقاطه ومعدلاته على النصف دون سبب منطقي. لكن الغريب لي الأمر، أن يوداليت مصر على إبقاء ما تفعله آناليا به سرا عن المدير وعن ماريا!

وما كادت تسأله عن هذا الأمر عساها تحصل هذه المرة على إجابة صريحة منه، عكس المرات السابقة حيث تجاهلها. حتى قاطع حوارهما ارتطام أحدهم بظهر سينا!

أيها السحرة! احذروا الفرسانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن