الفصل الواحد والسبعون: معازيف عفاريت الليل.

2.9K 344 875
                                    

أياكس لم يفهم شيئا في البداية، ماريا كانت معهم داخل المقصورة وكل شيء كان على خير ما يرام، لكن بعد كشفهم لخلوّ الصندوق من المخطوطة، ركضت خارجا فجأة!

دون وعي بأفعاله وجد نفسه يركض خلفها ويتجاهل نداء الساحر، هو يدري أن عليه التعجيل في الاهتمام بمسألة المخطوطة، لكنه لا يستطيع إجبار نفسه على إعطاء الأولوية لشيء غير ماريا حاليا، عقله وجوارحه جميعها ناشدته ليسرع خلفها ويفهم ما خطبها أولا!

كانت تسبقه وكانت أسرع منه، ولن ينكر أنه كاد يزيغ عن مقصده الأساسي بعدما أغوته رشاقتها وتناسق بدنها. تذكّر أيام الماضي وحنّ لأوقاتٍ اعتاد الجلوس ومراقبتها تدير الدّفة وتأمر أعضاء الطاقم، قوتها وصلابتها الظاهرة والباطنة كانت شيئا يستمتع بمراقبته. كل شيء حولها يفقده عقله، قوامها المشقوق، حروف وجهها المنحوتة، شعرها الغجري النحاسي، كل ما يخصها من صفات لا يمكنه عدّها ولا إحصاؤها!

ومن تطلّعه لها مدّ ذراعه وفرد كفّه آملا إمساكها لا لإيقافها عن الرحيل وسؤالها عن معنى ما يحصل، إنما فقط لاحتضانها وإشباع نفسه المشتاقة لها.

وما كاد ينجح بالاقتراب منها، حتى طُبِعت الدهشة على ملامحها جراء ما رآه من تصرّف خطير وشجاع منها! ماريا في الواقع لم تخشى خطر السقوط في الماء! إنما وضعت يدها على حاجز السفينة وقفزت مباشرة للرصيف!

علو السفينة بالأمتار العديدة، ورغم أنها راسية إلا أن المسافة الفاصلة بينها وبين الرصيف ليست بالهينة! وبعد قفزة ماريا فزع أياكس وأسرع لإلقاء نظرة، فوجد الشابة قد انزلقت للأسفل بأمان بمساعدة حبل من الحبال التي كانت تشد السفينة.

"ماريا! إلى أين؟!"

حاول النداء عليها وسؤالها، لكنها تجاهلته تماما فاضطر لترك السفينة أيضا واللحاق بها.

ماريا قصدت مباشرة الزقاق حيث تركت يوداليت، ومن تركيزها لم تنتبه لخروج يوي الذي كان مختبئا في الحقيبة على ظهرها، الرالين الصغير سريعا انسل للخارج ونزل أرضا كأنه استشعر حدوث شيئ خاطئ.

كلاهما ركضا إلى حيث الحاويات التي كان يختبئ يوداليت خلفها. يوي سبقها فانتبهت إليه أخيرا آنذاك، لكنها لم تمتلك الوقت للاهتمام بأمره بسبب تعجّلها في الاطمئنان على يوداليت.

وحالما وصلت الحاويات وألقت نظرة خلفها، خفق قلبها رعبا بعدما لم تجد له أثرا.

'هل انتقل؟؟ لكن...'، كلما تذكرت احتراق القماش يتجمد الدم في عروقها. صارت أمام المجهول، يوداليت لم يخبرها عما يمكن أن يحصل له في موقف كهذا! واختفاؤه يدعم كل النظريات المرعبة التي وضعتها الشابة!

'ماذا لو أن الانتقال فشل فعلق في مكان مجهول؟؟ ماذا لو أنه لم يستطع الانتقال أصلا لكن أحدهم عرفه وألقى القبض عليه؟!'

أيها السحرة! احذروا الفرسانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن