براين لم يلتفت خلف ظهره بعدها، بل شق طريقه ودافعه كان الغضب والامتعاض قبل كل شيء، غاضب من يوداليت الذي اعتقده سيمتلك بعض الرحمة ويرافقه، ليس يدخل المنطقة الملوّثة معه، بل فقط يؤنسه حتى يبلغ نهاية القرية!
هو في الأصل كان مستعدا لمواجهة كل الغابة وحده، كان قد بدأ مغامرته هذه وحيدا وكان على استعداد لإجبار نفسه على السير وحيد الخطى! لكن لقاء يوداليت دمّر هذه الشجاعة الزائفة، فدلّل نفسه بإذاقتها طعم الأنس والرفقة من جديد... ما صار عائقا في طريقه وسبّب له مشكلة الآن، خصوصا أن يوداليت ليس محلا للرفقة والصحبة.
كما كان غاضبا من حقيقة أن المخطوطة متواجدة في منطقة ملوثة بالاشعاع، "قال العجوز أنه سيحفظها في مكان آمن حيث لن تستطيع يد مخلوق الإقتراب منها.. من كان يظن أنه يقصد منطقة إشعاعية!"
كل خطوة له يرافقها تذمر هامس، ومع ذلك لم يغب حذره واستمر يراقب الأطلال على جانبيه. الطبيعي أنه لا يجب أن يكون قادرا على استشعار وجود آخر قريب منه، هذه قدرة لن يمتلكها سوى المعتادون على أرض المعركة، وبراين ليس منهم...
فكيف إذن يستطيع الشعور وبشكل واضح أنه مراقب، وأن هناك شيئا على وشك الخروج ومهاجمته؟؟
"..أنا أهلوس فقط.. هذا السكون يجعلني أهلوس فقط.."
حاول طمأنة نفسه بكل الطرق الممكنة، حتى التقط سمعه صوتا يستحيل أن يخطئه..
صوت لا يخفى عن أحد، وكان كفيلا بجعل شعر جسد براين يقف من الفزع... لقد كان صوت طقطقة وتصادم العظام ببعضها البعض، ومصدره الأطلال أمامه.
استمر الصوت لوهلة فقط، لكن براين تعرّف عليه بسهولة ولم يكذّب أسماعه أبدا.
'كوليبس..'، تراجع للخلف في قلق وحيرة، فإن كان أمام قطيع فأمره منتهي لا محالة، خصوصا أن بعض أنواع الكوليبس يستحيل قتلها دون اتّحاد فارس وساحر معا..
انبعث الصوت مجددا من الأطلال أمامه، لكنه هذه المرّة رأى ظلا يسرع بالانتقال عبر المبنى، ولوهلة خيّل له رؤية ظل آخر مسرع يركض داخل المبنى المحاذي، ثم مبنى آخر...
و أيقن أخيرا أنه في مواجهة قطيع، وأنهم اكتشفوا وجوده بالفعل وهم يعملون الآن على حصاره.. وإشارة بداية هجومهم أن ظهر أول كوليبس من بين شقوق المبنى أمامه..
عظامه بالعفن الأخضر مغطّاة، على قائمتين يمشي منحني الظهر، وتلك كانت إشارة استعداده للهجوم..
وإذا بالقطيع يبدأ بالظهور واحدا تلو الآخر من كل الأطلال المحيطة به.. التراجع أو التقدم خياران أُغلقا في وجهه.
في تلك الأثناء، يوداليت الذي لازال عالقا مع حاسة سمعه لم يكن يعلم عن الورطة التي علق براين فيها، فكان جالسا ومنشغلا بصفع أذنيه أثناء مطالبتهما، "عودا للعمل!! ما الذي يحصل معكما ؟؟"
أنت تقرأ
أيها السحرة! احذروا الفرسان
Fantasyحتى بعدما أغرق الطوفان أرضهم، لم يستسلم البشر و عزموا على إقامة حضارة جديدة ، و حتى بعدما مُسخت الحيوانات، و زَحَفَت جُثَتُ ضحايا الطوفان من أعماق البحر، مبعوثين للحياة من جديد على شكل هياكل عظمية، متلهفين لسفك الدماء و إسقاط الأرواح، إلا أن البشر ل...