الفصل 101: البحث عن المجهول.

4.1K 300 574
                                    

رائحة الحريق سَكَنت هَوَاء المنطقة، والأرض تفحّمَت أسفل مركز العاصفة البرقية، فأشرقت شمس الفجر على رقعةٍ شديدة السواد.

ماريا وقفت فوق ما بقي من القفار المحترق، حتى التراب أصبح كأنه مسحوق فحم. بعض الصخور تفتّتت أجزاءٌ منها بفعل الصواعق، والأشجار القريبة انشطرت جذوعها وخرّت أرضا منهارة.

بعد جولة وسط المناظر السوداء، استقرّت ماريا أمام بقعة لم يمسسها ما مسّ باقي الأرض. لم تُصبها الصواعق بأذاها فلم تحرق الألوان بداخلها، أقلُّها لون الحشائش المُصفرَّة، وأكثرُها لون قرمزي لسائلٍ رفضت الأرض احتساءه، فبقي بركة جافّة فوق العشب وما جاوره من حصى وصخر.

أَنّه دم حقيقةٌ واضحة، ولمن يعودُ حقيقةٌ أوضح. الصواعق أحرقت كل ما بهذه الأرض الخالية، هاجمت كل شيء إلا هذه المنطقة الصغيرة حيث نزف أحدهم نصف الدم في جسده أو لربما أكثر.. وهذا كان يعطي ماريا علما عن هويّة المُصاب، فجلست أرضا، وعلى العشب الأحمر بسطت يدها.

عجيب كيف أنها بهذه اليد مسحت على شعره قبل ثلاثة أيام، والآن هي تتلمس دماءه. كان بخير، كانا معا بخير، فكيف آلت الأمور لنحوٍ فظيع بهذه السّرعة؟ أين أخطأَت...؟

هي تُدرِك أين أخطأت، والخطأ بدأ قبل أن تَطَأ قدمُها وقدمُه نيوسايبورغ. فقامت من جديد، وللأفق نظرت متوعّدة، "خطئي أنني تركت البحر.. ويا ناثيال خطؤك سيكون دخول البحر، فأدعو أن ترتكبه".

في لعبة فوق البرّ هي الخاسرة، فالتفتت صوب المركبة وخطة جديدة بنفس الهدف القديم نُصبَ عينيها، إضافة لزيادةٍ في طولِ لائحة التعذيب في بالها، "جرّ الأحشاء، نزيفٌ قطرة قطرة حتى الموت..".

تمتمت لنفسها وما في خاطرها أسوأ. ثم لمحت من بعيد مركبتي شرطة تصل أخيرا وتصطف حيث تركت زين ومركبته، لم تستعجل في خطواتها، رأت آرسيل يخرج من سيّارة الشرطة قبل الجميع ويركض أولا صوب مركبته، ونفس ردّة الفعل التي تخيّلَتها منه حَصَدَتها.

بينهما مسافة أمتار، لكنها رأت وبوضوح غيظًا وغضبًا يهزان الروح في عينيه، أثناء وضع يديه على كتف زين الغائب عن الوعي بداخل المركبة، كان ينتظر وصولها بحثا عن تفسير ورغبة في التأنيب والتوبيخ ولربما السبّ حتى.

لكنها لم تمنحه اهتماما ولا نظرة أطول من ذلك، بل توجّهت ببصرها صوب كلاوديا التي تنتظرها بيد فوق خصرها وانزعاج بائن على ملامحها.

الحديث مع كلاوديا أفضل لها من تبادل كلام من أي نوع مع آرسيل، أما إيريك، فهو طفل، وجوده ليس مُعتبرا في عينيها، وهؤلاء الثلاثة إضافة لبعض رجال الشرطة هم الوحيدون اللذين لحقوا بها.

أمام كلاوديا وقفت، وقبل أن يبدأ إحداهما الحديث، سبقهما أرسيل، "ما الذي أصابه؟".

لثانية نظرت ماريا إلى آرسيل الممتعض، ثم زين النائم فوق مقعد السياقة، ثم عادت تنظر لآرسيل بجواب بسيط، "غاب عن الوعي".

أيها السحرة! احذروا الفرسانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن