الفصل السادس : دعوة إلى مسكن جديد

4.2K 430 621
                                    

(فصل معدل)


حول يوداليت كان المكان هادئا على غير العادة، الفراش حيث يستلقي مريح وناعم الملمس، يمكنه شم رائحة زكية ومنعشة بوضوح.. لا ألم، مجرّد سلام وسكينة، هكذا كان يشعر قبل أن يبدأ بتحريك جفنيه راغبا بفتح عينيه.

هذه الأجواء الهادئة ليست مألوفة بالنسبة له، لم يعتد على الهدوء بما أن ماريا كل صباح تأتي لركله حتى ينهض للمدرسة، وحتى أيام العطل لا يتلقى إجازة كباقي الخلق ويضطر للنهوض باكرا بسبب ضجيج ماريا.

ولهذه الأسباب رفض الاستسلام لتعبه ورغبته في البقاء وسط سبات عميق، وأجبر نفسه على فتح عينيه.

عانى في البداية بسبب رؤيته الضبابية، واستغرق الأمر دقائق منها قبل أن تتوضح، فكان أول ما رآه سقفا أبيض اللون موشّى بأبهى الزخارف.

'والآن هذا شيء غريب..'، بدأ يتفحّص المكان بعدها بعينيه فاتّضح له أنه مستلقٍ على سرير كبير، ملمسه ناعم والغطاء فوقه من الحرير. ما بالغرفة من أثاث ولوحات بدى ثمينا وراقيا؛

وهو غارق وسط تأمله لما أمامه، أفزعه صوت جاء من جانبه، "استيقظتَ أخيرا؟ "

نظر إلى الجانب الأيمن من السرير بسرعة، فوجد هناك الأمير ويليام جالسا على كرسي، بيده كتاب كان منشغلا بقراءته سابقا.

سادت بينهما لحظة صمت طويلة، ويليام كان مستغربا جدا من النظرات المصدومة ليوداليت، والذي صار شاحب الوجه كأنه رأى شبحا.

وبعد أن استوعب الأصغر أنه ليس في كابوس وأن ما يراه هو الواقع، نهض من استلقائه سريعا وانحاز بجسده إلى الجانب المعاكس مبتعدا أكثر عن الأمير. والارتباك والتوتر كانا واضحين في نبرته، "م- ماذا تفعل هنا!؟"

تفاجأ ويليام من ردة فعل يوداليت برؤيته، فرفع حاجبا ووضع الكتاب جانبا متسائلا، "هذه غرفتي، لما أنت متوتر جدا هكذا؟"

حسنا، الاستيقاظ بغرفة غريبة، وفوق هذا أول ما رآه كان وجه الشخص الذي حاول مرارا وتكرارا الهرب منه وتفادي لقائه.. بالطبع ليوداليت الحق بالفزع!

لكن بمجرد أن بدأت ذاكرته تعمل على عرض مقاطع من الليلة المظلمة التي كاد يؤكل فيها من طرف الوحوش، نسي الموقف الذي هو فيه وسأل قلقا، "ماريا! أين ماريا؟! هل ماريا بخير؟!"

"لا داعي للقلق، إنها بخير. لقد عانت من بعض الكسور والإصابات الداخلية، لكن سحرة الشفاء كانوا قادرين على تسريع شفائها خلال ليلة واحدة، هي الآن ترتاح بالمستشفى "، طمأنه ويليام.

هدأ يوداليت أخيرا بعدما اطمأن على حال ماريا، وبعد لحظة صمت تبادر لذهنه سؤال غريب، فأفصح سريعا عنه بعدما قطب حاجبيه، "مهلا لحظة، لما ماريا في المستشفى وأنا هنا في غرفتك؟ "

أيها السحرة! احذروا الفرسانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن