(فصل معدل)
"تعال، بسرعة تعال... دعني أخبرك عما رأيت! دعني أحدّثك عن تاريخ أجدادنا.
كانوا الأكثر إفسادا في الأرض، بالغوا في إهلاك الأخضر واليابس، عذّبوا وآذوا كل المخلوقات الحية. حكَّامهم نهبوا خيرات البلدان، عم الفساد والظلم وقُهرت الشعوب. شاهدتُ الأمم تقتل بعضها بعضا، دماء تسفك وأرواح بريئة تستشهد... لقد بالغوا كثيرا.
أُنذِروا مرارا وتكرارا.. الحرائق طالت غاباتهم، سنوات القحط والجفاف تعاقبت عليهم. ولو حدث وأن أمطرت، تَغدَق الأمطارُ فتملأ الأنهار، تندفع السيول والفيضانات فيظفرون بكوارث مأساوية.
في آخر زمنهم انتشرت الأوبئة والأمراض، يسقط الناس موتى قبل أن يحظوا بفرصة للعلاج... في الواقع، الأدوية كانت قاتلة مثل المرض.وبدل أن يتوب أجدادنا ويرجعوا للطريق السّوِي، أصرّوا على استئناف فسادهم في الأرض. سقط السّتار عن جهلهم وغبائهم المدقع...
اندلعت الحروب، وفجأة صارت الرّوح البشرية رخيصة جدا، يُقتل الناس وما من أحد يهتم.لكن هل تعلم ما الأكثر غرابة؟
دعني أخبرك عن أكثر ما سيصيبك بالاشمئزاز من أجدادنا.
أضحت بعض الشعوب تقارن آلامها وجروحها بباقي الأمم! "لماذا تبكي؟ نحن مات أفراد منا أكثر مما ماتوا منكم! "، "يا للسخافة! نحن عانينا أكثر لكننا لم نبكي ونقم بالنواح مثلكم!"، "اوه، تمّ تفجير مدينة واحدة عندكم؟ بفف! نحن فُجِّرت خمسة مدن عندنا!".
صارت الشعوب التي انغمست وسط الحرب الدموية لأطول مدة تتفاخر.. وبماذا؟ تتفاخر بضعفها وموت أفرادها.أجدادنا حقا قاموا بالتنقيص من قدر الروح البشرية، والموت قتلا صار خبرا عاديا ليس بالغريب ولا المرعب... وبسبب تلك المقارنات التافهة اشتدت العداوة بين الشعوب.
قامت حروب عميس.. لا يحركها إلا الحقد والكراهية والجهل!تجَبَّر الإنسان وطغى، أفسد ودمر وغض البصر عن التحذيرات اللامتناهية من حوله. إلى أن بلغ السيل الزبى، وآتى أجدادنا العقاب الأعظم.
مذنب ضخم عبر بمحاذاة كوكبنا، ما تسبب في قوة جذب هائلة رَجَّت الأرض رجَّا فانفجرت مياهها، وانقلبت البحار فغطت اليابسة، بينما فتحت أبواب السماء وأنزلت شلالات من سيل مطر منهمر.
المدن الساحلية كانت أول من اختفى تحت مياه البحر، ورغم ذلك فالسكان الذين يعيشون على الساحل شكلوا أكبر نسبة من الناجين، ذلك لأنهم امتلكوا سفنا، ركبوها والمحظوظون منهم استطاعوا شق الموج وتفادي التحطم.فقد أجدادهم كل شيء.. كل شيء. أفراد عائلاتهم، أحباءهم، منازلهم، ممتلكاتهم! لقد فقدوا كل شيء بعد ان انقلبت الارض وأخذت منهم الحياة المريحة التي تمتعوا بها لعصور طويلة.
أنت تقرأ
أيها السحرة! احذروا الفرسان
Fantasyحتى بعدما أغرق الطوفان أرضهم، لم يستسلم البشر و عزموا على إقامة حضارة جديدة ، و حتى بعدما مُسخت الحيوانات، و زَحَفَت جُثَتُ ضحايا الطوفان من أعماق البحر، مبعوثين للحياة من جديد على شكل هياكل عظمية، متلهفين لسفك الدماء و إسقاط الأرواح، إلا أن البشر ل...