الفصل السابع والثمانون: عائلة منكسرة.

3K 332 402
                                    

استيقظ يوداليت صباح اليوم التالي بآلام في سائر جسده، وبالأخص عنقه. ذكرياته مشوّشة، وتذكُّرها كان بدون قيمة أمام سعادته عندما استوعب، "خلدتُ للنوم!!"

ذهنه صافِ، أصفى ما كان عليه طوال الشهور المنصرمة. باله الهادئ ونفسُه المرتاحة تُشعرانه كأنه فوق السّحاب!

خاطره واسع ولا شيء سيُقلِقه أو يلعب بأعصابه في هذه اللحظة، هذا ما استلقى وهو يفكّر فيه ويقهقه، ما أحلى فتور مشاعره!

واحتفاله لم يدم طويلا. ما أن وضع رأسه على الوسادة، حتى هرَعت أحداث البارحة تركض إليه! صنّمته، جمّدت ابتسامة على شفتيه، وصنعت نظرات مصدومة في عينيه.

"...اوه، تبا"

نهض جالسا بسرعة، وحدّق بالفراغ أمامه مخطوف اللون. كأنّ من في ذكرياته لا يمتُّ بصله له، يوداليت كاد يجزم أن الشخص الذي انهار ليلة البارحة أمام جوان وويليام ليس هو! لا يعرفه ولا رابط صلة يجمعهما!

على فاهه وضع يده بعدما عادت إليه ذكريات ما تفوّه به، وساوره الشك فأضحى يتساءل بينه وبين نفسه، "ما الذي قلتُه البارحة؟ هل ثرثرتُ بالأشياء التي لا ينبغي عليّ الحديث حولها؟؟"

وفي خِضمّ صراعه الداخلي مع ذاكرته التي تأبى إعطاءه أجوبة واضحة، سَمع طرقا على الباب، تلاه فتحُ أحدهم له.

دخول ويليام المفاجئ عَقَد لسانه، ومن حسن حظه أنه لم يكن المضطر للحديث أولا. إذ أن الأمير حيّاه تحيّة عابرة، "صباح الخير".

ثم قصد الأريكة، جلس عليها جلسة مُنهكٍ وجد مكانا ليريح جسده أخيرا. يوداليت الذي كان على السرير، لم يكن يستطيع رؤية شيء من الأريكة سوى ظهرها، وشعر ويليام المتدلي على مُتَّكَئها بعدما استلقى برأسه للخلف.

وسمعه الأصغر يزفر نفسا ثقيلا، وزنه قناطير من التعب. شيء ما كان يُقلِق راحته، وذلك ليس غريبا على ويليام، فمنذ عرفه يوداليت، ولحن حياته لا يصل مسامع أحد من توتّره وإفراطه في القلق والتفكير.

وبالتفكير بالأمر، تساءل يوداليت ما إذا كان هذا الفارس أمامه لم يحظى بلحظة من الراحة طوال السنوات المنصرمة، إلا يوم كان موشكا على الموت في الغابة.

'...حسنا، هذا مُتعِب'، حتى التفكير بالأمر أرهق يوداليت، فرمى غطاءه جانبا ونهض يقصد الأريكة.

عندما وقف وجد جفون الأمير مسدولة، لربما كان يُحاول أن ينعم بقسط صغير من النوم، لكن وقوف يوداليت أمامه خرَّبَ عليه الأمر، فاضطر ليترك استراحته لوقت لاحق، وفتح عينيه قليلا.

رمق الأصغرَ بنظرة مُرهقة، ثم سأل بنبرة هادئة، "كيف أصبَحتَ؟"

حتى وهو في عِزِّ تعبه، لازال سيهتمّ بأحوال الغير. وهذه الصفة فيه وجدها يواليت مُتعِبة أيضا، فاختار أن يكون جوابه ما شعر به آنذاك فعلا، "أفضل بكثير منك".

أيها السحرة! احذروا الفرسانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن