أُضيفت مهمة جديدة للائحة مهام روبير، فزاد الضغط عليه وكبُرَت مسؤوليته. ووجد نفسه متصنِّما لا يعرف ماذا يقول أمام بعثة التحقيق من بيانكوسيغلا...
سفينتهم حطّت عند المرفأ الشرقي، ولم ينزل من الطاقم أحد سوى الفريق المبعوث. كانوا ثلاثة أشخاص، الذي يتقدّمهم رجل أربعيني، مثل ملامحه القاسية لم يرى روبير من قبل. بشرته سمراء بعض الشيء، جلده مشدود من قوّة وصلابة كل عضلة في جسده، له شعر بني داكن طويل، على الدرع فوق كتفيه تتموضع بعض خصلاته، بينما الباقي من شعره يتدلى خلف ظهره. شاربه ولحيته قصيران، كذلك خفيفان. كان أول انطباع لروبير عنه، أن هذا الشخص لن يتردد في طعن أحد، سواء أعداءه أو أصدقاءه.
من جنرالات بيانكوسيغلا هذا متوقع، لكن سماع الاشاعات ليس كمثل عيشها واقعًا. كما أن القلق ليس الشعور الوحيد الذي سيطر عليه عند مقابلة البعثة وجها لوجه، المُقت كذلك كان حاضرا، وبقوة.
فما كان روبير ليتراجع أو يُبدي ضعفا، كما أن نجاح خطّة الأمير يعتمد عليه. فلم يتردد في الحديث بصلابة وقوة فارضا هيمنته وسيطرته، ومذكرا أن الأرض أرضه، "أدعى روبير باتريش، أنا فارس من وحدة الدعم لحراس الليل بالعاصمة. سأكون المسؤول عن مرافقتكم خلال مدة إقامتكم بهذه المملكة".
الجنرال أمامه لم ينبس بحرف، لكن نظراته الحادة وحدها كانت كفيلة بزعزعة كيان روبير، رأى فيها انعدام الرضى وأشعرته كأنه تفوّه بشيء خاطئ. وحتى الواقفان خلفه كانا يُشاركانه نفس النظرة! أحدهما أشقر الشعر، يربط خصلتيه الجانبيتين خلف رأسه، ويترك ما تبقّى من شعره القصير متدليا بحرية. حاد الذقن وشاحب البشرة، نظراته أقل حدة وأكثر ميولا للود... ولم يُطل التحديق في روبير بنظرة منزعجة، بل سريعا ما شدّ منظرُ الميناء على مد البصر انتباهه، وبدى كأنه غاب عن هذه المحادثة تماما بعدها.
وعكسه، الكابوس الأسوأ كان نظرات الشاب الآخر على يسار الجنرال. فتي الملامح، صغر سنه بارز من ذلك، لكن نظراته نظرات شخص شهد أهوال الزمان في ضعف عمره، فانطفأ نور الحياة من عينيه مللا منها. نظرة واحدة نحوه، وقد لامس روبير فراغا مُفزعا في عينيه، نظرات الشاب طبّقت على نفسه ثُقلا خانقا، وأخبرته بالحرف الصامت؛ أن هذا الشاب أبيض الشعر يقتُل ما ليس الوحوش فقط، ولا يرف له جفن عند ذلك.
'ما خطب سكان بيانكوسيغلا هؤلاء'، الامتعاض اختفى، روبير صار يُشفق عليهم في الواقع!
"أرى أن نيوسايبورغ لاتزال حذرة كما العادة.."
تحدث الجنرال فجأة، وروبير الذي اعتقده سيأخذ وضعية الصامت لوقت أطول، لم يتفاجأ من نبرته العميقة وصوته المرهب، إنه كما تخيّله تماما..
الجنرال استكثر نظرة منه على روبير، وقد كان يحدق إلى ما خلفه أثناء الحديث إليه، "المكان الذي سنقصده هو العاصمة... هذه ليست العاصمة. لماذا أرسلتم إلينا موقعا خاطئا؟"
أنت تقرأ
أيها السحرة! احذروا الفرسان
Fantasíaحتى بعدما أغرق الطوفان أرضهم، لم يستسلم البشر و عزموا على إقامة حضارة جديدة ، و حتى بعدما مُسخت الحيوانات، و زَحَفَت جُثَتُ ضحايا الطوفان من أعماق البحر، مبعوثين للحياة من جديد على شكل هياكل عظمية، متلهفين لسفك الدماء و إسقاط الأرواح، إلا أن البشر ل...