بعد أن أخذ براين قسطا كافيا من النوم، صار في أفضل مزاجه. بين الأشجار الكثيفة كان يمشي ويثرثر سعيدا، غير آبه بيوداليت الذي يعاني خلفه..
الفتى لم يستطع الخلود للنوم مطلقا رغم تعبه، كما أنه اكتشف أن حاسة سمعه تفشل أحيانا في التقاط بعض الأصوات حتى لو كانت عالية! وتلك عوامل كانت كفيلة بكهربة مزاجه وجعله غائم الوجه.
"ألا ترى هذه الأزهار الملوّنة الجميلة؟ أليست تعبق برائحة زكية ؟ هل علينا قطف باقة؟"
براين كان يستمتع بجولتهما الغير الآمنة في الغابة، وذلك لم يرق يوداليت بالطبع، "هل لنا أن نستمرّ في المشي بسرعة لنبلغ المكان الذي تريده ونخرج من هذه الغابة فقط؟؟"
استياء يوداليت ليس سببه قلة النوم والتعب فقط، بل حقيقة وجوده في هذه الغابة التي لم يعش سوى الذكريات المرة بين أشجارها الفارعة!
وبراين الذي لم يختبر سوى جزءا بسيط مما اختبره يوداليت بعد لقائهما الماحقين البارحة، كان ما يزال رحيب الصدر وطويل النفس لخوض مغامرات أكثر هنا، ما جعل كل كلمة ينطق بها ضربا على أعصاب يوداليت.
"حسنا حسنا لقد اقتربنا..."، تحدث مسايرا الأصغر في لحظة، ثم عاد يثرثر بما لم يكن يحب ذو الشعر الأبيض سماعه في اللحظة التالية، "أليس الأزرق أكثر الألوان رونقا على الزهور؟"
قلب يوداليت عينيه، بينما براين أسهب غير آبه إن كان الأصغر ينصت أصلا، "والدتي كانت تفضل الأزهار الزرقاء، إعتادت أخذي للبستان القريب لقطف بعضها... كنا نقضي وقتا ممتعا!"
كلمات براين أخذت يوداليت على حين غفلة، لم يكن يتوقع سماع شيء كهذا من الأكبر ! فحطّ عليه نظراته وانتبه أخيرا لما استمر براين يتحدث عنه، "زيارة البستان كانت شيئا لابد من القيام به لأيام متعددة في الأسبوع.. لم تكن هنالك حقا الكثير من الأشياء لرؤيتها، لكنه كان مهربا لطيفا من نمط الحياة اليومية. ونشاطنا المفضل أنا وأمي كان التفتيش عن الأزهار الزرقاء... كانت تحب استعمالها لتزيين الحقائب، العلب... أحيانا كانت تضعها بين أوراق الكتب الضخمة لتجفيفها لأجل..."
عن الحديث توقف براين فجأة، لكنه لم يتوقف عن السير. عجزُه عن إتمام جملته أمر لم ينتبه له يوداليت الذي علق كذلك في ذكريات من ماضيه.. اتّضح أن زيارة البساتين مع والدَتيهما هي نقطة تشابه بينهما..
لكن يوداليت عكس براين، لم يبدو مستمتعا بما تحمله تلك الذكريات. حتى قاطعته تنهيدة براين عن التفكير، تلاها صوت مليء بالشوق والحنين، "كم افتقدت ابتسامة وضحكة والدتي~"
صمت ثقيل سكن الأجواء بعد كلماته تلك، فوجد براين نفسه الوحيد الذي يعبّر عن مشاعره وشوقه. ذلك لم يرُقه وأشعره ببعض الإحراج والتوتر، فالتفت إلى يوداليت يبتسم ابتسامة مجاملة، "ماذا عنك؟"
أنت تقرأ
أيها السحرة! احذروا الفرسان
Fantasyحتى بعدما أغرق الطوفان أرضهم، لم يستسلم البشر و عزموا على إقامة حضارة جديدة ، و حتى بعدما مُسخت الحيوانات، و زَحَفَت جُثَتُ ضحايا الطوفان من أعماق البحر، مبعوثين للحياة من جديد على شكل هياكل عظمية، متلهفين لسفك الدماء و إسقاط الأرواح، إلا أن البشر ل...