الفصل الخامس والتسعون: ...ملأ لا يُجير...

3.3K 312 816
                                    

لحظة بدأت الوحوش بالتحليق بعد إطلاق صافرات الإنذار، علم كلاي أن الزمام أُفلِتَ من يده. المعركة ما عادت تدور في مجاله، ودون مساعدة ساحر فالقتال في الجو وإسقاط سرب الوحوش مستحيل..

إلى أن اهتز رصيف الشارع بجانبه، تطايرت الدماء عبر كل المكان رفقة أشلاء وحش سقط من السماء. نظرة واحدة كانت كافية لكلاي حتى يعلم أن المخلوق تعرض لتمزيق بشع وشنيع، ما انتزع الحياة منه فأسقطه.

وقبل أن يتدارك أفكاره ويُدرك ما يحصل، سقط وحش آخر يعوي من الألم، ثم تلاحقته أعداد من الوحوش الهاوية!

كأن السماء جادت بغيث من الوحوش النافقة وقطرات دمائها القرمزية على من لايزالون يكافحون للنجاة على الأرض؛ مطمئنة أفئدتهم بوجود قوة قادرة على سحق سرب الوحوش الطائرة حتى وهي على ارتفاع ساحق.

لكن كلاي لم يشعر كذلك. ما كان لِيَصْعُبَ على الفارس العظيم تسلّق ناطحات السحاب ركضا إلى قممها ثم القفز إلى أعالي السماء ومهاجمة وحش بعد الآخر، يمكنه دائما استعمال أجسادها كركائز للدوس فوقها دون إلقاء بال لاحتمالات الخطر والفشل الكثيرة ما دام ذلك سيُنقذ الناس... لكن ذلك لن يفعل، طريقة القتل هذه لن تُنقذ الناس.. إنما قد تُسقط ضحايا آخرين!

وجود ساحر في المعارك الجوية التي تنشب فوق منطقة سكنية لم يجد معظم العالقين فيها ملجأ للاحتماء بعد، يسمح للفارس بالقتال كما يبتغي ودون قيود. إذ أن الساحر لا يقتصر على دعم الفارس بسحره فقط، بل من مهامه أيضا الحرص على سقوط الأشلاء أو الوحوش الميتة فوق أي مكان إلا رؤوس البشر! أو السيطرة على المجال بين الأرض والسماء وتدمير أي خطر هاوٍ قبل وصوله الأرض...

لكن هذا الذي يُسقط الوحوش لا يبدو أنه يهتم لأمر هذه القاعدة، وذلك ما لا يفهمه كلاي... شخص بمثل هذه القوة الجبارة لا يمكن أن يكون إلا فردا من الفرقة الرئيسية لحماة الليل، وهؤلاء أولويتهم القصوى حماية المدنيين، لا قتل الوحوش!  فمن هذا الذي يرتكب بينهم خطأ فظيعا ومتهورا كهذا؟؟

أثناء تحديقه بالمجزرة القائمة في السماء، سقط وحش اتجاهه! سارع الفارس بتفاديه، قفز للجانب قفزة سريعة فاصطدم الوحش بمكانه سابقا مصدرا صوتا قويا ومتسببا في كسر الأرض وتطاير الحجارة في الأرجاء.

"إن أصاب هذا شخصا سيهرسه.."، من هول المنظر تمتم كلاي محدثا نفسه، ثم التفت وراءه باحثا عن من كانوا يعبرون الحي هربا بأرواحهم إلى الملجأ. اكتشف أن الناس بأعداد متزايدة ما تزال تسلك المعبر في الشارع خلفه، والذي يقوم بتأمينه رجال آليون ضخام عملهم الإرشاد والحماية.

هو يحجب عنهم هجوم الوحوش الأرضية، لكن ماذا عن الوحوش الميتة الساقطة من السماء؟؟

دعا أن يكون الفارس المنهمك في معركة الجو واعيا بما يفعله ولا يهاجم سوى الوحوش في بداية الشارع حيث كلاي. لكن ما أن رفع رأسه بغيةً في التأكد؛ فُجِع بذيل السرب كله يسقط عبر الجو بعد أن تمت إبادته، والفارس بمهارة كان متوجها لرأس السرب، والذي سيحلّق فوق المواطنين بعد وقت وجيز فقط!

أيها السحرة! احذروا الفرسانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن