الفصل المئة: الكَمُّ الذي أُعطِيَ،

7.1K 372 1.2K
                                    

طوال الطريق، لم تنبس كلاوديا بحرف. هذه القضية وضعت حدًا لثرثرتها ومزاجها السعيد معًا، وكلما تذكّرت ما شاهدته في الشريط المسجّل، تودّ لو تقتلع المقود بين يديها من مكانه.

أما كان بإمكانهم أخذه إلى طبيب غير قانوني؟ أما كانوا يستطيعون إحضار طبيب خاص ورشوته لعلاج الفتى؟ أكان هدفهم من علاجه بتلك الطريقة الوحشية، وهو واعٍ طوال الوقت بما يحصل، مساعدته أم تعذيبه؟ 

أخبَرتهم ماريا أنهم يريدونه حيًّا، لكن بعد الذي رأته كلاوديا، فقد ساورها شكٌّ من قُدرة هؤلاء المختطفين على تحقيق ما يريدونه.. هم قد يسعون خلفه حيّا، لكنه على هذه الحالة من الممكن جدا أن يموت بين أيديهم. 

"ناثيال..."

صوت ماريا انتزعها من أفكارها، في المرآة الأمامية نظرت لانعكاس الشابة فلمحتها ما تزال تحمل الهاتف وتشاهد المقطع. بعدما عرضه سام عليهم سابقا، اكتفوا بمشاهدته مرّة واحدة فقط لسببين، أولا؛ لضيق الوقت، وثانيا؛ مرة واحدة كانت كافية لكسر أقسى القلوب وتفجير أخمد براكين الغضب، وفي مثل هذه المواقف الصعبة، السيطرة على الأعصاب وتفتيح الذهن واجب.

فقررت كلاوديا إرسال الشريط لطرفين آخرين فقط، شيولين وزملاءها في قسم الشرطة، هؤلاء وحدهم القادرون على تحليل المشهد بدقّة وتوضيح الأصوات التي غابت أمام علوّ صراخ يوداليت.

غير أن ماريا وبشكل غير متوقّع، أصرّت على امتلاك نسخة من المقطع المسجّل أيضا، مؤكّدة بأنها قد تتعرّف على أحد المجرمين رغم ذكرياتها المشوّشة وغياب وجوههم في المقطع بسبب زاوية التصوير المنحدرة.

وقد أثبتت الشّابة فائدتها لحظة ميّزت أحدهم عبر هيأته فقط، "ذو الجسد النحيف هذا هو نفسه ناثيال الذي أخبرتكم عنه.. جارنا".

الشيء الذي يزعج كلاوديا في موضوع الجيران هذا، أن المشروع السكني الذي تنتمي له ناطحة السحاب حيث تعيش ماريا، مشروع تابع لملكيّة أحد النبلاء. وهذا النبيل لم يكلّف نفسه عناء إصلاح التقنيات الحديثة من مصاعد وكاميرات مراقبة والأقفال الالكترونية فقط، بل جعل فتاة دون خبرة سابقة ترأس إدارة مشروعه! وهي الموظّفة الوحيدة!

فريق كلاوديا حاول بالفعل وضع يده على تسجيلات المراقبة، لكن أغلب الكاميرات كانت معطلة منذ سنين. والأسوأ أنهم عجزوا عن الوصول لسجلات القاطنين الجدد والسابقين، والسبب أن الفتاة لا تعلم عن مكانها لكون كل ما يتعلّق بالقاطنين خارجٌ عن المهام الموكّلة إليها.

وحتى بعد استجواب حارس المشروع وعاملات النظافة، لم يخرج الفريق إلا بمعلومات ناقصة جدا ولا تهمّ قضيّة الاختطاف في شيء. أما الجيران، والذي كان عددهم قليلٌ منذ البداية، رفض معظمهم التعاون والإدلاء بتصريح للشرطة.

بعد توصُّلِها بهذه التقارير المُقلقة من فريقها، فكّرت كلاوديا أن تقصد الجيران بنفسها بعد الانتهاء من التحقيق في المجمّع التجاري. لكن كلام ماريا جعلها تغيّر رأيها، "حسنا، لنقم بتحرير أولئك الثلاثة، ثم سأذهب للقاء ذلك المتحذلق، مالك المشروع السكني".

أيها السحرة! احذروا الفرسانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن