الفصل الثاني والثمانون: مواجهة الملك.

2.4K 291 384
                                    

أمام باب فارع الطول وعريض الإطار، مُزيّن بخطوط من ذهب تتقاطع مشكّلة أبهى الزخارف والأشكال، وقف الأمير ويليام منتصب القامة ومرفوع الرأس. في عينيه نظرة كارهة، والسبب أنه مضطر لدخول هذه الغرفة للمرة السابعة على التوالي في مدة لا تتجاوز يوما ونصف اليوم فقط.

مشكلته ليست مع الغرفة بحدّ ذاتها، مشكلته مع من هو قاعد داخلها. وقد حانت لحظة لقائه من جديد بعدما سمع صوتا من الداخل يأذَنُ له، "يمكنك الدخول".

عندما حاول ويليام فتح الباب، اجتاحته رغبة عارمة في تدميره من الغضب الذي يتلظّى في صدره. لكنه تمالك أعصابه وعصر قبضة يده عساه يخفف من موجة الحنق التي تملّكته... ثم فَتَح الباب ودخل.

للمرة السّابعة منذ عودته إلى مملكته العزيزة، مَثُل مجددا أمام والده الملك. والذي كان كعادته أنيق الملبس ومنظّم الهيئة، خلف مكتبه يجلس منفوخ الصّدر ومتيبّس الملامح.

نفس الهيئة والملامح كل مرة، لو ما كان الشيب يغزوا لحيته وشعره، والتجاعيد تأخذ من نضارة بشرته، لشكّ ويليام أن الزمن لا يمضي داخل هذه الغرفة الكئيبة.

لكن والحقيقة تُقال، أكثر ما يكرهه ويليام في هذه الغرفة ليس إلا ابن الدوق الواقف يمين الملك. والذي كلما تقاطعت نظراته بويليام، يرسم ابتسامة ودودة خالية من كل ما تحمله النوايا الحسنة من معاني.

"لو جئتَ لتتحدّث عن الخطاب مجددا، أو قراري بإعدام الخونة، فسأطلب منك الرحيل"

قاطع الملك بنبرته العميقة أجواء الصمت المشحونة في الغرفة، ما جعل ويليام يوجّه نظرات مكفهرّة نحوه... لقد خاضا معا هذا الحوار بالفعل، ويليام جُنّ جنونه مما فعله والده، ولا زال ساخطا جدا بالطبع... لكنه أيقن أنه لا يفعل شيئا سوى سكب الماء على الرّمل، وأن الحوار في هذا الموضوع عقيم ولن يخرج يوما منه بنتيجة ترضيه...

لكنّه لن ينسحب عن الحديث عنه يوما، إن كان لوكيوس أعمى بصيرة والده ليتّخذ قرارا فظيعا كهذا، فويليام أخذ على نفسه العهد أن يكون الضمير الذي سيؤنّب والده ليل نهار.

"كان هنالك مذنبون... لكن بين من أَمَرت بإعدامهم أطفال أبرياء، نساء وشيوخ ضعاف، رجال قليلوا الحيلة تم تجنيدهم مرغمين..."

كلام ويليام جعل الملك يطلق تنهيدة طويلة ضجرا مما يسمع، وقبل أن يطلب من ويليام الرحيل من جديد، سبقه هذا الأخير معقّبا، "لقد مضى هذا بالفعل، ولا يمكننا تغيير الماضي. قتلُهم خطيئة مُعلّقة حول رقبتك إلى يوم فنائك، وأرى أنك ما زلت تنبش بحثا عن خطايا جديدة."

اخترقت نظرات الملك الغاضبة ويليام، بينما لوكيوس تدخّل سريعا مستنكرا، "من فضلك يا صاحب السمو، التزم بآدآب الحديث وأحسِن انتقاء كلماتك أمام صاحب الجلالة".

أيها السحرة! احذروا الفرسانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن