الفصل الثاني والتسعون: اركض -1-

2.9K 292 427
                                    

"ماذا ستختار؟"، تحدّثت شيولين بعد برهة من الصمت، "تلبي نداء الملك، أم نذهب لتفحّص التجويف الذي ظهر بين الجبال؟"

على مقعد سيارته الفارهة ويليام كان جالسا، إعطاء جواب نهائي على أسئلة شيولين أخذ منه وقتا وجهدا في التفكير. لقد وصل مفترق الطرق أخيرا، حيث ما إن يسلك أحد السبلين، فلن يستطيع العودة أو التراجع. هنا حيث عليه أن يختار شيئا ويتخلى عن الآخر.. والاختيار بحرص يجب أن يتم، لكن الأمير تخلى عن دراسة موقفه وشرد في الفراغ يستذكر أحداث هذا اليوم الصعب.

حرق منزل الأرشيدوقة كان إنذارا بالحرب على العائلة الملكية وداعميها من أثرياء الدولة، وهو خبر ستتستّر عليه الطبقة الحاكمة والمناصب الوزارية خوفا من قيام الفتنة وزعزعة ما بقي من استقرار الدولة، فمن ذا الذي لن يرتاع من انبعاث جماعة إرهابية جديدة من رماد القاطفين لتستأنف حمل راية الانقلاب؟

سلسلة الارهاب هذه كأنها لا تنتهي، وإن خرج أمرها للعلن فحتى لو تم مسح هذه المجموعة الجديدة عن وجه الأرض، فما الذي سيضمن أن أحدهم لن يعود لحمل الراية من جديد؟ خوف الطبقة الحاكمة أن تصبح في صراع ضد فكرة وليس بشر، فالفكرة هي التي لا تموت..

عندما وصلت ويليام أخبار منع والده تغطية الإعلام عن هذه الحادثة تفهم الأمر ووافقه، لكنه لم يتقبّل سرعته في تكليف لوكيوس بجمع فريق وقيادة تحقيق! مهمّة بهذه الأهمية كيف للملك أن يوكِّلها لابن الدوق ويتجاهل ولي العهد!!

لقد بدأ بإقصائه من مهامه الملكية في مقابل إكثاره من إعطاء لوكيوس مهاما أكبر من منصبه، وذلك ليس يؤذي كبريائه كولي عهد فقط، بل يضر علاقته مع العائلات الصديقة للملكيّة ويقلّص حجم السلطة التي كان ينعم بها خلف ظهر والده.

إن لم يأخذه والده على محمل الجد، لا بل وأظهر ذلك للجميع وأكّد بأفعاله تفضيله للوكيوس، فمن ذا الذي سيأخذ ويليام على محمل الجد بعده؟ الكل يركض بحثا عن مصالحه، لو تبيّن للعائلات الثريّة أن لوكيوس أكثر قيمة وأن الملك يأخذه على محمل الجد عكس ابنه الذي من صلبه ودمه، فويليام سيُصبح أضحوكة! مجددا!!

من التفكير بذلك فقط، أسند رأسه بعد أن أصابه صداع شديد، لقد ذاق هذه المرارة يوم فقد قوته فتم إقصاؤه تلقائيا من المجتمع النبيل. كان دائما حاضرا، لكن حضوره لم يكن له وزن، الناس في وجهه يضحكون معه وخلف ظهره عليه.

كافح زمنا طويلا من أجل اكتساب كل القوة الكافية لينجح ويستحق الوقوف في منصب ولي العهد، لأجل شعبه؛ لأنهم بحاجته، لأجل والده؛ لأنه بحاجة لمساند.. ولأجل نفسه، لأنه قبل الجميع بحاجة ماسة لاهتمام عائلته الوحيدة.. لوالده.

وكل هذا ليأتي لوكيوس في النهاية ويستوطن مكانا بجانب الملك! إنه كطفيلية تتغذى وتعيش على الشرخ في الثقة بين الأب والابن... والأسوأ على الاطلاق، أن والده عكسه لا يحاول القيام بمجهود للثقة به... لم يحاول أبدا من قبل.

أيها السحرة! احذروا الفرسانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن